سايمون هندرسون- معهد واشنطن-
في أوائل شباط/فبراير، يعتزم ولي العهد السعودي محمد بن سلمان القيام بزيارة لباكستان، لأسباب قد تكون متعلقة بالأنشطة في مجال الانتشار النووي التي من المحتمل أن تكون مدعاة للقلق. والأساس المنطقي المعلن للرحلة هو المساعدة المالية من دول الخليج. فقبل ثلاثة أسابيع، زار ولي عهد الإمارات محمد بن زايد إسلام أباد ووعد بتقديم 3 مليارات دولار في شكل مساعدات، في حين أودعت المملكة العربية السعودية مليار دولار كدفعة أولى من تعهداتها النقدية بقيمة 3 مليارات دولار. ومن المتوقع الآن أن تعلن المملكة عن اتفاق للاستثمار في مصفاة جديدة بقيمة عشرة مليارات دولار في ميناء "جوادر" البعيد في باكستان، الذي يجري تطويره بأموال صينية. ومن المرجح أن يُجنّب هذا السخاء باكستان من اللجوء إلى حزمة إنقاذ من "صندوق النقد الدولي"، والتي قد تشمل تغييرات مالية صعبة سياسياً للتخفيف من أزمة صرف العملات الأجنبية التي تعاني منها.
لكن وراء كواليس هذه المناقشات الاقتصادية، هناك تطورات جديدة محتملة في التفاهمات السعودية -الباكستانية حول الأسلحة النووية والصواريخ. ويشاع أن النفط السعودي قد موّل التطوير الأولي لمحطة تخصيب اليورانيوم في باكستان في السبعينيات، ويُعتقد أن الرياض تعتبر إسلام آباد مصدراً سريعاً محتملاً للقنابل النووية إذا شعرت وجود ما يكفي من التهديد - ففي العام الماضي، على سبيل المثال، أخبر ولي العهد السعودي البرنامج الأمريكي "60 دقيقة"، "إذا طورت إيران قنبلة نووية، فسوف نتبعها بدون شك في أقرب وقت ممكن". ويبدو أن باكستان تزود المملكة حالياً بتكنولوجيا الصواريخ التي تحمل قدرات نووية أيضاً .
وهناك سابقة وفيرة لهذا التعاون. ففي عام 1999، بعد سنة من قيام باكستان باختبار أسلحة نووية للمرة الأولى، أرسلت الرياض وزير دفاعها إلى محطة "كاهوتا "لتخصيب اليورانيوم خارج إسلام أباد، مما دفع الولايات المتحدة إلى تقديم احتجاج دبلوماسي حاد. وأثناء وجوده في المرفق، أفادت بعض التقارير بأنه قد عُرِض عليه نموذج للقنبلة الذرية.
وستكون الرحلة المقررة الشهر المقبل هي الزيارة الثالثة التي يقوم بها ولي العهد إلى باكستان منذ عام 2015، عندما أصبح والده ملكاً وتم تعيينه وزيراً للدفاع. وخلال زيارته في كانون الثاني/يناير 2016، وقّعت الدولتان اتفاقية غير محددة للتعاون العسكري. وعندما توقّف في باكستان مرة أخرى بينما كان في طريقه إلى الصين في شهر آب/أغسطس، أشاد "بعمق العلاقة الاستراتيجية بين الشعبين".
وتأتي الزيارة هذا العام وسط مخاوف متزايدة من قيام تعاون سعودي محتمل في مجال الصواريخ مع كل من باكستان والصين. وكانت بكين قد زودت المملكة للمرة الأولى بصواريخ قادرة على الوصول إلى طهران وتل أبيب في عام 1987؛ ووفقاً لتحليل صور القمر الصناعي الذي نشرته صحيفة "التلغراف" في تموز/يوليو 2013، استهدفت الصواريخ السعودية كلتا المدينتين. وقد فات الآن بشكل فعلي أوان هذه الأسلحة التي تعمل بالوقود السائل نظراً للتكنولوجيا التي كانت تعتمد عليها منذ أربعين عاماً وبسبب إجراءات الإطلاق المضنية، لكن مع ذلك تم عرضها في عرض عسكري عام 2014 في لفتة فُسِّرت على أنها تحذير دبلوماسي لإيران والولايات المتحدة، اللتين كانتا منخرطتان في المفاوضات النووية في ذلك الوقت. كما تم رصد مركبات مرتبطة بصواريخ أكثر تقدماً في ذلك العرض.
وفي 23 كانون الثاني/يناير، ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" أن مرفق جديد في الصحراء السعودية كان في الواقع منشأة لبناء صواريخ باليستية أكثر قدرة تعمل بالوقود الصلب، وهي أول مصنع من نوعه في المملكة. وقد حدد الخبر موقع المنشأة في "الوطاح"، وهو موقع صاروخي قائم جنوب غرب الرياض. كما تكهن الخبر [وجود] اتصالات صينية و/أو باكستانية، حيث أفادت الصحيفة: "في التسعينيات، بَنَت باكستان سراً مصنعاً للصواريخ متوسطة المدى باستخدامها مخططات أساسية ومعدات زوّدتها الصين. وقد جذب المصنع في باكستان منذ فترة طويلة انتباه كبار المسؤولين السعوديين". وبالفعل، تشبه المنشأة السعودية الجديدة في حجمها وتخطيطها موقع باكستاني في "خانبور" شمال غرب إسلام أباد، وقد تم تشييده في أوائل التسعينيات لتجميع الصواريخ الصينية من طراز "M-11"، التي تشكل جزءاً من الترسانة النووية الباكستانية.
قد يكون المسؤولون الأمريكيون على علم بهذه الروابط منذ بعض الوقت، ولكن من المحتمل أن تؤدي عمليات الكشف العلنية المتزايدة إلى قلق كبير لأنها تشير إلى أن سباق التسلح النووي المرعب في الشرق الأوسط لم يعد مجرد إمكانية بعيدة لكي يتم ردعها، بل عملية قد بدأت بالفعل. إن الجهود الدبلوماسية لوقف هذا الانتشار يجب أن تتم حالياً في وهج اهتمام وسائل الإعلام العالمية. ووفقاً لصحيفة الـ "واشنطن بوست"، قد لا يكون مصنع الصواريخ السعودي عملياً بعد، لكن النافذة الدبلوماسية لن تبقى مفتوحة لفترة أطول.