متابعات-
دائماً ما تسعى القيادة السعودية إلى إظهار وحدة الجبهة الداخلية للمملكة في ظل الحرب التي تخوضها في اليمن، ولكنها وعبر هيئة الترفيه مزقت مجتمعها، من خلال إقامتها لحفلات رقص في المدن الرئيسة كالرياض وجدة، وترك مدن الحد الجنوبي لتتساقط عليها القذائف وتبدو في حالة تهميش.
وتسببت فعاليات هيئة الترفيه برئاسة تركي آل الشيخ المثير للجدل والتي شكلها ولي العهد محمد بن سلمان، حالة من الغضب لدى سكان الحد الجنوبي في مدن عسير، وجازان، ونجران، والباحة، وخلق شعور بتخلي بلادهم عنهم، والتعامل بعنصرية معهم، وعدم تقدير حالة الحرب التي يعيشونها.
ويرى سكان المدن الجنوبية في السعودية أن صواريخ وقذائف الحوثي تتساقط بشكل شبه يومي على منازلهم، والمنشآت الحيوية في مدنهم، في ظل تمتع باقي المدن بالمشاركة في الحفلات الغنائية، وانشغالهم بأخبار الملاهي الليلية التي افتتح أولها في جدة مؤخراً.
ولم يتوقف الأمر عند انتشار الرقص والحفلات الغنائية في مدن السعودية الرئيسة والتغافل عن معاناة سكان الجنوب، ولكن وصل الحد بأحد الفنانين ويدعى أسامة سالمين إلى السخرية من جنود بلاده في الحد الجنوبي.
ويسخر سالمين خلال مقطع فيديو متداول له من مصابي الجيش السعودي الذين يقاتلون على الحدود مع اليمن، وخاصة الذين بترت أجزاء من أجسادهم، من خلال قوله: "نرفه عنهم في الحرب، واحد يده مقطوعة خليه يجي يضحك".
وبعد إساءة الفنان الكوميدي إلى جنود بلاده خرج عامر الرميح، مصاب من الجيش السعودي، في تغريدة على حسابه بموقع "تويتر" قال: "للأسف أصبحت أنا وزملائي المصابين بالحد الجنوبي وبالتحديد نحن من فقدنا أحد أطرافنا دفاعاً عن الدين ثم الوطن، مثالاً للسخرية والكوميديا عند البعض".
للأسف أصبحت أنا وزملائي المصابين بالحد الجنوبي وبالتحديد نحنُ من فقدنا أحد أطرافنا دفاعاً عن الدين ثم الوطن مثالاً للسخرية والكوميديا عند البعض مثل( أسامه سالمين)ظفر واحد فقدناه بالحد يسوا الف من أشكالك. pic.twitter.com/wnM7xpJb4W
— عامر الرميح (@amer_373) May 18, 2019
وقبل انتشار الحفلات الموسيقية، وزيارات الفنانات والراقصات إلى السعودية، والتي كان آخرها استضافة المغنية الإباحية الأمريكية نيكي ميناج، لإحياء فعالية "موسم جدة"، خرج جنود سعوديون عن صمتهم حول ما يحصل في بلادهم في ظل الحرب التي يعيشونها.
وكان أبرز هذه الأصوات، الجندي السعودي أحمد المالكي الذي يخدم على الحدود الجنوبية للمملكة، حين اتصل بمفتي السعودية عبد العزيز آل الشيخ، وطلب منه الحديث حول اختلاط الرجال والنساء في الاحتفالات التي تقام بالسعودية.
وقال الجندي خلال مداخلة في برنامج تلفزيوني لقناة سعودية: "هيئة الترفيه طعنتنا في ظهرنا ونحن بين الحديد والنار على الحد الجنوبي، ندافع عن بلاد الحرمين".
وتجاهل مفتي السعودية الرد على الجندي، واكتفى بالدعاء للمرابطين في القتال بمناطق الحد الجنوبي، وهو ما يعكس حالة الخوف لدى أبرز علماء السعودية في التصدي للظواهر الجديدة التي تضرب ثوابت مجتمعهم الدينية.
تهميش للجنوب
ولم تكن قضية إغفال السلطات السعودية لهموم سكان مدن الحد الجنوبي بإقامتها للحفلات في المدن الرئيسة في ظل الحرب مع الحوثيين، أبرز مظاهر التمييز لهؤلاء السكان، إذ يوجد تمييز في العديد من الخدمات الأساسية لهم كالكهرباء.
وينقطع التيار الكهربائي عن مدن جازان وعسير ونجران بشكل متواصل، كان أكثر ذلك خلال شهر رمضان الماضي، حيث استمر الانقطاع لأكثر من 10 ساعات، في ظل تباطؤ بحل المشكلة.
كذلك يشتكي السعوديون في جازان من عدم قيام السلطات بتعبيد الطرق التي توصلهم من القرى إلى مراكز المدن، وغياب خدمات المياه للمواطنين في العديد من المناطق.
ونشر صحفي سعودي مقطع فيديو يشرح فيه حالة التهميش التي يتعرض لها سكان جازان من قبل السلطات، وعدم استجابتها لمطالب السعوديين في المدينة الحدودية.
تصاعد القصف الحوثي
ومرخراً تصاعدت هجمات جماعة الحوثي على مدن الحد الجنوبي، والتي نتج عنها استهداف محطة ضخ أنبوب النفط التابع لشركة أرامكو، واستهداف مطاري أبها وجازان، وسقوط قتلى وجرحى.
وبحسب إحصائية رصدها "الخليج أونلاين" من بيانات الناطق باسم التحالف السعودي الإماراتي، العقيد تركي المالكي، فإن الفترة ما بين 10 يونيو و30 يونيو، أعلن فيها التحالف إسقاط 18 طائرة مسيرة، دون ذكر عدد الطائرات التي استهدفت بالفعل المطارات والمواقع الحساسة جنوب غربي المملكة.
وخلال الفترة ذاتها أعلن الحوثيون تنفيذ العديد من الهجمات على مطاري جازان وأبها، أسفر بعضها عن خسائر مادية، مثلما حدث في مطار أبها في 23 يونيو، والذي قتل خلاله شخص وأصيب 21 آخرون بطائرة مسيرة، بعد أقل من أسبوعين من استهداف آخر للمطار ذاته، في 12 يونيو، والذي كان باستخدام صاروخ كروز.
ولا تزال السعودية غارقة في حرب اليمن المشتعلة منذ 4 سنوات، مستنزفةً سمعتها وأموالها، وسط تعثر جهود السلام الدولية التي تقودها الأمم المتحدة، وعدم وجود رغبة حقيقية لدى أطراف الصراع بالجلوس على مائدة الحوار، في حين تسببت الحرب بسقوط آلاف القتلى والجرحى من المدنيين.