الخليج اونلاين-
بعد أن ضاق الخناق على ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وتجمعت كل الأدلة الجنائية التي تثبت تورطه في قتل الصحفي المعارض جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول التركية، وانتهاء تحقيق وكالة الاستخبارات الأمريكية حوله، لاح في الأفق كبش فداء جديد تستعد السلطات السعودية لتقديمه.
ويدور الحديث هذه المرة عن خالد بن سلمان الأخ الشقيق لولي العهد، وسفير السعودية في الولايات المتحدة الأمريكية، الذي برز اسمه في صحف عالمية بأنه حاول استدراج خاشقجي إلى قنصلية بلاده في إسطنبول، وقدم له تطمينات وتأكيدات بأن الأمر سيكون آمناً.
ويأتي اتهام السفير السعودي في واشنطن، بالتزامن مع ما كشفه موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، الثلاثاء (20 نوفمبر)، عن تسليم وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، ولي عهد السعودية خطّة خريطة طريق تُرشده وتُنقذه من تداعيات قتل خاشقجي.
وتوصي الخطة الأمريكية الجديدة باتهام عضو بريء من عائلة آل سعود الحاكمة في البلاد بمقتل خاشقجي، لتبرئة من هم في أعلى هرم السلطة.
ويبدو أن ملامح خريطة الطريق الأمريكية لبن سلمان بدأت تظهر مع تصدير شخصية شقيقه الأمير خالد على أنه على علاقة من البداية بمقتل خاشقجي، وهو ما يعني تقديمه ككبش فداء في القضية، وإزاحة التهم عنه.
ويظهر هنا أن بن سلمان بالفعل لجأ لخطة الخارجية الأمريكية، التي نصحته بعدم اللجوء لاتهام أحد من أبناء العائلة المالكة، إلا إذا أصبح الضغط عليه أكثر ممَّا يمكن أن يتحمله.
ولم يتردد بن سلمان سريعاً في الانصياع لهذه الخطة، خاصةً بعد كشف "واشنطن بوست"، الجمعة، عن مصادر مطّلعة لم تسمّها، أن وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية خلصت إلى أنه هو من أمر بقتل خاشقجي.
ويعيش بن سلمان هذه الأوقات تحت موجة ضغط غير مسبوقة منذ صعوده لولاية العهد، ولم يعرف بعد إن كانت النصيحة الأمريكية ستنجع في إنقاذه من خلال شقيقه، الذي دافع عن نفسه باستماته غير معهودة، أم سيكون مصيرها الفشل.
ورطة الأخ
ولم يتوقف الأمير خالد عن الدفاع عن نفسه بعد اتهام الاستخبارات الأمريكية له باستدراج خاشقجي، حين كان يقيم في واشنطن، إلى قنصلية بلاده في إسطنبول في أواخر 2017، وتقديم تطمينات له.
كما لم يترك الأمير خالد تلك التأكيدات، وخرج عبر حسابه في "تويتر" يوم 17 نوفمبر ليقول: "للأسف لم تنشر صحيفة الواشنطن بوست ردّنا بالكامل، وهذه تهمة خطيرة ويجب ألَّا تُترك لمصادر غير معروفة".
وقال بعد التقرير الذي يعرض معلومات دقيقة عن تحركاته في واشنطن واتصاله بخاشقجي: "التقيت به مرة واحدة شخصياً، في أواخر شهر سبتمبر من عام 2017، من أجل مناقشة ودّية، وقد تواصلنا عبر رسائل نصّية بعد المقابلة، وكانت آخر رسالة أرسلت إليه بتاريخ 26 أكتوبر 2017، ولم يتم نقاش أي أمر يتعلّق بالذهاب إلى تركيا مع جمال".
وتابع الأمير خالد بن سلمان دفاعه عن نفسه بالقول في تغريدة ثانية: "كما قلنا لصحيفة واشنطن بوست؛ كان آخر اتصال لي مع السيد خاشقجي عبر النص في 26 أكتوبر 2017. لم أتحدّث معه عن طريق الهاتف ولم أقترح أبداً أن يذهب إلى تركيا لأي سبب من الأسباب. وأطلب من الحكومة الأمريكية أن تُفرج عن أي معلومات تتعلّق بهذه المطالبة".
ومنذ بداية إقرار السعودية بقتل خاشقجي داخل قنصليتها، استخدم الديوان الملكي أسلوب المراوغة لإبعاد التهم عن ولي العهد، من خلال الدفع بنائب رئيس الاستخبارات العامة، المقرّب من بن سلمان، اللواء أحمد عسيري كـ"كبش فداء"، وإقالته وتحميله المسؤولية عن التخطيط والتنفيذ.
كذلك لم يكن العسيري وحده الذي تم تقديمه للدفاع عن ولي العهد، حيث تم الاستغناء عن المستشار الأكثر قرباً من بن سلمان في الديوان الملكي، سعود القحطاني، بتهم الإعداد لعملية القتل، وإعلان النيابة طلبها إعدام 5 متهمين (لم تتضح هويتهم).
ولم تسعف خطوة بن سلمان بالاستغناء عن أبرز رجاله في تخفيف الضغط العالمي عليه، وإبعاد التهم عنه؛ لذا من المرجح انتقاله إلى الخطوة الثانية، وهي الاستغناء عن شقيقه الأمير خالد.