ملفات » الطريف إلى العرش

الخطط النووية السعودية تهدد بإثارة الفوضى في المنطقة

في 2019/03/26

نيك بوتلر - فايننشال تايمز - ترجمة شادي خليفة -

في الظروف العادية، لم يكن لقرار أي دولة بتحسين كفاءة إمدادات الطاقة من خلال الاستثمار في التكنولوجيا الجديدة أن يكون جديرا بالاهتمام بدرجة كبيرة.

لكن المملكة العربية السعودية ليست دولة عادية، ويؤدي الجمع بين رغبتها في امتلاك التكنولوجيا النووية، والمخاوف بشأن استراتيجية ولي العهد "محمد بن سلمان" وسياساته المتهورة، إلى جعل الخطوة السعودية سببا للجدل.

ولا تعد الخطط السعودية النووية جديدة، فقبل 8 أعوام، تم الإعلان عن هدف لبناء 16 مفاعلا على مدار 20 عاما، وقد تم تكرار الالتزام بهذا الأمر بشكل منتظم، وصولا إلى الهدف الجديد وهو الوصول لنحو 17 جيجاوات من الطاقة بحلول عام 2032 أو 2040.

ودخلت المملكة في مفاوضات مع عدد من الدول والشركات القادرة على توريد المفاعلات الضرورية، بما في ذلك كوريا الجنوبية وروسيا وفرنسا والصين، وكذلك الولايات المتحدة ممثلة في شركة "جنرال إلكتريك وستنغهاوس"، ولكنها لم تبدأ بعد أي أعمال بناء.

وتواصل السعودية تلبية احتياجاتها المتزايدة من الكهرباء بالكامل تقريبا عن طريق النفط والغاز الطبيعي.

ويعني استخدام المملكة للنفط لتوليد الطاقة الكهربائية، إلى جانب الأسعار المنخفضة للغاية للبنزين (فقط 54 سنتا للتر)، أن السعودية تستخدم الآن أكثر من ربع إنتاجها الإجمالي، البالغ نحو 10 ملايين برميل يوميا، لأغراض محلية، والنتيجة هي خسارة عائدات التصدير المحتملة، في وقت تنخفض فيه أسعار النفط.

ولهذا السبب تسعى المملكة إلى بناء مصنع كبير للطاقة النووية بسعة 1600 جيجاوات، وعدد من المفاعلات الأصغر، وذلك للاستخدام بشكل رئيسي في مشاريع تحلية المياه.

وتعد الحجة الاقتصادية للاستثمار في الطاقة النووية، وكذلك الطاقة المتجددة، قوية. لكن الحصول على مفاعلات نووية مدنية أمر معقد، بسبب السياسة والخوف من أن تتحول الطاقة النووية إلى أسلحة نووية، أو كما قال "هانز ألفين"، الحائز على جائزة نوبل ذات مرة، إن الطاقة النووية والأسلحة النووية "توأمان سياميان".

وقد تعزز هذا الخوف بسبب التعليقات التي أدلى بها ولي العهد في مارس/آذار الماضي، عندما قال إن المملكة لا ترغب في أن تمتلك أسلحة نووية، لكن إذا حصلت إيران على قنبلة نووية، فإن المملكة ستفعل ذلك أيضا.

ونظرا لأن القدرات والمهارات اللازمة لأي برنامج تطوير نووي تستغرق أعواما لوضعها موضع التنفيذ، فإن زيادة الاهتمام بالبرنامج النووي المدني ليست مفاجئة.

لكن البعض يخشون أنه بمجرد تطوير المملكة لقدراتها النووية، فإنها في لحظة الأزمة، يمكنها شراء تكنولوجيا الأسلحة، ربما من باكستان حليفها الوثيق، ومن ثم تحذو حذو دول أخرى في المنطقة باسم الدفاع عن النفس.

وبالتأكيد فإن مخاطر سباق التسلح النووي في المنطقة معروفة جيدا لدى الولايات المتحدة، حليف الرياض التقليدي، وفي الآونة الأخيرة، تحدث 2 من كبار أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي عن معارضتهم لفكرة بيع الولايات المتحدة التكنولوجيا النووية إلى السعودية، وانتقدوا حدوث حوار حول هذا الموضوع بين واشنطن والرياض دون الحصول على موافقة الكونغرس الضرورية لأي معاملة تقتضي نقل التكنولوجيا النووية بموجب القانون الأمريكي.

وعلى الرغم من أن الرئيس "دونالد ترامب" قد يرغب في دعم القطاع النووي الأمريكي المتعثر، لكن معارضة الكونغرس من الحزبين تبدو قوية بما يكفي لمنع أي مبيعات من الولايات المتحدة، طالما بقي ولي العهد في منصبه.

لكن لدى السعودية خيارات، فمن خلال شركة "كيبكو" النووية، أقامت كوريا الجنوبية علاقات جيدة مع الرياض، ولديها المهارات والتكنولوجيا اللازمة.

وهناك دائما "روساتوم" الروسية، التي هي الآن واحدة من أنجح الشركات النووية، مع 36 مشروعا قيد التنفيذ في جميع أنحاء العالم، وسوف يعزز إبرام صفقة نووية بين الطرفين من العلاقات بين الرياض وموسكو.

وقد عرضت "روساتوم" بالفعل تزويد الرياض بالوقود النووي، وتطوير سلسلة الإمداد المحلية.

ويوضح استعداد الرياض للتفكير في مثل هذا الاختيار مدى التغيير الذي حدث في بلد كان منهجها يعتمد أولا وقبل كل شيء على تجنب المخاطر وتعزيز الاستقرار في المنطقة المتقلبة.