ملفات » الطريف إلى العرش

الدائرة الداخلية لبن سلمان عرضة لتغيير شامل

في 2018/12/14

فايننشال تايمز- ترجمة علي النجار -

في القلب من  ولي العهد "محمد بن سلمان"، الحاكم الفعلي الذي يمتلك السلطة المطلقة، توجد زمرة  من المقربين الموثوقين الذين لديهم نفوذ استثنائي، يناقض مناصبهم العامة.

ولكن مع قيام الملك "سلمان"، والد ولي العهد، بإعادة تأكيد نفسه في محاولة لاحتواء الأزمة الناجمة عن مقتل "جمال خاشقجي"، فإن هذه المجموعة هي الأكثر عرضة لأي تغيير شامل أو تعديل جذري في هياكل السلطة في الديوان الملكي.

فقد تمت إقالة شخصية مركزية في الدائرة الداخلية لولي العهد من منصبه، وهو "سعود القحطاني"، وذلك بعد تورطه في العملية التي أدت إلى القتل البشع لـ"خاشقجي" في 2 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

والسؤال المطروح الآن، هو ما إذا كان آخرون، سوف يتم التخلص منهم (تطهيرهم)، في حين تحاول الرياض تبرئة وريث العرش البالغ من العمر 33 عاما من تحمل المسؤولية، أو أي لوم لمقتل "خاشقجي"، بينما يريدون أن ينظر إليهم على أنهم يتخذون تدابير لمعالجة الثغرات (العيوب) في نظام يزداد مركزية.

وقال شخص على اطلاع بمحادثات الملك الأخيرة، إن "الملك سلمان، غاضب جدا لما حدث مع خاشقجي"، مضيفا أن الملك المسن يريد القيام بمزيد من التغييرات في بطانة نجله المفضل.

منذ عام 2015، تراجعت كل القضايا الاقتصادية والأمنية الرئيسية، تحت تأثير المجالس المشكلة حديثا  برئاسة ولي العهد التي استولت على المسؤولية في المؤسسات الحيوية، بما في ذلك "أرامكو" السعودية، وصندوق الاستثمار العام، وصندوق الثروة السيادي.

وفي مرتبة أدنى، نمت عدة طبقات متداخلة من النفوذ، لكنهم عرضة لخطر إعادة الترتيب من قبل الملك.

وقال سعودي آخر على دراية بشؤون الديوان الملكي السعودي، إن التغييرات المتوقعة تشمل وسائل الإعلام، والمهام السياسية التي كان يشغلها السيد "القحطاني" سابقا، التي سيتم تقاسمها بين عدة مسؤولين آخرين.

وأضاف، أن من المرجح أن يتم حل مركز الدراسات والشؤون الإعلامية، الذي كان يديره "القحطاني"، والذي اعتاد من خلاله السيطرة على رسائل الرياض وتشكيلها.

يقول خبراء  ومراقبون سعوديون، إنه  إلى جانب "القحطاني"، في زمرة المقربين التي تتمتع بالقوة، يأتي صديقه المقرب، "تركي آل الشيخ"، وهو مستشار ملكي ورئيس هيئة الرياضة.

ويعتبر "القحطاني" و"آل الشيخ"، أقرب مساعدي ولي العهد، وقد قاما بدور بارز في تنفيذ أوامره، وكانا في الطليعة من حملة استهدفت الناشطين، والمدونين، ورجال الدين، ورجال الأعمال الذين يتم اعتبارهم من منتقدي الحكومة.

وقال خبير في السياسة الاقتصادية السعودية إنه "على الرغم من افتقاره للمعرفة الاقتصادية، فإن سعود القحطاني كان رئيسا لخبراء مثل (المستشار الاقتصادي) محمد الشيخ، لا سيما  في القرارات التي لها أبعاد سياسية، وتؤثر على الجمهور مثل خفض الدعم أو استعادة الحوافز والبدلات".

وقال شخص آخر: "الجميع لديه حذر مع تلك المجموعة، حتى لو كانوا من المعتدلين منهم، لأنهم يملكون نفوذا أو تأثيرا استثنائيا، والبعض الآخر قد يكونون خطريين".

وفي علامة على أن التغييرات بدأت بالفعل، وافق الملك "سلمان"، الذي قاد صعود نجله إلى السلطة، الشهر الماضي على إنشاء مركز جديد للاتصال والتبادل المعرفي، يهدف لمتابعة القضايا والظواهر التي تؤثر على صورة المملكة، وتحليلها وتقديم اقتراحات للتعامل معها، وذلك وفقا لقرار ملكي.

وقال شخص مطلع على شؤون الديوان الملكي، إن هناك تغييرا آخر متوقعا، وهو إحياء (إعادة تفعيل) منصب مستشار الأمن القومي، وكان هذا المنصب قد تم إلغاؤه بعد فترة وجيزة من تولي الملك "سلمان" العرش في عام 2015، ويعتقد أن الأمير "خالد بن سلمان"، الأخ الأصغر  لولي العهد سفير الرياض في واشنطن، هو المرشح الأول لهذا المنصب.

وقال المصدر المطلع إن الخطط لا تزال قيد المناقشة ويمكن أن تتغير.

مسؤولون في مجموعة ثانية من المساعدين لديهم قدم في الحكومة والديوان الملكي، وتشمل هذه المجموعة، "محمد آل الشيخ"، وهو وزير دولة  يعتقد  كثيرون أنه سوف يكون المستشار الاقتصادي الرئيسي للأمير "محمد"، و"ياسر الرميان"، المدير المنتدب لصندوق الاستثمارات العامة والمصرفي الخاص لولي العهد، و"أحمد الخطيب"، الذي تولى لفترة وجيزة منصب وزير الصحة، ويترأس حاليا الشركة السعودية للصناعات العسكرية،  وشركة دفاعية أنشأها  الصندوق.

وفي علامة على الثقة التي وضعها الأمير في الثلاثي، فإنهم جميعا يجلسون في اللجنة التنفيذية المشكلة من 6 أعضاء في صندوق الاستثمارات العامة برئاسة ولي العهد.

وتضم مجموعة ثالثة من مستشاري الأمير "محمد"، تكنوقراطا متمرسين مثل "خالد الفالح"، و"محمد الجدعان"، و"عادل الجبير"، وزراء الطاقة والمالية والخارجية، وهم الوجه العالم للسياسات الداخلية والخارجية للأمير الشاب.

لكن على الرغم من خبرتهم، وكونهم شخصيات رفيعة المستوى، قال شخص آخر مطلع على شؤون الديوان الملكي، إنهم "ليسوا ضمن المحادثات الداخلية"، فعلى سبيل المثال، عندما شن الأمير "محمد" حملة ضد الفساد، كان بعض الوزراء غير مدركين لما حدث للمحتجزين على حد قول الشخص المطلع.

وترك التوقع بإجراء تعديل وشيك كبار المستشارين والمسؤولين يتصارعون لتثبيت نفوذهم وتفادي منافسيهم في الديوان الملكي.

وقال مسؤول سابق: "بغض النظر عن مدى أهليتهم، وكثير منهم مؤهلون، فإنهم دائما ينخرطون في ألعاب سياسية تتجاوز قدراتهم".