ملفات » الطريف إلى العرش

توقعات 2019.. صدام دولي في سوريا ووصمة خاشقجي تلاحق بن سلمان

في 2018/12/06

ستراتفور-

نشر مركز "ستراتقور" الاستخباراتي الأمريكي تقريره السنوي حول الاتجاهات السياسية المتوقعة خلال عام 2019، وأفرد فصلا خاصا لأبرز التوقعات الخاصة بالأحداث والقضايا السياسية في الشرق الأوسط، وفيما يلي ينشر "الخليج الجديد" أهم ما جاء في تقرير المركز الأمريكي حول منطقة الشرق الأوسط.

إيران تحت الحصار

ووفقا لـ"ستراتفور"، سوف تضر حملة العقوبات التي تقودها الولايات المتحدة بإيران، لكنها لن تؤدي إلى انهيار الحكومة الإيرانية، حتى في الوقت الذي يعاني فيه اقتصاد البلاد. ومن خلال زيادة العقوبات، تأمل الولايات المتحدة في إرغام إيران على العودة إلى طاولة المفاوضات. لكن لذلك لن تجدي؛ حيث سيتجاوز الفرقاء في إيران خلافاتهم وسيعطوا الأولوية لاستقرار النظام. وعلاوة على ذلك، ستزيد العقوبات من حدة الاضطرابات الشعبية، التي تعزز رأس المال السياسي للمحافظين والمتشددين ضد إدارة الرئيس المعتدل "حسن روحاني". وفوق ذلك، سيتم تمكين أجهزة الاستخبارات والأمن الإيرانية الحازمة تحت ذريعة الحاجة إلى تعميق استراتيجية إيران الدفاعية في مواجهة الضغط المتزايد.

وستفعل إيران ما في وسعها للانتقام من المعتدين عليها، لكنها ستمتنع عن الرد العسكري التقليدي في الوقت الراهن.

وستحاول طهران الانتقام بالتحرش بالسفن الأمريكية وسفن حلفاء واشنطن في دول الخليج العربي، وإجراء اختبارات الصواريخ الباليستية أو استئناف أنشطتها النووية، لكنها لن تفعل ذلك إلا عند الضرورة القصوى. وبدلا من ذلك، ستستخدم طهران على نحو أكثر سهولة الحرب الإلكترونية، أو العمليات السرية، أو وكلاءها الإقليميين الرئيسيين للرد على الولايات المتحدة و(إسرائيل) ودول الخليج. وتريد إيران تجنب إثارة ضربة عسكرية تقليدية ضدها، لكن مع تراجع الدعم السياسي من الاتحاد الأوروبي خلال عام 2019، واستبدال الضمانات الاقتصادية لصالح الخطابة السياسية الفارغة، ستكون طهران أكثر استعدادا للانخراط في إجراءات انتقامية أكثر حدة.

واشنطن تعزز حلفاءها

وفي سعيها لتنفيذ استراتيجيتها الإقليمية، والتي تدور حول احتواء إيران، سوف تتكئ الولايات المتحدة على مجموعتين من الحلفاء الذين لديهم أهداف متشابهة؛ المجموعة الأولى تضم الحلفاء الأكثر اهتماما بإيران، والمستعدين لتبني سياسات معادية ضدها، وهم (إسرائيل) والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وتحاول هذه البلدان التغلب بسرعة على عقود من انعدام الثقة والصراع وتجميع جهودها لتحسين التنسيق ضد طهران في الفضاء الإلكتروني، وحتى عسكريا.

أما المجموعة الثانية من الحلفاء، وهي الكويت وعمان وقطر، فهم يحملون رغبة أقل في اتخاذ موقف صارم تجاه إيران. ويمكن لهذه الدول توفير قيمة استراتيجية ودبلوماسية واقتصادية للولايات المتحدة في بعض النزاعات والأزمات الإقليمية. وقد يؤدي تحسن العلاقات مع واشنطن إلى الحد من شدة الحصار في قطر، لكن الصراع الأساسي بين أعضاء مجلس التعاون الخليجي سوف يستمر.

 السعودية.. وصمة "خاشقجي" تلاحق آل سعود

وسوف يتعين على السعودية إدارة المخاوف المتزايدة بشأن ولي العهد "محمد بن سلمان" طوال عام 2019، وفي أعقاب مقتل الصحفي السعودي المنفي "جمال خاشقجي"، سوف تخضع تصرفات ولي العهد لتدقيق دولي متزايد. وعلى الرغم من أن وضعه لا يزال راسخا في النظام الملكي السعودي، إلا أن موقف ولي العهد المهيمن لا يزال يعتمد على دعم والده الملك "سلمان"، وستستمر المقاومة الهادئة في التصاعد داخل العائلة المالكة. وسيحد بعض الحلفاء الرئيسيين للرياض من الدعم العسكري والاستثمار الأجنبي المباشر إلى السعودية، لكن من غير المرجح أن تتغير العلاقات الحاسمة.

وستواصل الرياض تعزيز أهداف "رؤية 2030" خلال العام المقبل، لكنها ستخفف إجراءات التقشف استجابة للعلامات الاقتصادية الإيجابية، مثل ارتفاع أسعار النفط عام 2018، ووجود فرصة للتعويض عن انخفاض صادرات النفط الإيرانية. ويعني هذا أن المملكة يمكنها تجنب إجراء تغييرات هيكلية قاسية على الاقتصاد السعودي، وخاصة في أسواق العمل. وسوف تتسبب الشكاوى من السكن والمرتبات ونوعية الحياة في إجبار الدولة على استخدام مالها لتمويل المعونات وتجنب النقد.

