صاندي تايمز-
تحت عنوان “الفترة الذهبية السعودية تتلاشى وسط انهيار أسعار النفط ووباء كورونا” نشرت صحيفة “صاندي تايمز” تقريرا لمراسلة شؤون الشرق الأوسط لويز كالاغان، قالت فيه: “بدت وكأنها شيء خارج من قصص الخيال العلمي، مدينة في الصحراء لا تحتاج إلى شوارع لأن السيارات ستنقل الموظفين جوا إلى العمل”.
وأطلق عليها “المعجّل للتقدم الإنساني” وتغطي مساحة تعادل مساحة بلجيكا، وستحصل على نورها في الليل من قمر صناعي عملاق، وسيعيش فيها مليون شخص يعملون في “مراكز إبداع” تقيمها شركات سيليكون فالي العملاقة.
وكانت هذه رؤية السعودية للمستقبل والمشروع الرئيسي لولي العهد محمد بن سلمان. إلا أن هبوط أسعار النفط وفيروس كورونا الذي انتشر حول العالم، وضعا السعودية أمام أزمة اقتصادية دفعتها للإعلان الأسبوع الماضي عن سلسلة من إجراءات التقشف، وهي إجراءات جديدة في أرض الأمراء أصحاب المليارات.
وتقول كالاغان إن العمل على مشروع مدينة نيوم شهد تباطؤا، وبات مستقبلها غير واضح. ونقلت تقارير عن متعهد يعمل في نيوم، قوله إنه خفّض ساعات العمل لفريقه بمعدل النصف، فيما كشفت صور فضائية عن مجموعة قليلة من القصور ومهابط الطائرات. ونقلت الصحيفة عن علي الشهابي المقيم في واشنطن: “كل هذه المشاريع سيتم تأخيرها، ولم تتوقف ولكنها ستستمر بوتيرة بطيئة”.
وتعلق كالاغان أن مصير نيوم هو مثال عن التغيرات التي تكتسح السعودية. ففي الأسبوع الماضي زادت الحكومة من ضريبة القيمة المضافة التي أعلنت عنها عام 2018، وهذه المرة وصلت الزيادة إلى ثلاثة أضعاف، من 5% إلى 15%، كما خفّضت 220 جنيه استرليني من رواتب موظفي الدولة.
وقال علي الأحمد، الصحافي السعودي الذي كشف أولا عن الإجراءات الجديدة: “سيعاني الأشخاص أصحاب العائلات لأنهم سيشعرون بألم الإجراءات في كل مرة يشترون فيها كيس أرز”، وقال: “ربما كان هذا أعظم تحدٍ اقتصادي يواجه السعودية منذ إنشائها”.
وتشير الصحيفة إلى أن المشاكل تتزايد منذ وقت طويل، ذلك أن السعودية كانت واعية ولوقت طويل من محدودية الاقتصاد القائم على النفط، ولهذا حاولت أكثر من الآخرين القيام بجهود لتنويع الإقتصاد. وعمل الملك عبد الله الذي توفي عام 2015 على الحد من إفراط الأمراء البالغ عددهم 15 ألفاً، واستدعى أمراء حجزوا طابقا كاملا في فنادق أوروبية، وركّز الثروة في أيدي النخبة الحاكمة.
وكان واضحا للناس العاديين والأمراء على حد سواء، أن أيام الثروة التي لا حدود لها لن تستمر إلى الأبد. وقالت إن عاملا في تصميم المجوهرات لقيته عام 2018 أخبرها: “نعرف أن الأمور ستكون مختلفة بالنسبة لنا” و”ليست لدينا توقعات آبائنا ونعرف أن علينا العمل بجد”.
اليوم يعمل السعوديون في ستاربكس وفي مراكز التسوق ويسوقون أوبر، لكن الغالبية منهم يعملون في القطاع العام وبوظائف حكومية. وتصل نسبتهم 58% أكبر من القطاع الخاص، وخمس النساء لا عمل لهن، وتصل النسبة بين الإناث المتخرجات من الجامعة إلى 33%.
ولا يعمل السعوديون في الوظائف المتدنية التي يعمل فيها عادة العمال الوافدون. ولا يزال الاقتصاد يعتمد بشكل كبير على النفط، فيما يقول محللون إن هناك تخفيضات بالنفقات قادمة.
ويقول روبرت موغيلنكي من معهد دول الخليج العربية بواشنطن: “أعتقد أننا توقعنا عددا من الإجراءات ولم يكن هناك مجال للتحايل على سياسة قاسية في ضوء الهزات الخطيرة وغير المسبوقة”.
ويقول إن المسؤولين السعوديين يحاولون تجنب الإجراءات غير الشعبية مثل تخفيض رواتب القطاع العام. ولا يزال للسعوديين شبكات أمان لتخفيف حدة إجراءات التقشف، كما لا يزال التعليم والصحة العامة مجانيان. كما أن اعتمادهم على الوظيفة الحكومة يمثل شبكة أمان أخرى.