ملفات » الطريف إلى العرش

بعد تأكيد دوره باغتيال خاشقجي.. سيناريوهات لطي صفحة بن سلمان

في 2018/11/21

الخليج أونلاين-

في ظل تصاعد الغضب الدولي من جريمة قتل الإعلامي السعودي جمال خاشقجي، جاء تقرير للمخابرات الأمريكية يثبت ضلوع ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، بشكل مباشر في الجريمة ليضفي المزيد من الجدل حول مستقبله في الحكم.

وبحسب صحيفتي "واشنطن بوست" و"نيويورك تايمز"، فإن وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (سي آي إيه) استنتجت أن ولي العهد السعودي هو من أمر بقتل خاشقجي.

وتدحرجت أحداث قضية خاشقجي وكثرت معها التسريبات والضغط على السعودية بشكل كبير، خاصةً من حليفتها الولايات المتحدة الأمريكية، حتى أقرّت بمقتله داخل القنصلية، مع محاولات لتشكيل رواية أرادت منها إبعاد أي علاقة لولي العهد بجريمة القتل؛ من خلال تقديمها عدة أشخاص أكباش فداء ليتحمّلوا المسؤولية بالكامل.

فالمحاولات الرسمية السعودية المختلفة لتبرئة بن سلمان لم تنجح أو تأخذ طريقها لإسكات العالم، كما سبق أن انتقد الرئيس دونالد ترامب مواقف السعوديين حيال قضية خاشقجي، مع تصاعد الأصوات داخل المؤسسات الأمريكية التي تطالب بعزله وسط تقارير تصفه بـ"المتهور".

كما أكد ترامب، الثلاثاء (20 نوفمبر)، أن "من المحتمل جداً" أن يكون بن سلمان على علم بجريمة قتل خاشقجي.

 سيناريوهات مختلفة

في استطلاع للرأي أجراه "الخليج أونلاين" بعنوان "كيف تتوقعون طي صفحة محمد بن سلمان؟"، توقع 36% أن يتنحى عن ولاية العهد شرط عدم محاكمته، في حين أن 32% توقعوا اجتماع هيئة البيعة لعزله، كما توقع 18% أن يعتذر الملك سلمان وينحي ابنه، و14% أن يتحمل بن سلمان خطأ فريقه ويتنحى.

تحرك الكونغرس ضده

ويأتي هذا الاستطلاع وسط مطالبات من الكونغرس بالتحرك لمحاسبة بن سلمان على جريمته، وهو ما يرجح احتمال لجوء بن سلمان إلى التنحي بشرط نجاته من المحاكمة.

وفي هذا السياق أكّد السيناتور بوب كوركر، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأمريكي، في تغريدة له، ضرورة أن تتحرّك إدارة ترامب لاتخاذ قرار يتعلّق ببن سلمان؛ لكونه هو الذي أعطى الأوامر بالقتل.

في حين قال السيناتور ليندسي غراهام، في مؤتمر صحفي، إنه من المستحيل بالنسبة له أن يعتقد أن بن سلمان لن يُعاقب نتيجة جريمة القتل، وقال: "سوف يحاول ولي العهد أن يدافع عن نفسه".

وأضاف غراهام: "إن السعودية حليف مهمّ، ولكن عندما يتعلّق الأمر ببن سلمان فيمكن القول إنه غير عقلاني، وألحق الكثير من الضرر بالعلاقة بين المملكة وأمريكا، وليس لديّ أي نية للعمل معه مرة أخرى".

وفي ظل هذه المواقف من جانب الكونغرس توقع أسامة أبو رشيد، المحلل المختص بالشأن الأمريكي، أن "يمضي الكونغرس بعقوبات على السعودية ومحمد بن سلمان شخصياً".

كما توقع أبو رشيد في حديثه لـ"الخليج أونلاين" أن يواجه بن سلمان تطوّرات كبيرة تهدّد تطلّعه لأن يكون الملك القادم، خصوصاً في ظل وجود ضغوطات كبيرة من المؤسّسات الأمريكية على ترامب، تشدّد على أن بن سلمان متهوّر ولا يخدم المصالح الأمريكية في المنطقة، وأن هذه العلاقات السعودية-الأمريكية لا يمكن أن تكون مستقرّة من خلال التعامل معه.

 تحرك الأسرة ضده

وفيما يتعلق بسيناريو تحرك هيئة البيعة لعزله، تشير تقارير صحفية عالمية إلى أن بعض أفراد أسرة آل سعود الحاكمة بدؤوا نقاشاً هدفه الحيلولة دون ارتقاء الأمير محمد عرش المملكة.

ووفق مصادر تحدثت لـ"رويتزر" فإن عشرات الأمراء وأبناء العمومة من الفروع ذات النفوذ في أسرة آل سعود، يريدون تغيير ترتيب ولاية العرش لكنهم لا يريدون التحرك في حياة الملك سلمان بن عبد العزيز (82 عاماً).

