من الصحافة العبرية-
أيام صعبة تمر على ولي العهد السعودي، فمن وراء كل زاوية يكمن له ظل جمال الخاشقجي وهو يحمل نبوتاً بيده من أجل الانتقام على قتل سيده. الضربة الأخيرة كانت ما نشر في «نيويورك تايمز» في الأسبوع الماضي، الذي كشف أن وكالة الممثلين الكبيرة «اند وير» قررت أن تعيد لمحمد بن سلمان استثماره بمبلغ 400 مليون دولار الذي استهدف به أن يوسع بصورة كبيرة نشاط الوكالة وأن يخلق مصدراً آخر للدخل للمملكة كجزء من خطتها لتنويع مصادر مداخيلها.
مرت سنة منذ عرض في العرض الفاخر الذي نظمه اريئيل عمانوئيل، صاحب ومدير الوكالة، على شرف ابن سلمان. في المهرجان الذي أجري في هوليوود حضر أثرياء ومشاهير مثل مدير عام «أمازون» ومدير عام «ديزني» وآخرين كثيرين جاؤوا لمصافحة الأمير السعودي. عمانوئيل هو الشقيق المضطرب لران عمانوئيل، الذي كان رئيس طاقم البيت الأبيض للرئيس أوباما.
عمانوئيل معروف كمدير عديم المشاعر، الذي تحرك اعتباراته قوة المصالح التجارية. عندما يقرر شخص مثله إعادة استثمار بهذا المبلغ، فهذا يأتي لأنه يفهم جيداً بأن علاقته مع ابن سلمان يمكن أن تسبب ضرراً كبيراً لمملكة الترفيه التي يملكها. عمانوئيل الذي يمثل مايكل فايغليس وساشا بارون كوهين وكونين اوبريان ومارك غلبر والكثير من الشخصيات الجيدة الأخرى، ليس هو الأول الذي يقاطع ابن سلمان، مثلما تفعل بي.دي.اس لإسرائيل. ريتشارد برنسون، مؤسس ومدير عام مجموعة «فيرجن»، هو طلائعي المقاطعة الذي جمد خطة الاستثمار في منطقة العلا في السعودية، والذي كان ينوي ابن سلمان أن ينشئ فيها عدة متاحف ومنها متحف الحضارة العربية. في الأسبوع الماضي وقعت 36 دولة، منها 28 عضوة في الاتحاد الأوروبي، على بيان إدانة للمملكة بسبب خرق حقوق الإنسان، وكذلك على دعوة للقيادة السعودية للتعاون مع لجنة التحقيق التي شكلتها الأمم المتحدة من أجل التحقيق في قتل الخاشقجي.
مجلس المديرين في أوبرا لاسكالا تمرد على قرار مدير عام الأوبرا بتعيين وزير الثقافة السعودية بدر بن عبد الله آل سعود كعضو في المجلس. المدير العام ألكسندر بريرا شرح بأنه قرر ضم المندوب السعودي لأنه تعهد بأن يتبرع للأوبرا بـ 15 مليون دولار خلال خمس سنوات، وأن فرصة كهذه مهمة بالنسبة للأوبرا ولا تأتي في كل يوم. هذا التبرير لم يقنع أعضاء المجلس. بالمناسبة، وزير الثقافة السعودي نفسه كان الشخص الذي اشترى لوحة ليوناردو دافنشي «سلفاتور موندي» بمبلغ 450 مليون دولار، كما يبدو من أجل ابن سلمان، وأعلن أن الشراء تم لصالح متحف اللوفر في أبو ظبي.
إن تحول ابن سلمان إلى شخصية غير مرغوب فيها لا يمس به بل يؤثر على كل المملكة. على جدول أعمال الكونغرس موضوع قانون إذا تم تمريره سيقيد بيع السلاح للسعودية بذريعة أن هذا السلاح سيستخدم للحرب في اليمن. كذلك ألمانيا أعلنت الآن أنها تمدد حتى نهاية الشهر سريان الحظر على بيع السلاح للسعودية.
وفي الداخل أيضاً يعتبر ابن سلمان مكرهة وتهديداً. حسب «الغارديان»، فإنه حدث شرخ بينه وبين والده الملك سلمان على خلفية الشك بأن الأمير ينوي عزل والده. في تقرير «الغارديان» كتب أن ابن سلمان كان ينوي القيام بانقلاب أثناء زيارة الملك في مصر الشهر الماضي. هذه المخاوف جعلت الملك يشكل قوة حماية خاصة لمرافقته في مصر وأمر بعزل رجال الحماية المصريين. عند عودته غاب ابنه عن حفل الاستقبال. هذا الغياب أوضح للجميع أن العلاقة في العائلة المالكة غير سليمة.
غضب الملك ثار بسبب قرار نجله تعيين ريما بنت بدر بن سلطان كسفيرة للسعودية في الولايات المتحدة، وتعيين خالد بن سلمان، شقيق ولي العهد، نائباً لوزير الدفاع. خالد كان سفير السعودية في واشنطن عندما انفجرت قضية الخاشقجي. وحسب وكالة الاستخبارات الأمريكية كان هو الذي نصح الصحافي الذي قتل بالوصول إلى القنصلية في إسطنبول وبذلك ساهم بنصيبه في عملية القتل. هذان القراران لابن سلمان اتخذا أثناء غياب الملك عن المملكة وعلم عنهما من خلال وسائل الإعلام. رسمياً يوجد لابن سلمان صلاحيات تنفيذ هذه التعيينات من خلال دوره كنائب للملك. ولكن تعيينات بهذا المستوى تتم بشكل عام بأمر ملكي وبالتأكيد بمعرفة من الملك.
إن عثرات ابن سلمان تستخدم أيضاً ككمائن يضعها أعضاء الكونغرس في طريق الرئيس ترامب الذي يواصل التهرب من طلب إجراء تحقيق جدي في قضية قتل الخاشقجي. حتى سناتورات جمهوريين متشددين انضموا لهذا الطلب. ماركو روبيو وصف ابن سلمان بـ «رجل العصابات». ولندسي غراهام وصف التوجيه السري الذي نقله البيت الأبيض لأعضاء الكونغرس عن مسؤولية ابن سلمان عن القتل كان «عديم القيمة». ترامب خضع للضغط السياسي، وفي تشرين الثاني قرر أخيراً تعيين سفير في الرياض، بعد أن لم يكن هناك سفير أمريكي منذ بداية ولايته. الجنرال المتقاعد جون ابيزيد، الذي تخرج من حرب العراق الأولى ورجل الجيش الشهير، أوضح بأن هدفه سيكون الحفاظ على صلابة العلاقة بين الولايات المتحدة والسعودية. من الأمور المهمة كيف يمكن أن يؤدي دوره عندما يكون الحاكم الفعلي للمملكة متهماً بالقتل.