جوشوا كيتنغ - سلات- ترجمة أسامة محمد-
في تجمع حاشد في مدينة غرين باي بولاية ويسكونسن السبت الماضي، سخر الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" من السعودية بنبرة هادئة كعادته. إذا قال: "المملكة دولة غنية جدا ونحن ندافع عنها. ليس لدى السعوديين سوى النقود وهم يشترون الكثير منا، لقد اشتروا بـ450 مليار دولار. هناك أشخاص يريدون أن نقطع العلاقات معهم، وأنا لا أريد أن أخسرهم. نحن ندعم المملكة عسكريا؛ لذا فقد اتصلت بالملك سلمان، وقلت له: أيها الملك، نحن ندافع عنك، ولديك الكثير من المال، فقال: لماذا تتصل بي؟ لم يسبق لأحد أن قام بمثل هذا من قبل، فأجبته قائلا: هذا لأنهم كانوا أغبياء".
وبشكل مثير للإعجاب، يدعي "ترامب" أمرين غير صحيحين ومتناقضين مع بعضهما البعض. أولا: لم تشتر السعودية أسلحة بقيمة 450 مليار دولار (ولا حتى 110 مليارات دولار) من الولايات المتحدة، وثانيا: بالكاد تدعم الولايات المتحدة الجيش السعودي. والأهم من ذلك أن هذين الأمرين لا يمكن أن يكونا صحيحين معا؛ فإما أن يكون السعوديون عملاء قيمون في صناعة الدفاع الأمريكية، الأمر الذي يستحق غض الطرف عنهم عندما يقصفون المستشفيات ويقتلون الصحفيين، أو أنهم راكبون بالمجان ويقتاتون على الدعم الأمريكي.
وروى "ترامب" أشكالا مختلفة من هذه القصة من قبل. ففي خطاب ألقاه في ميسيسيبي، أكتوبر/تشرين الأول 2018، ذكر "ترامب" أنه تحدث مع الملك "سلمان" قائلا: "أيها الملك، نحن نحميك. قد لا تستطيع الحفاظ على عرشك لمدة أسبوعين بدوننا. عليك أن تدفع مقابل ذلك". وربما كان "ترامب" يشير، السبت الماضي، إلى نفس المحادثة، رغم وجود بعض الالتباس حول المحادثات بين الرئيس الأمريكي والسعوديين في الأيام الأخيرة.
وقال "ترامب" للصحفيين، الجمعة، إنه "استدعى" منظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) لإبلاغها باتخاذ إجراءات لخفض أسعار الوقود، لكن مسؤولين في المنظمة قالوا إنهم لم يجروا محادثات معه. ثم أوضح "ترامب"، عبر تغريدة، أنه "تحدث إلى المملكة وآخرين حول زيادة إمدادات النفط". وردا على ذلك قال مسؤول سعودي لصحيفة "وول ستريت جورنال" إن "ترامب ربما كان يشير إلى تغريداته المتكررة أو حديثه عبر الهاتف مع ولي العهد الأمير "محمد بن سلمان" في وقت سابق من هذا الشهر، الذي قال البيت الأبيض إنه ركز على إيران وقضايا حقوق الإنسان". ولم ترد أي تقارير إعلامية عن محادثات مباشرة بين "ترامب" والملك "سلمان" منذ العام الماضي.
غالبًا ما يبدو أن رغبة "ترامب" في انتقاد السعودية مرتبطة بسعر برميل النفط؛ حيث سجل الخام أعلى مستوى في 6 أشهر الأسبوع الماضي بعد أن أعلنت إدارة "ترامب" أنها لن تمدد إعفاءات من شراء النفط من إيران سبق أن منحتها لـ8 دول. ويدعو "ترامب" السعودية وأعضاء "أوبك" الآخرين إلى زيادة إمدادات الخام للحفاظ على انخفاض الأسعار، لكن المملكة تحتاج إلى أسعار نفط عند حوالي 85 دولارا للبرميل لتحقيق التوازن في ميزانيتها.
وبقدر ما يريد "ترامب" أن يكون قاسيا مع إيران، فإن أسعار الوقود المرتفعة لا تفيد الرئيس مع اقتراب عام الانتخابات. وإضافة إلى الاعتبارات الاقتصادية، فإن العلاقة الوثيقة بين "ترامب" والسعودية هي أيضا فرصة للديمقراطيين. واستخدم "ترامب"، الذي زار المملكة في أول رحلة خارجية له كرئيس، حق النقض الثاني في الرئاسة لمنع قرار من الكونغرس بإنهاء دعم الولايات المتحدة للحرب التي تقودها السعودية في اليمن. كما دافع بحماس عن العائلة المالكة السعودية في أعقاب مقتل الصحفي في واشنطن بوست "جمال خاشقجي"، مخالفا ما توصلت إليه وكالات الاستخبارات الأمريكية من أن ولي العهد "محمد بن سلمان" كان وراء القتل.
لكن بقدر ما قد يحب "ترامب" السعوديين، فهو يعلم أن هذا الحب لا يشاركه فيه الكثيرون، وأن لدى الأمريكيين وجهات نظر غير مواتية تجاه "السعودية" أكثر من الصين أو كوبا. حتى إن "ترامب" نفسه انتقد سجل حقوق الإنسان في المملكة عندما كان مرشحا للرئاسة، ويعرف أن منافسيه في الانتخابات من المرجح أن يفعلوا الشيء نفسه. وقال كبار الديمقراطيين إنهم يخططون لجعل المملكة قضية كبرى في انتخابات 2020. لذا من المحتمل أن نسمع المزيد من "ترامب" حول حديثه الصعب مع صديقه الملك في الأشهر المقبلة.