وتقول المصادر إنهم يتناقشون مع أفراد آخرين من الأسرة الحاكمة في إمكانية أن يتولى الأمير أحمد بن عبد العزيز (76 عاماً) الشقيق الأصغر للملك سلمان وعم ولي العهد العرش بعد وفاة الملك.

وقال أحد المصادر السعودية إن الأمير أحمد شقيق الملك سلمان الوحيد الباقي من السديريين السبعة على قيد الحياة، سيحظى بتأييد أعضاء الأسرة والأجهزة الأمنية وبعض القوى الغربية خصوصاً الولايات المتحدة.

ويقول مصدر سعودي مطلع إن أمراء كثيرين من الدوائر العليا في الأسرة يعتقدون أن تغيير ترتيب الخلافة لن يثير أي مقاومة من أجهزة الأمن والاستخبارات التي يسيطر عليها الأمير محمد بفعل ولائها للأسرة.

وفق أحد المصادر فإنه في حالة وفاة الملك أو عجزه عن الحكم لن تقوم هيئة البيعة تلقائياً بإعلان الأمير محمد ملكاً جديداً على البلاد. وتتألف الهيئة من 34 عضواً يمثلون كل فرع من فروع الأسرة الحاكمة لإضفاء الشرعية على قرارات الخلافة.

وقال واحد من المصادر لـ"رويترز" إن الأمير محمد سيحتاج وهو ولي للعهد لمصادقة الهيئة على توليه عرش المملكة، ورغم أن الهيئة قبلت رغبة الملك سلمان أن يكون الأمير محمد ولياً للعهد، فقد لا تقبل بالضرورة إعلانه ملكاً عند وفاة والده خاصة في ضوء سعيه لتهميش أعضائها.

وكانت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية ذكرت يوم الـ18 من نوفمبر الجاري، أن هيئة البيعة اجتمعت سراً لاختيار "ولي لولي العهد" للمملكة، ليكون خلفاً لولي العهد الحالي، في حال تعرَّض لعقوبات بسبب قضية مقتل خاشقجي.

 لن يتخلى والده عنه

سيناريو تخلي الملك الأب عن ابنه تشير التوقعات إلى عدم حصوله؛ فوفق تقارير أمريكية يقول من قابلوا العاهل السعودي مؤخراً إنه لا يصدق ما يقال عن دور نجله فيما حدث لخاشقجي، ويعتقد أن ثمة مؤامرة على المملكة، لكنهم يضيفون أنه يبدو مهموماً وقلقاً، إذ يدرك العاهل السعودي عواقب صدام كبير مع الولايات المتحدة، واحتمال أن يحاول الكونغرس تجميد الأصول السعودية.

وفي الوقت نفسه يطالب أعضاء في الكونغرس بسن تشريع يعاقب الرياض على جريمة القتل، كما حث أعضاء في مجلس الشيوخ من الجمهوريين والديمقراطيين الرئيس دونالد ترامب على التشدد إزاء بن سلمان.

لكن الملك سلمان أظهر خلال خطاب في مجلس الشورى له يوم الاثنين 19 نوفمبر، دعماً علنياً عندما أشاد بالإصلاحات التي يقودها نجله، الأمر الذي يرجح أنه لن يتخلى عنه بسهولة على الأقل.

كما كلفه والده بإعادة هيكلة جهاز الاستخبارات السعودي المتورط نائب رئيسه أحمد عسيري بجريمة قتل خاشقجي، ضمن القرارات التي أصدرها لمحاكمة القتلة، في خطوة تعكس اهتمام الأب بتبرئة ساحة نجله الذي تؤكد التقارير الاستخباراتية الدولية مسؤوليته عن الجريمة.

-سيمضي حتى النهاية

ويمكن الاستنتاج من خلال تصرفات محمد بن سلمان خلال السنة الأولى من عمر توليه ولاية العهد، أنه لن يتحمل كشخص مسؤولية قيام المقربين منه بارتكاب الجريمة التي أغضبت العالم وسيتحرك للتضحية بهم، في محاولة للنجاة.

وسبق أن كرر بن سلمان في أكثر من مناسبة أن لا شيء سيوقفه سوى الموت، كما خاض معركة حامية الوطيس مع عدد من أبناء عمومته الذين يمثلون عائقاً أمام وصوله لعرش البلاد، وقد اعتقل عدداً منهم ضمن عشرات الأمراء والوزراء الذين يتهمهم بالفساد.

وبكل السيناريوهات المتوقعة، تبدو مسألة إبعاد بن سلمان عن ولاية العهد أمراً مفروغاً منه، وسط اتجاه دول العالم لمعاقبة بلاده، والضغط للاعتراف بمن أمر من الجهات العليا بالجريمة.