عرض ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان" استضافة قمة "افتراضية" لمجموعة العشرين، تجمع قادة العالم معا، بهدف التصدي لوباء الفيروس التاجي "كوفيد-19".
وفي حين يحتاج العالم بالتأكيد إلى تنسيق دولي أفضل بكثير للتعامل مع هذا الوباء الكارثي، فإن "بن سلمان" يعد آخر من يرغب المجتمع الدولي في عقد حوار معه حول حل أي أزمة إنسانية، ناهيك عن أزمة بهذا الحجم.
وأظهر "بن سلمان" مرارا وتكرارا معارضتها للمبادئ التي قد تؤهل لاستجابة ناجحة للوباء العالمي، وللتعامل بنجاح مع أزمة الصحة العامة، يجب على الحكومات أن تتبنى شفافية المعلومات والاستعداد للاستماع إلى أصوات مستقلة قد تتحدى قناعاتهم المسبقة.
لكن الديكتاتورية السعودية طالما فعلت العكس، حيث نفذت حملات وحشية من القمع والرقابة الداخلية لإسكات المعارضة.
لكن ليست هذه هي المشكلة الوحيدة، فمما زاد الطين بلة، أن الأسرة السعودية الحاكمة زادت في الواقع من خطر انتشار الفيروس التاجي في جميع أنحاء الشرق الأوسط، من خلال حصارها المدمر وقصفها للشعب اليمني.
وهناك مسألة الوصول إلى المعلومات، ويتطلب التصدي لأزمة الصحة العامة بشكل فعال شفافية المعلومات وقبول المعارضة، لكن ديكتاتورية النظام الملكي السعودي أظهرت العكس في كثير من الأحيان، حيث تقمع بعنف أي صوت معارض.
وكان اغتيال "جمال خاشقجي" مثالا مروعا على ذلك، وتعد "لجين الهذلول"، ناشطة حقوق المرأة السعودية، آخر مثال على الاضطهاد المستمر في المملكة.
وفي الوقت الراهن، تقاضي الحكومة السعودية "الهذلول" في محاكمة زائفة بعد تعذيبها بالفعل خلال عامين من السجن.
وعلى خلفية القمع، تحولت بعض الأصوات السعودية إلى "تويتر" كمنصة لحرية التعبير تضمن بقاءهم مجهولي الهوية، وردا على ذلك، دفعت السعودية بجواسيس داخل "تويتر" للعثور على المعلومات حول الآلاف من مستخدمي منصة التواصل الاجتماعي.
وقد تلقى المدافعون عن حقوق الإنسان خارج المملكة منذ ذلك الحين تقارير عن سجن وتعذيب أولئك الذين اعتقدت الديكتاتورية السعودية أنهم يستخدمون "تويتر" لانتقاد الحكومة.
ومن شأن السماح للنظام الملكي السعودي بعقد محادثة مع قادة العالم حول جائحة الفيروس التاجي أن يوفر دعاية زائفة لشرعية حكومة تعزز بنشاط مناخا من القمع والرقابة القاسية داخل وخارج حدودها.
لكن المشكلة ليست في القمع والرقابة فحسب، بل في أن المملكة اتبعت بالفعل استراتيجيات تهدد الآن بتوسيع انتشار جائحة "كورونا" في الشرق الأوسط.
وفي حربها ضد المتمردين الحوثيين، قصفت السعودية مرارا وتكرارا المدنيين والبنية التحتية المدنية في اليمن، الأمر الذي خلق أزمة إنسانية هائلة ودفع الصحة العامة للانهيار. وعلى حد تعبير اللجنة الدولية للصليب الأحمر: "لقد تم تدمير أنظمة الرعاية الصحية في اليمن".
ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، يوجد أكثر من 1.3 مليون حالة يشتبه في إصابتها بالكوليرا في اليمن، ما أدى إلى أكبر تفش للكوليرا في العالم عام 2017.
ومع تفشي الفيروس التاجي "كوفيد-19" في جميع أنحاء العالم، يفتقر اليمنيون إلى البنية الصحية العامة الأساسية اللازمة لمواجهة مثل هذا التهديد.
وكما نعلم جيدا الآن، فإن هذا الوباء لا يحترم الحدود، وأينما يمكن احتضانه، فإن ذلك يمثل نقطة انطلاق محتملة للجولة التالية من انتشار العدوى عالميا.
ومن خلال خلق أزمة إنسانية في اليمن، جعلت السعودية العالم كله أقل أمانا.
وبالنظر إلى هذا السجل الحافل، لماذا إذن يُسمح للمملكة بالترويج لنفسها كرائد للجهد الدولي لإدارة أزمة الصحة العامة؟ حسنا، يكمن الجواب باختصار في اللوبي السعودي.
ومن خلال شركات الضغط والعلاقات العامة التي تتقاضى رواتبها من السعودية، يحاول السعوديون غسل سجلهم من الفظائع التي يجري ارتكابها في مجال حقوق الإنسان.
وفي غضون أيام من مقتل "خاشقجي"، كانت السعودية تنفق ملايين الدولارات على العلاقات العامة وشركات الضغط لإحباط أي رد فعل دولي، سواء كان حكوميا أو شعبيا.
وخلال الشهر الجاري، حاولت الشركات الأجنبية التي تعمل لصالح السعودية الترويج لتمثيل المرأة وإشراكها في قمة العشرين، متجاهلة بشكل فاضح أن الناشطات الساعيات من أجل حقوق المرأة في المملكة، مثل "لجين الهذلول"، ما زلن محتجزات هناك.
واليوم، يحاول السعوديون مرة أخرى حمل الأمريكيين والعالم على غض الطرف عن تجاوزاتهم المستمرة، لكن الرهانات أكبر من أن تسمح لمحرض رئيسي للأزمات الإنسانية بقيادة المسؤولية ضد أكبر أزمة في القرن الحادي والعشرين حتى الآن.
وفي حين أنه من الواضح أن العالم يحتاج إلى تنسيق دولي أكبر بكثير للتصدي لوباء الفيروس التاجي، فمن الواضح أنه لا يجب السماح للديكتاتورية السعودية باستخدام هذه اللحظة كنصر دعائي بغرض حجب جرائمها العديدة.
سنجيف بيري - ريسبونسيبل ستيتكرافت - ترجمة الخليج الجديد