ملفات » الطريف إلى العرش

هل يستطيع بن سلمان التحكم في صورة السعودية حول العالم؟

في 2019/01/16

دانييل فاجنر - إنسايد أرابيا - ترجمة شادي خليفة-

في الوقت الذي تستمر فيه قضية "خاشقجي" في التراجع في الإعلام العالمي، خلقت محنة "رهف محمد القنون"، البالغة من العمر 18 عاما، عاصفة إعلامية جديدة زادت من تسليط الضوء على حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية.

وتعد هذه الحلقة تذكيرا آخر بمدى قدرة وسائل التواصل الاجتماعي على تشكيل السرد العام الذي يؤثر على كيفية تصرف الحكومات والهيئات الدولية في نهاية المطاف.

لكن من المهم أن نتذكر أن العالم حساس للغاية تجاه المواطنين السعوديين الراغبين في المزيد من الحريات المدنية، ليس فقط نتيجة للقصص المتكررة عن المواطنين السعوديين في وسائل الإعلام، ولكن أيضا لأن "بن سلمان" روج بشدة لعملية الإصلاح الذاتي المفترض في المملكة.

وفي كل مرة يتم استخدام وسائل التواصل الاجتماعي فيها لتسليط الضوء على محنة يتعرض لها مواطن سعودي، أو الرغبة في التغيير داخل المملكة، تبرز ضخامة المهمة المطروحة على كاهل حكام المملكة.

وبعد أن تم فتح صندوق "باندورا" المتعلق بالإصلاح في المملكة، من الواضح أنه لا يوجد تراجع، على الأقل من منظور شباب البلاد، الذين يتوقون إلى المزيد من الحرية، بينما يطلعون على الأخبار العالمية، ويشاهدون مقاطع فيديو "يوتيوب" نفسها التي يشاهدها الشباب من أماكن أخرى حول العالم.

وإذا كانت "رهف" قد تمكنت من تحويل نفسها إلى أيقونة في وسائل التواصل الاجتماعي بين ليلة وضحاها، يمكن لأي مواطن سعودي آخر أن يضع ضغوطا أكبر وأكبر على "بن سلمان" لتنفيذ مستويات أعلى من الإصلاح الاجتماعي والاقتصادي والسياسي.

وقد أثارت محنة "رهف" درجة أكبر من الشكوك، داخل المملكة وخارجها، حول رواية "بن سلمان" أنه يحقق تقدما كبيرا في "إعادة" السعودية إلى الإسلام "المعتدل".

ولا شك أن العديد من منتقدي "بن سلمان" سيوافقون على أن السماح للنساء بقيادة السيارات تعد خطوة أولى مهمة لبيان حسن النية، لكنها لا تصل إلى حد تحرير النساء في المجتمع السعودي. وهناك ملايين النساء السعوديات اللاتي يبقين خاضعات لنظام أبوي قمعي، ويتم التعتيم على قصص مماثلة لكثير من النساء السعوديات الأخريات.

إصلاحات مشكوك فيها

على سبيل المثال، في أواخر عام 2018، نشرت نساء في المملكة صورا لأنفسهن وهن يطأن النقاب بأرجلهن للاحتجاج على قوانين اللباس الصارمة.

وفي عام 2018 أيضا، تم العثور على شقيقتين سعوديتين، هما "تالا" و"روتانا"، ميتتين في نهر "هدسون" في نيويورك، في ظروف غامضة. وبعد أن عاشتا مع أفراد العائلة منذ وصولهما إلى الولايات المتحدة قبل عامين، تم وضعهم في مأوى للعنف المنزلي عام 2017. وتبقى النظرية السائدة حول وفاتهما، التي لم تحل بعد، هي أنه بعد مغادرة المأوى ونفاد المال، فضلتا الموت بدلا من العودة إلى المملكة.

وتستحق حكومة "تايلاند" الكثير من الإشادة في اتخاذ موقف قوي لحماية "رهف" وضمان مرورها الآمن، إلى جانب الأمم المتحدة، وصولا إلى كندا، البلد التي اختارت الإقامة فيها في نهاية المطاف.

وفي الوقت الذي منحت فيه كندا "رهف" حق اللجوء، لم تكن أي دولة لتختار ما فعلته الحكومة التايلاندية. وفي الحقيقة، لو لم تصنع "رهف" لنفسها مثل هذا الزخم بوسائل التواصل الاجتماعي، ربما لم تكن لتحصل على هذه المعاملة.

وفي حين أنه من غير المرجح أن تتخذ الرياض إجراء ضد بانكوك بسبب قرارها، إلا أن الحكومة السعودية لن تنسى لها هذا الموقف. وهنا يثار سؤال، لماذا يتعين على أي بلد أن تخشى من الانتقام من بلد آخر لمساعدتها شخصا ما في تحقيق رغبته في العيش بحرية؟

وإذا كانت الحكومة السعودية ذكية، وإذا كان "بن سلمان" يرغب في أن يتم النظر إليه بصورة أفضل في الرأي العام، بما يتفق مع دعوته لما قد يعتبره الكثيرون في المجتمع السعودي إصلاحا "راديكاليا"، فكان على الحكومة السعودية أن تشجع علانية "رهف" على العيش كما تريد أن تعيش، وأينما تريد العيش. لقد كانت فرصة ضائعة للمساعدة في قلب موجة الدعاية السلبية المستمدة من قضية "خاشقجي".

ومع ذلك، لا داعي للقلق، حيث سيكون هناك بلا شك مواطنين سعوديين آخرين يسعون وراء نداء الحرية بطريقة عامة، وستتاح للمملكة فرصة أخرى لاغتنام الفرصة لتغيير السرد العام.

والتحدي الذي تواجهه الحكومة السعودية الآن هو إيجاد صيغة لتغيير الطريقة السائدة للتفكير حول المملكة، استنادا إلى حقائق ملموسة حول كيفية تطبيق التغييرات والتأثير الذي تحدثه على المجتمع السعودي ومواطنيها.

وقد صرح "بن سلمان" علنا ​​أن بلاده لم تعد قادرة على تحمل الحلول المؤقتة. وإذا كان يؤمن حقا بذلك، فإنه يتعين عليه أن يشرح كيف يضمن إحداث تغيير جوهري في المملكة، إذا كان ذلك هو ما يحدث في الواقع.

وقد تحدث "بن سلمان" منذ عام 2017 حول تحقيق رؤيته لشكل معتدل من الإسلام في المملكة العربية السعودية وجعلها حقيقة واقعة. وإذا كان هناك وقت لإثبات أن التغيير جارٍ، أو أن هناك نية حقيقية لتغيير السرد العام، فقد حان الوقت لذلك الآن.