ملفات » الطريف إلى العرش

العاهل السعودي يُخرج "الجميع" من الحصانة.. ماذا عن ابنه؟

في 2018/12/21

الخليج أونلاين-

تتوارد التقارير التي تُثبت تورط ولي عهد السعودية، محمد بن سلمان، في قضية قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، لكن الأمير الثري ما زال محمياً برضا الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الذي يدافع عنه زحفاً وراء مصالحه.

وتصاعدت مطالبات رسمية وشعبية دولية بمحاكمة بن سلمان؛ على أثر تورطه بقتل خاشقجي، قبل شهرين، بقنصلية الرياض في إسطنبول، كان أبرزها حديث عائلة الصحفي السعودي عن بدء التحرك لرفع دعوى قضائية ضد ولي عهد السعودية.

وفي ظل الغضب المتواصل من جراء مماطلة السعودية وتعاملها مع القضية التي شغلت العالم بأسره، خرج العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، للحديث عن أنه لا محميّ بالحصانة في المملكة.

نشرت صحيفة "عكاظ" السعودية فيديو للملك سلمان؛ يقول فيه إنه لا توجد حصانة لأحد ضد الأنظمة والشرع، موضّحة أن المقطع نشره المدير الخاص لمكتب ولي العهد، بدر العساكر، عبر حسابه في "تويتر"، يوم الخميس (20 ديسمبر).

وجاء في حديث الملك السعودي خلال جلسة إعلان الميزانية العامة للدولة، قبل أيام: "الدولة قامت على العقيدة الإسلامية، قامت على العدل بين جميع رعاياها. لا يوجد أي أحد عنده حصانة ضد الأنظمة وضد الشرع".

الأمير المتورّط بالجريمة

مغرّدون عبر مواقع التواصل الاجتماعي ربطوا بين تصريحات الملك وبين جريمة مقتل خاشقجي، التي تورط فيها 18 سعودياً تحرّكوا بتوجيهات من مسؤولين مقربين من ولي العهد، في حين تساءل آخرون: "ماذا عن ابنه؟".

سؤال المغردين حمل في مضمونه استفهامات حول الإجراءات العقابية ضد مرتبكي الجريمة والمسؤول عن توجيههم، والذين اكتفت المملكة باعتقال 18 شخصاً منهم، وإقالة شخصيتين مقرّبتين من بن سلمان، وما زالا يتحرّكان بحرية داخل المملكة.

وقبل الولوج في التهم التي تلاحق بن سلمان، لا بد من الإشارة إلى أن الحصانة القضائية تهدف إلى حماية العمل ومن يقوم به من سلطان أي سُلطة أخرى، وبالنسبة إلى السعودية فقد صدر عن مجلس الوزراء نظام خاص بمحاكمة الوزراء والتحقيق معهم، عام 1962، ولم يُحدَّث منذ ذلك التاريخ.

وتنص المادة 46 من قانون الحكم في السعودية على أن "القضاء سلطة مستقلّة، ولا سلطان على القضاة في قضائهم لغير سلطان الشريعة الإسلامية"، وهو ما يراه مراقبون متنافياً مع سياسات بن سلمان ورجاله، والتي برزت خلال السنوات القليلة الماضية.

وفي خضم الأصوات –الغربية خاصة- المطالِبة بمحاكمة بن سلمان، كانت الفرصة الأنسب لتحقيق ذلك عندما زار الأرجنتين مطلع الشهر الجاري، إذ قالت صحيفة "غارديان" البريطانية إن الشرطة الدولية "إنتربول" تستطيع القبض عليه.

واللجوء إلى الشرطة الدولية جاء في محاولة لإخضاع بن سلمان للمساءلة، نتيجة عدم تعاطي الرياض مع نتائج التحقيقات التركية والتقارير الاستخبارية الأمريكية بشأن تورط ولي العهد في الجريمة.

ومنتصف نوفمبر الماضي، كشفت "واشنطن بوست" أن وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية (CIA) خلصت إلى أن محمد بن سلمان هو من أمر بقتل خاشقجي، وذلك استناداً إلى معلومات استخبارية مختلفة.

وتلك الخطوة التي كانت جريئة جداً في ملف إدانة ولي العهد، تبعتها واحدة أشدّ جرأة؛ حين أيّد مجلس الشيوخ التابع للكونغرس الأمريكي، في 14 ديسمبر الجاري، مشروع قرار يحمّله المسؤولية.

ووافق مجلس الشيوخ بالإجماع على تبنّي مشروع القرار الذي يقول إن بن سلمان هو من يتحمل المسؤولية عن مقتل خاشقجي، ويؤكد ضرورة أن تحاسب السلطات السعودية كل المتورّطين في هذه الجريمة.

وأمام كل هذه الإدنات بقي بن سلمان محاطاً بحماية ترامب، والتي يدفع مقابلها الأمير السعودي مبالغ طائلة تصبّ في مصلحة حسابات شخصية للرئيس الأمريكي.

جرائم حرب اليمن

الأمير السعودي الذي يشغل أيضاً منصب وزير الدفاع منذ 2015، متهم وتحالفه العسكري بارتكاب جرائم حرب في اليمن مستمرّة منذ 4 سنوات، على أثر تدخل الرياض ضد مليشيا الحوثي.

لكن التحالف الذي انسبحت منه دول عدّة بسبب انحرافه عن مساره في الأهداف التي وُجد من أجلها، وجد نفسه أمام انتهاكات وجرائم ضد المدنيين الذين يعيشون في أماكن يسيطر عليها الحوثيون.

والحرب التي تقودها الرياض والإمارات خلّفت وراءها مئات الآلاف من القتلى والجرحى، وتشريد ملايين المواطنين اليمنيين، فضلاً عن التسبّب بأسوا مجاعة يشهدها التاريخ الحديث.

وعلى الدوام تواصل جهات ومؤسسات حقوقية، من بينها "هيومن رايتس ووتش" و"أمنستي"، مطالبتها بمحاكمة ولي عهد السعودية وجميع المتورطين بارتكاب جرائم حرب في اليمن.

ونقلت صحيفة "غارديان" عن سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط بمنظمة "هيومن رايتس ووتش"، وجود "خطر ملموس ضد ولي العهد السعودي في حال رفع شكوى عليه؛ لأنه ليس رئيس دولة، وهو لا يستفيد من أي حصانة".

ولم يقف الأمر عند حد المطالبة بالمحاكمة، بل امتد إلى وقف صفقات سلاح بمبالغ طائلة بين الرياض وعواصم أوروبية؛ بسبب استخدامها ضد المدنيين في اليمن، وهو ما يشكّل خرقاً للقانون الدولي.

ولا بد من الإشارة أيضاً إلى أن وصول بن سلمان إلى منصب ولاية العهد، منتصف يوليو 2017، ترافق مع حملة اعتقالات واسعة ضد نشطاء وأصحاب رأي وأمراء ومسؤولين ووزراء ودعاة ومشايخ.