سوريا.. صراع بين القوى الكبرى

في المراحل الأخيرة من الحرب الأهلية السورية، تتنافس 5 قوى رئيسية، هي تركيا وروسيا وإيران والولايات المتحدة و(إسرائيل)، على النفوذ والسيطرة. وتدعم موسكو وطهران الرئيس السوري "بشار الأسد" بشدة، لكنهما يختلفان ليس فقط في مستويات الدعم التي يقدمونها، ولكن أيضا في أهدافهما العامة. ولقد استخدمت روسيا الصراع السوري لتوسيع وجودها في الشرق الأوسط، وسوف توفر الحماية لمكاسبها، على الرغم من أن موسكو لديها رغبة ضئيلة في صراع مفتوح مع تركيا والولايات المتحدة و(إسرائيل). ومن ناحية أخرى، ستكون إيران أكثر عدوانية في دعمها لدمشق، خاصة في معارضة أنقرة وواشنطن. كما ستواصل طهران بناء قواتها داخل سوريا كرادع لـ(إسرائيل) وكوسيلة لدعم "حزب الله"، حليفها القوي في لبنان القريب، وستحاول (إسرائيل) إحباط خطط إيران، لكنها تشعر بقلق بالغ من نشوب صراع غير مقصود مع روسيا.

ولا تزال تركيا والولايات المتحدة يعارضان حكم "الأسد"، لكن على الرغم من كونهما حلفاء في "الناتو"، فإن كلا منهما سيلاحق أجندته الخاصة في سوريا، وتركز الولايات المتحدة على القضاء على بقايا "الدولة الإسلامية" في البلاد، على الرغم من أن واشنطن تسعى على نطاق أوسع إلى إزالة النفوذ الإيراني من سوريا كجزء من استراتيجيتها المناهضة لإيران. ويخلق تحدي إيران في سوريا توترا بين الولايات المتحدة وروسيا، حيث لا تستطيع موسكو التخلي تماما عن إيران. وعلى الرغم من الجهود المبذولة لإزالة الشقوق، فإن احتمال وقوع صدام عسكري محدود بين أمريكا وروسيا يعد أمرا ممكنا.

من جانبها، ستواصل تركيا تركيزها على احتواء القوات الكردية في سوريا. وهذه مشكلة بالنسبة للولايات المتحدة، التي تستخدم وحدات حماية الشعب الكردية، وهي جماعة تعتبرها أنقرة منظمة إرهابية، كحليف ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" وضد وكلاء إيران. وفي الشمال الغربي لسوريا، يمكن لتعهد تركيا بحماية محافظة إدلب أن يخدم مصداقية أنقرة كشريك محلي، لكن هدف دمشق المعلن هو استعادة السيطرة الكاملة. وقد تصبح إدلب نقطة اشتعال بين تركيا وإيران والقوى الموالية للنظام السوري باستثناء روسيا، وبالنظر إلى المصالح المتعارضة في سوريا، فإن احتمال التصعيد العرضي أو حتى المواجهة بين الدول في عام 2019 أعلى من أي وقت مضى، على الرغم من أن كل قوة ستتخذ خطوات لتجنب ذلك.

تركيا.. "أردوغان" يركز على الاقتصاد

وسيكون أكبر تحد يواجه تركيا في عام 2019 هو اقتصادها المتعثر. وفضلا عن إدارة التضخم القياسي، سيتعين على الرئيس "رجب طيب أردوغان" أن يتعامل مع مشروع قانون خاص بمشروع ديون الشركات يساوي تقريبا ربع الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، مع تجنب أزمة أخرى في الليرة. وسيكون "أردوغان" مضطرا سياسيا لتوسيع قاعدة دعمه قبل الانتخابات المحلية في الربيع، متشبثا بالأتراك المؤثرين ماليا من جميع أنحاء الطيف الانتخابي، وبعضهم تضرر من سياسات الرئيس القومية.

ويضعف اقتصاد تركيا الهش موقف أنقرة فيما يتعلق بالتعامل مع الشركاء الرئيسيين في الغرب. وتتوتر العلاقة بين الولايات المتحدة وتركيا بشكل متزايد، ويرجع ذلك جزئيا إلى علاقات أنقرة المتنامية مع روسيا، ودعم واشنطن لـ"وحدات حماية الشعب" في سوريا.

وبسبب ضعفها أمام الضغوط الاقتصادية الأمريكية، ستحاول تركيا دعم الاستثمار الأجنبي والحفاظ على علاقات اقتصادية مستقرة مع أوروبا. ومع ذلك، فإن العلاقة التاريخية المعقدة بين تركيا والاتحاد الأوروبي ستعقد ذلك الجهد. وإلى جانب السعي لجلب الاستقرار الاقتصادي، ستواصل أنقرة التركيز على سياساتها الأساسية، بما في ذلك احتواء الحركات الكردية المتمتعة بالحكم الذاتي في المجالات العثمانية السابقة وستقوم أنقرة بممارسة كل نفوذ ممكن في شمال سوريا، وستواصل الضربات العسكرية ضد مواقع حزب العمال الكردستاني شمال العراق.