ملفات » الطريف إلى العرش

بعد انتهائها.. أبرز 3 انتقادات لحملة مكافحة الفساد السعودية

في 2019/01/31

متابعات-

أعلنت السلطات السعودية أمس الأربعاء، رسميا وبصورة مفاجئة إنهاء حملتها الموسعة على الفساد، والي قادها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان وشملت العشرات من كبار الأمراء والوزراء ورجال الأعمال البارزين، وذلك بعد مرور أكثر 15 شهرا على انطلاقها.

وجري احتجاز العشرات من الشخصيات السباقة بفندق ريتز كارلتون على خلفية الحملة، حتى تم الافراج عن غالبيتهم تباعا، ضمن تسويات لم يتم الإعلان عن تفاصيلها، أبرزهم الأمير الوليد بن طلال الذي تبلغ ثروته 16 مليار دولار، والأمير متعب بن عبدالله الذي تبلغ ثروته 110 مليون دولار.

وتزامن الإعلان عن انتهاء الحملة مع الإفراج على عدد من المحتجزين البارزين مؤخرا من بينهم الملياردير السعودي محمد العمودي، (ثروته تبلغ 12 مليار دولار) ورجل الأعمال عمرو الدباغ (1.5 مليار دولار)، والمستشارين الإداريين هاني خوجه وسامي الذهيبي.

وجاءت عمليات إطلاق السراح المتتالية للمعتقلين مؤخرا، في إطار مساع المملكة لنزع فتيل ضجة دولية حول حقوق الإنسان في أعقاب مقتل الصحفي السعودي "جمال خاشقجي" داخل قنصلية بلاده بإسطنبول في أكتوبر/تشرين الأول العام الماضي.

كما تأتي أيضا بالتزامن مع الإعلان عن إطلاق بن سلمان خطة بنية تحتية تهدف إلى جذب حوالي نصف تريليون دولار بحلول 2030 في إطار جهود المملكة لتنويع اقتصادها بعيدا عن النفط.

أفاد بيان صادر عن الديوان الملكي السعودي يوم الأربعاء، أن الحكومة استدعت 381 شخصا بعضهم للإدلاء بشهاداتهم في إطار الحملة التي بدأت في نوفمبر تشرين الثاني 2017 ونتج عنها استعادة أكثر من 400 مليار ريال (106 مليارات دولار) من خلال إجراءات تسوية مع 87 شخصا بعد إقرارهم بما نسب إليهم وقبولهم للتسوية. وتمثل ذلك في عدة أصول من عقارات وشركات وأوراق مالية ونقد وغير ذلك.

وقال البيان "اللجنة أنجزت المهام المنوطة بها وفق الأمر الملكي وحققت الغاية المرجوة من تشكيلها"

وأضاف أن ولي العهد "طلب من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز الموافقة على إنهاء أعمالها.. وقد وجه بالموافقة على ذلك".

ومنذ بداية الحملة التي انطلقت في شهر نوفمبر من العام قبل الماضي، عبر معلقون وخبراء عن مخاوفهم من تلك الحملة حتى بعد الإعلان عن انتهائها وفى هذا الصدد  قالت الباحثة المقيمة بمعهد أمريكان إنتربرايز في واشنطن، كارين يونج، إنه من الصعب القول ما إذا كانت الحملة ناجحة.

وأضافت "النبأ السار هو أن الحكومة تشير فيما يبدو إلى أنها تريد المضي قدما... أما بخصوص السياسة الخارجية للسعودية وسياساتها الداخلية، خاصة تجاه النشطاء المدنيين، فلا تزال هناك مخاوف شديدة في الغرب".

وبجانب المخاوف التي أعربت عنها "يونج" كانت هنا ك ثلاث اتهامات أو انتقادات رئيسية واجهت الحملة منذ بدايتها، وهي تسليط السلطة والانتقائية وعدم الشفافية.

 تعزيز سلطة

في السادس من نوفمبر 2017 قال زميل شؤون الشرق الأوسط في معهد بيكر للسياسة العامة بجامعة رايس، "كريستيان كوتس أولريخسن"، في صحيفة فايننشيال تايمز: "إن حجم الاعتقالات يعني تجاوز المزاعم المتعلقة بالفساد، فهي مصممة لتعزيز سلاسة الانتقال النهائي للخلافة حينما يحين ذلك".

