ملفات » الطريف إلى العرش

السعودية وإيران 2018.. 7 دقائق عززت مكاسب خصم المملكة اللدود

في 2018/12/28

الغارديان البريطانية-

"2019 سيكون أي شيء آخر سوى أن يكون عام (محمد بن سلمان)"..

صدرت صحيفة "الغارديان" البريطانية هذه الخلاصة بتقرير نشرته، الخميس، حول حصاد الشرق الأوسط لعام 2018، ومآلات الصراع التقليدي بين السعودية وإيران.

بدأ العام بنجاح لوريث العرش السعودي الشاب عبر ترويجه لحزمة إصلاحية طموحة في الداخل، ودعم الخارج لأجندته الإقليمية العدوانية، وتواصل علاقته الوطيدة بـ"غاريد كوشنر" صهر الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب".

لكن ذلك النجاح سقط في 7 دقائق فقط؛ هو الوقت الذي استغرقته جريمة قتل الكاتب الصحفي السعودي "جمال خاشقجي" داخل القنصلية السعودية بمدينة إسطنبول التركية في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وتسبب الاغتيال المروع في إخضاع كل جوانب أجندة "بن سلمان" للمراجعة، وتحدي أركانها الأساسية من قبل حلفائه من جانب، والمتشككين، الذين تحمسوا له في البداية، من جانب آخر.

ومع قدوم العام الجديد، سحب مجلس الشيوخ الأمريكي دعمه لحرب الرياض في اليمن واتهم "بن سلمان" صراحة بإصدار الأمر باغتيال "خاشقجي"، وهو الادعاء الذي بات يطارد طريقه للعرش، الذي كان قد بدا مؤكداً قبل 3 أشهر.

كما خسر ولي العهد السعودي ضمان ثبات الحصار المفروض على قطر، واكتسب عداء ثقيلا مع كندا، وهدد إصلاحات ثقافية واقتصادية محلية كان من المفترض أن تكون مؤشراً على توفيق جديد بين المواطن والدولة.

شبح إيران

وفي السياق، تبدو حرب اليمن مثيرة لقلق "بن سلمان" على وجه الخصوص، إذ أدى التزامه بردع إيران عن تأمين موطئ قدم لها على المحيط الشرقي للمملكة إلى نزيف بخزائن المملكة، وترك أعدادا كبيرة تواجه سوء التغذية والمرض في بلد فقير بالفعل، دون أن يفعل شيئا يذكر لدرء خصم المملكة اللدود.

وإذا استمر وقف إطلاق النار في الحديدة، فسيكون ذلك إيذانا بتصاعد الضغط الدولي من أجل التوصل إلى تسوية دائمة في اليمن.

ولا يزال وجود إيران يلوح في الأفق بقوة شرق المملكة، كما هو الحال في العراق ولبنان، حيث لا تزال أزمة الانتخابات، التي جرت في مايو/أيار الماضي، دون حل، وهي العملية الديمقراطية التي عرقلتها مشاحنات سياسية ذات ارتباط بالأجندات الإقليمية أكثر من الاعتبارات المحلية.

ويرجع الفضل في تعزيز إيران لنفوذها في جميع أنحاء المنطقة إلى دورها في تأمين سيطرة "بشار الأسد" على سوريا، وهي الحقيقة التي تهدف إلى البناء عليها في العام المقبل.

وإذ يمثل ذلك إزعاجا للولايات المتحدة، فإنها تهدف إلى أن يكون 2019 عام إيقاف مسار طهران، عبر إعادة فرض وتشديد العقوبات التي رفعتها إدارة الرئيس الأمريكي السابق "باراك أوباما" كجزء من الاتفاق النووي، الذي أعلن الرئيس الحالي "دونالد ترامب" انسحاب واشنطن منه.

قبضة اقتصادية

ويستهدف الضغط الأمريكي حلفاء إيران أيضا، بما في ذلك لبنان وسوريا والعراق، حيث ظل المال والنفوذ الإيران حرا خلال الفترة السابقة.

ومع خمود الحرب السورية، التي دامت لما يقرب من 8 سنوات، تواجه دمشق قبضة اقتصادية تهدف إلى كبح جماح مؤيدي النظام، إذ ظلت التحذيرات الأمريكية لجميع جيران سوريا من التجارة العابرة للحدود مستمرة.

وجاء ذلك رغم أن إدارة "ترامب" رفعت يدها عن المنطقة إلى حد كبير، باستثناء تركيزها الضيق على دعم "بن سلمان" وحماية (إسرائيل) ومكافحة ما تبقى من تنظيم الدولة على الحدود العراقية السورية.

لكن إعلان "ترامب" سحب قواته من سوريا، الذي استقال وزير الدفاع "جيم ماتيس" احتجاجا عليه، أنهى عمليا التحالف الأمريكي مع الأكراد ضد التنظيم، في حين تخشى تركيا من تعاون مسلحين داخل حدودها مع الجماعات الكردية داخل سوريا.

ومن المتوقع أن يُطلق الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" قريباً عملية عسكرية تدفع الأكراد بعيداً عن حدوده شرقي نهر الفرات.

روج آفا

وهنا أيضا يبدو شبح إيران كأحد الاعتبارات الدافعة، فمنطقة الفيدرالية الكردية شمال شرقي سوريا، المعروفة محليا باسم (روج آفا Rojava)، لا تزال أرضا خصبة للتأثير الإيراني بعد طرد تنظيم الدولة.

وإلى الشمال، تظل علاقة أنقرة وطهران جيدة نسبيا، في ظل ضعف احتمال انخراطها ببرنامج العقوبات الأمريكية المفروض على الأخيرة.

ولذا فإن إعطاء تركيا ما تريده في "روج آفا" في مقابل ما تريده واشنطن تجاه إيران هو حجر الزاوية في عملية إعادة التخطيط العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا، والتي توترت خلال السنوات الثلاث الماضية.

وبينما استمر وجود أكثر من 2.5 مليون نازح سوري داخل الحدود التركية، لا يزال مصير محافظة إدلب غير مؤكد، إذ  لا تزال بعيدة عن متناول نظام "الأسد"، ومن المؤكد أن محاولات إعادة استعادتها ستؤدي إلى نزوح واسع النطاق وسفك للدماء.

لقد حاول "الأسد"، وحلفاؤه في روسيا  جعل سوريا مستقرة ومفتوحة للأعمال، لكن من غير المرجح أن تتدفق أموال إعادة الإعمار قبل إبرام تسوية سياسية.

ولا يزال نصف مواطني سوريا مشردين داخل سوريا أو فروا من حدودها، ولم يعد سوى عدد قليل منهم على استعداد للعودة، فيما تقول الأمم المتحدة إنه من غير المحتمل أن يتغير هذا الوضع في النصف الأول من 2019 على الأقل.