الغارديان-
تبدو الفكرة القائلة بأن الولايات المتحدة قد تبيع التكنولوجيا النووية الحديثة إلى المملكة العربية السعودية، والتي قد تمكن نظام ولي العهد "محمد بن سلمان" المتهور من صنع أسلحة نووية، أكثر من كونها فكرة شاذة وخطيرة.
ووفقا لاستقصاء في الكونغرس، يسعى كبار المسؤولين في البيت الأبيض، والجنرالات المتقاعدون، وأقارب "ترامب" المقربون، ورجال الأعمال، سرا، لتمرير خطة بمليارات الدولارات لإبرام صفقة نووية مع الرياض.
ويقال إن المحادثات مستمرة، على الرغم من زيادة التدقيق العام والتحذير القانوني من أن نقل التكنولوجيا الذي يفتقر إلى الشروط الصارمة قد يتعارض مع القانون الأمريكي، ويخرق الضمانات الدولية لمكافحة الانتشار، ويشعل سباق التسلح النووي.
وتركز النتائج المؤقتة للاستقصاء البرلماني بشكل خاص على شخصيتين بارزتين هما "غاريد كوشنر"، صهر "ترامب" ومبعوثه إلى الشرق الأوسط، والجنرال "مايكل فلين"، مستشاره السابق للأمن القومي.
وقد ظهر كلاهما بشكل بارز في التحقيق الفيدرالي الذي أنجزه "روبرت مولر" حول صفقات حملة "ترامب" مع روسيا.
وقالت اللجنة إنها ستوسع على وجه السرعة تحقيقها "لتحديد ما إذا كانت الإجراءات التي تتبعها إدارة ترامب تخدم مصلحة الأمن القومي للولايات المتحدة أم أنها تخدم أولئك الذين يتكسبون ماليا من ورائها".
وللتدليل على ما أورده، استشهد التقرير باجتماع في البيت الأبيض، في 12 فبراير/شباط من هذا العام، بين "ترامب" و"شركات الطاقة النووية"، حول مشاركة التكنولوجيا مع السعوديين والدول الإقليمية الأخرى.
كما تم تسليط الضوء على زيارات "كوشنر" المقررة هذا الأسبوع إلى عواصم الشرق الأوسط، بما في ذلك الرياض، التي تهدف ظاهريا لمناقشة التنمية الاقتصادية والسلام في الشرق الأوسط.
وقال التقرير: "يشعر الخبراء بالقلق من أن نقل التكنولوجيا النووية الأمريكية الحساسة قد يسمح للمملكة العربية السعودية بإنتاج أسلحة نووية تسهم في انتشار الأسلحة النووية في منطقة الشرق الأوسط غير المستقرة أصلا".
ويستشهد التقرير بإعلان "بن سلمان" عام 2018 بأنه "إذا طورت إيران قنبلة نووية فسوف تتبعها السعودية في أقرب وقت ممكن".
وعلى الرغم من احتياطيات النفط الكبيرة، ومشروعات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، يقول السعوديون إنهم بحاجة إلى الطاقة النووية.
ويجادل المدافعون الأمريكيون عن المبيعات النووية بأنه إذا لم توفر الولايات المتحدة التكنولوجيا، فإن الصين أو روسيا سوف تفعل ذلك، لكن الضمانات الفعالة ضرورية.
وقد تعثرت محاولة "باراك أوباما" للتفاوض بشأن اتفاق تعاون نووي بسبب رفض السعوديين التوقيع على تعهد ملزم قانونا يتخلون بموجبه عن تخصيب اليورانيوم وإعادة معالجة البلوتونيوم.
ويصر قانون الطاقة الذرية الأمريكي لعام 1954 على الحصول على موافقة مسبقة من الكونغرس على تصدير تكنولوجيا محتملة مزدوجة الاستخدام، تمشيا مع قواعد الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
ومع ذلك، وفقا للتقرير، كانت المصالح التجارية الخاصة "تضغط بقوة" لتجاوز هذه الضوابط، بالتنسيق مع شركاء "ترامب"، حيث أكد: "لا يهم هذه الكيانات التجارية سوى جني مليارات الدولارات".
وقال التقرير إن المناقشات "تم تغليفها بالسرية"، لكنه حدد شركة، "آي بي 3 إنترناشيونال"، ضمن صفقة محتملة لبناء العشرات من محطات الطاقة النووية في المملكة.
وأضاف أن "فلين" كان يعمل مستشارا لشركة تابعة لشركة "آي بي 3"، ومارس الضغط لصالح الصفقة عندما كان يعمل في البيت الأبيض.
وأضاف التقرير أن أحد الداعين الرئيسيين لهذا الجهد كان "توماس باراك"، الصديق الشخصي لـ"ترامب" لعدة عقود، وأحد كبار جامعي التبرعات لحملة "ترامب" وهو صاحب اتصالات واسعة النطاق في الخليج.
وتعد الآثار المترتبة على ما جاء في هذا الاستقصاء، غير الكامل بعد، واسعة النطاق وقاسية، ويبدو أن المخطط النووي يقدم دليلا آخر على التضارب المحتمل في المصالح، فضلا عن الفساد في إدارة "ترامب".
وإذا مضت عملية البيع هذه، فإن إيران، التي رفض "ترامب" العام الماضي اتفاقها للحد من الأنشطة النووية لعام 2015، قد ترفض الاستمرار في ممارسة ضبط النفس، ويمكن لبلدان أخرى في الشرق الأوسط أن تتبع ذلك، ما يؤدي في نهاية المطاف إلى إذكاء سباق التسلح النووي.
وهناك خطر واضح يتمثل في أن الجهد الدولي لمكافحة الانتشار، الذي تضرر بالفعل من جراء إلغاء معاهدات الحد من التسلح بين الولايات المتحدة وروسيا، قد يتم تقويضه أكثر بسبب المعايير الأمريكية المزدوجة.
وقد تساعد قضية "بيع الأسلحة النووية إلى السعودية" أيضا في تفسير سبب دفاع "ترامب" عن نظام "بن سلمان" بعد مقتل الصحفي "جمال خاشقجي"، وتجاهل الفظائع السعودية في اليمن، وغيرها من الانتهاكات.
وكما يقولون في دوائر الأعمال في نيويورك، "إن له مصلحة في تلك اللعبة".