صحيفة الغارديان-
قالت صحيفة “الغارديان” في تقرير لمراسلتها في واشنطن ستيفان كيرتشغسنر إن ولدي رجل الأمن السعودي سعد الجبري كانا أول ضحايا عملية تطهير قام بها محمد بن سلمان بعد إطاحته بابن عمه الأمير محمد بن نايف.
ونقلت الصحيفة عن العائلة شعورها بالفزع والخوف على مصير كل من سارة وعمر الجبري اللذين اعتقلا من بيت العائلة في الرياض في آذار/ مارس ولم يسمع عنهما. وأضافت الصحيفة أن اختفاء ولدي سعد ونادية الجبري يكشف عن المدى الذي ذهب فيه ولي العهد لاستخدام أطفال من يعتقد أنهم أعداؤه والانتقام منهم.
وسعد الجبري هو رجل استخبارات متقاعد عمل مساعدا بارزا لمحمد بن نايف، ولي العهد السابق الذي أطيح به عام 2017 واعتقل في آذار/ مارس، وجرى اعتقال كل من سارة وعمر بعد عشرة أيام من سجن ولي العهد السابق.
وكشف نجل سعد الجبري، خالد المقيم في كندا تفاصيل جديدة حول وضع شقيقه وشقيقته واللذين كانا أول ضحايا حملة التطهير التي قام بها محمد بن سلمان. ويقول خالد إن مأساتهما بعد يوم من تعيين محمد بن سلمان وليا للعهد “ويعرف الكثير من الناس عن حملة التطهير في أيلول/ سبتمبر عندما لاحق المثقفين ثم ريتز كارلتون ولجين الهذلول والداعيات لفتح الباب أمام المرأة قيادة السيارة وجمال خاشقجي، إلا أن عمر وسارة كانا أول من طالهما التطهير”. فمنذ البداية كان سعد الجبري الهدف الأول لمحمد بن سلمان والذي رأى فيه تهديدا خطيرا، نظرا لعلاقاته القوية مع المخابرات الغربية ودوره في تحديث القدرات الأمنية السعودية في مرحلة ما بعد 9/11.
وأضافت أن الجبري أصبح هدفا لمحمد بن سلمان لعدة أهداف، منها معارضة لحرب اليمن. وأشارت تقارير صحافية لشائعات سعودية أن الجبري سرق من السعودية وأقام علاقات سرية مع الإخوان المسلمين وهي تهم تنفيها العائلة بشدة. وقال خالد الجبري “لدينا أدلة تثبت أن هذه الإتهامات باطلة وذات دوافع سياسية. ونحن نرحب بأي مواجهة قانونية. ولكن كيف يمكن تبرير الخطف بهذه الإتهامات؟”.
ورفضت السفارة السعودية في واشنطن التعليق على ما ورد في التقرير.
وتقول الصحيفة إن اختفاء عمر وسارة يعتبر كارثة شخصية لعائلة الجبري. وبدأ تورطها مع محمد بن سلمان عام 2017 حيث كان سعد قد ترك السعودية على أمل أن يبتعد كما قال خالد عن “لعبة العروش” بين محمد بن سلمان ومحمد بن نايف. وبقي عمر وسارة في السعودية بانتظار تأشيرتي سفر إلى الولايات المتحدة فيما غادر بقية الأخوة إلى الخارج. وبحسب العائلة فقد حاول محمد بن سلمان الإتصال بالعائلة قبل أيام من تعيينه وليا للعهد وحاول إقناع الجبري على العودة ووعده بمنصب هام. وشك الجبري في الطلب وحاول تأخير العودة، حيث قال إنه سيعود في غضون أسابيع على أمل خروج ولديه من السعودية. وقال خالد “قلنا لهما بأن يأخذا جوازي السفر ويذهبا إلى المطار”. وسمح لعمر البالغ من العمر في حينه 18 عاما بالمرور عبر البوابة الأمنية أما سارة فأبلغت أنها ممنوعة من السفر “لأسباب أمنية”. وقال عمر “لا أستطيع تركها”، ثم اكتشف أنه ممنوع هو الآخر، وكان هذا بعدما أعلن عن محمد بن سلمان وليا للعهد بساعات.
وقال خالد “كان أول أمر اتخذه هذا الرجل هو منع ولدين من السفر، وهذا يخبرك عما كان يكنه لوالدي” و”لم نعرف إن كانت إجراءات مؤقتة أم دائمة”. وفي تواصل مباشر بين الجبري وبن سلمان في أيلول/ سبتمبر أخبر أن السماح بسفر ولديه مرتبط بعودته. ووصف خالد سارة بالفتاة الخجولة والمجتهدة التي ارتبطت بوالدها منذ صغرها ولم يفتها يوما تناول الإفطار معه. أما خالد فهو قوي “وعاقل أكبر من عمره” ويحب أن يكون في مركز النقاش والفوز به. وترك البعد بين العائلة والولدين أثره النفسي. وقال خالد “حاولنا طوال الوقت البحث عن طرق سلمية والوساطة لكن حياتنا صارت مختلفة، ففي كل غداء أو عشاء أو عيد ميلاد فالكراسي فارغة”. وكانت نادية تقضي الساعات على الهاتف وتخبر ابنتها بضرورة الذهاب إلى المدرسة. وقال خالد “العزاء الوحيد لنا هي المكالمات الهاتفية والرسائل النصية، وكانت والدتي تقضي ساعتين في اليوم على الهاتف مع سارة”. وكانت آخر مرة شاهدت فيها العائلة سارة وعمر في 6 آذار/مارس عندما اجتمعت للإحتفال بعيدها العشرين عبر الفيديو. وكان هو اليوم الذي اعتقل فيه محمد بن نايف والأمير أحمد بن عبد العزيز.
وتلقى عمر وسارة بلاغا لمقابلة مسؤولي الأمن. وتم الضغط عليهما لكي يقنعا والدهما بالعودة. ويقول خالد “خافت سارة” و”أخبرت أبناء عمها ولم ترد إخبار أمها وشعرت من اللقاء أنها ستعتقل”. وعندما حاولت نادية الإتصال بسارة في 16 آذار/ مارس لم يكن هاتفها مفتوحا. واتصل شهود عيان ليصفوا كيف قامت مجموعة من السيارات ورجال الأمن بمداهمة البيت في الرياض صباحا وأخذت سارة، 20 عاما وعمر 21 عاما. ولا أحد يعرف مكان اعتقالهما حتى الآن. وقال خالد الجبري، أخصائي القلب، أنه تم تجاهل محاولات معرفة مصير أخيه وأخته من الديوان الملكي وأجهزة الأمن. ويقول “سألتهم عن مكانهما وإنا كان بخير، قرأوا الرسائل ولم يردوا عليها”. وأضاف “اختفت سارة وعمر ولا نعرف أي شيء عنهما ونأمل أنهما لا يزالان معا، فهما صديقان، ومن الواضح تشعر بالخوف عندما تفكر ما يمكن لهؤلاء الناس عمله” بهما. وحاول الجبري الحصول على دعم من الحكومة الأمريكية. ويحمل عمر وسارة الجنسية الأوروبية حيث حصلا على الجنسية المالطية.