نيو ستيتسمان-
كيف يمكن كتابة سيرة أمير مراوغ ومتهور، يعتبر من أقوى الأشخاص في جيل الألفية في العالم، وحاكما لواحدة من أغنى الدول؟ إجابة الصحافي بن هوبارد لهذا السؤال هي عبارة عن نسج لتفاصيل السيرة الذاتية لقصة الصعود السريع وغير المتوقع لمحمد بن سلمان وربطها مع حقائق كشفتها التقارير على مدى سنوات من السعودية والعالم.
وكتب هوبارد إجابته ببساطة في كتاب يحمل عنوان “بن سلمان”، وكما تقول مراجعة الكتاب الكاتبة والإعلامية اللبنانية كيم غطاس في مقال نشرته مجلة “نيو ستيتسمان” البريطانية فإن توقيت نشر الكتاب لا تشوبه شائبة، بين الحرب النفطية مع روسيا والتي أدت إلى انخفاض الأسعار والوباء العالمي الذي حرم المملكة من مصدر رئيسي آخر للدخل هو الحج والعمرة.
وأشار المؤلف إلى أن خطط بن سلمان المزعومة للإصلاح تتعرض لضغوط شديدة، وقال إن طموح بن سلمان المتمثل في رؤية 2030، التي تهدف إلى تقليل اعتماد البلاد على النفط وتحقيق مجتمع “أكثر حيوية” هو الذي أثار إعجاب الغرب، ولكن الأمور بدأت بالانكشاف عندما لم يتمكن بن سلمان من تحقيق وعده بأن السعودية ستكون قادرة على العيش بدون نفط بحلول عام 2020.
ولا توجد اكتشافات مفاجئة بشأن بن سلمان، ولكن هوبارد رئيس مكتب بيروت في صحيفة “نيويورك تايمز” الذي أمضى أكثر 12 سنة في إعداد التقارير من المنطقة، يقدم في الكتاب حكاية مقنعة لجمهور واسع، وعلى شكل تحقيقات تتجاوز السرد، وحكايات أكثر من التحليل العميق، ومن خلال ذلك يقدم للخبراء سيرة ذاتية يسهل الوصول إليها، وهي لا تنجر كثيراً إلى الإثارة ولكنها تساعد على فهم العناوين الأخيرة حول الاندفاع، وإمكانية الجدال بشأن الأمير الشاب الخطير.
الكتاب لا يتضمن مقابلة مع بن سلمان، الذي لم يكن سوى واحد من بين آلاف الأمراء في آل سعود، وقد اعترف الكاتب بشأن الثغرات التي ما زالت باقية لفهم ولي العهد السعودي، الذي أطلق حرباً مدمرة في اليمن في عام 2015 ولعب مناورة عالية المخاطر في سوق النفط العالمية ويواصل التحدث مع الرجل عديم الخبرة، جاريد كوشنر، صهر ترامب، ويناقش في سياسات ذات عواقب شديدة، بما في ذلك المواجهة مع إيران.
يقول الكاتب إن الملك عبد الله كان ينظر لبن سلمان على أنه شاب مغرور و”تجربته أقل بكثير من طموحاته” وأحبط محاولات تقدمه، ولكن بن سلمان كان يتحدث بلغة أكبر من حجمه كما أعرب عن رغبته بأن يصبح “الإسكندر الأكبر الجديد” وذهب إلى حد مناقشة التجربة الاقتصادية للزعيمة البريطانية مارغريت تاتشر، وقارن نفسه بالقادة المشاغبين مثل ستيف جوبز.
ودخلت المصادفة بطريقة غريبة، فقد كانت قواعد الخلافة في السعودية تعني أن بن سلمان لن يكون في أي مكان في ترتيب الحكم، حتى توفي أميران تاليان في العرش في عام 2012، وأصبح سلمان، والد محمد، ملكا بشكل فجائي بعد وفاة الملك عبد الله، ليصبح طفله المفضل، ثم تراكمت عليه المناصب الرئيسية.
وفي عام 2017، دفع بن سلمان بلا رحمة ابن عمه محمد بن نايف، الحليف الموثوق للولايات المتحدة في كل شيء لمكافحة الإرهاب، خارج ولاية العهد، ووضعه قيد الإقامة الجبرية.
وبدأ بن سلمان ينبض بالدمار، حيث ذهب في حملة مزعومة ضد الفساد، وقام بتجميع المئات من الأمراء ورجال الأعمال في فندق ريتز كارلتون، وجردهم من ثرواتهم، ولكن الكاتب لاحظ أن الأمراء الذين كانوا إلى جانب بن سلمان كان بإمكانهم الاستمرار في تحقيق الأرباح والرفاهية، مثل بن سلمان نفسه الذي اشترى منزلاً بقيمة 300 مليون دولار ويختاً فائق التكاليف ولوحة مقابل 450 مليون دولار.
وتم تجاهل تجاوزات بن سلمان من قبل أولئك الذين استحوذ عليهم، من وادي السيليكون إلى واشنطن العاصمة، واستمر الحديث الكاذب عن احتمال عقد الصفقات الضخمة وفرص الاستثمار في المملكة والمدن التي تنبثق من الصحراء.