وأضاف:" يتلاءم الواقع مع زعيم من المقرر أن يبقى في السلطة لعقود، حيث يعيد محمد بن سلمان تشكيل المملكة لتتلاءم مع صورته الخاصة، وقد تخلى بشكل كبير عن الموافقات التوافقية بين المصالح المتنافسة التي ميزت الحكم السعودي في الماضي".

وعلى نفس المنوال قالت دورية انتلجينس الفرنسية، إن موجة الاعتقالات في السعودية تعد مسألة داخلية بحتة، وصممت أساسا للقضاء على التحديات أمام تولي الأمير "محمد بن سلمان" السلطة خلفا لوالده، ولا سيما من عشيرة الملك الراحل "عبدالله بن عبدالعزيز" وذرية الأميرين "طلال بن عبدالعزيز" و"أحمد بن عبدالعزيز"، حيث كانوا جميعا يعارضون التحول في خط الخلافة الذي حدث في وقت سابق من هذا العام.

وأشارت إلى أنه لم يسلم من الحملة سوى نسل وزير الدفاع الراحل "سلطان بن عبدالعزيز" بعد أن فقدوا أي نفوذ سياسي، رغم أنهم شاركوا عن كثب في التفاوض على عقود الدفاع لعقود.

انتقائية

في الثامن من نوفمبر 2017، اعتبرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية إن حملة مكافحة الفساد جرت بطريقة انتقائية.

وأكدت أن المصالح التجارية المعقدة وغير المفصح عنها في أغلب الأحيان لولي العهد وأسرته تثير تساؤلات حول ما يعنيه الاتهام بالفساد في مملكة لم يتضمن القانون فيها حتى الآن سوى القليل من التنظيم، ولا يوجد بها قانون يجرم الاستفادة الشخصية من المناصب في الأعمال التجارية مثل البلدان الأخرى.

وأضافت أن الأسرة الحاكمة لم تكشف قبل ذلك قط عن مصادر دخلها، وكم يأخذ أعضاؤها من عائدات النفط في البلاد، وكم يكسبون من عقود الدولة، أو كيف ينفقون على أنماط حياتهم الفخمة.

وتابعت " لم يشرح الملك "سلمان" أبدا من أين حصل على المال لشراء ما تصل قيمته إلى 28 مليون دولار من المنازل الفاخرة في لندن، تماما كما لم يقل ابنه، ولي العهد الأمير "محمد"، أبدا كيف تمكن من شراء يخت تجاوز ثمنه 500 مليون دولار، كان قد رآه وقرر امتلاكه واشتراه، في يوم واحد.

وتابعت أن الملكية المطلقة، لم تحاول أبدا إنشاء نظام قضائي مستقل للفصل في الدعوات، وإذا تم تعريف الفساد بأنه التربح الخاص على حساب المال العام، فإن التدابير الحالية، التي يتم تصويرها كتغيير ثوري، تبدو ملاحقات انتقائية.

عدم شفافية وعشوائية

بعد أيام من الحملة أعرب الصحفي الأمريكي توماس فريدمان عن قلقه من غياب الشفافية عن الحملة، وفى مقال نشره بصحيفة "نيويورك تايمز" قال فريدمان "من أجل أن يصدقك الناس ويصدقوا إصلاحاتك فإنه لا بد أن تكون أنت أيضاً نظيف اليد، ويجب على الناس أن يؤمنوا بأنك نظيف، وأنك تفعل ذلك لمكافحة الفساد لا من أجل أجندات خفية".

وتابع الصحفي الأمريكي الذي سبق أن أجرى مقابلة مع ولي العهد بالرياض، "إذا ظهر في نهاية المطاف أن العملية عشوائية واستقوائية وغير شفافة، وموجَّهة أكثر نحو تعزيز النفوذ لأجل النفوذ فقط، ولا تخضع لأي ضوابط تفرضها سيادة القانون، فسوف تبثّ مشاعر الخوف التي من شأنها أن تصيب المستثمرين السعوديين والأجانب بالإحباط وفقدان الثقة، وذلك بطرق لا تستطيع البلاد تحمّلها" .

وذكر أنه في حين كان الأجانب، مثلي، يستفسرون عن الإطار القانوني لهذه العملية، كان لسان حال السعوديين الذين تحدثت معهم: "اقلبوهم جميعهم رأساً على عقب، وقوموا بهزّهم لإخراج الأموال من جيوبهم، ولا تتوقفوا عن هزّهم حتى إخراج جميع المبالغ!