واشنطن بوست-
قالت كارين عطية، محررة صفحة الرأي الدولي في صحيفة “واشنطن بوست” إن دونالد ترامب في طريقه إلى الخروج من باب البيت الأبيض، لكن من يساعدون السعودية دوليا باقون.
وأضافت أن جمال خاشقجي أخبرها في عام 2017 قائلا: “في السعودية لا نختار قياداتنا ونأمل دائما أن يختاروا الصواب”. وفي أقل من عام قُتل الصحافي المشارك في “واشنطن بوست” على يد عملاء ولي العهد، محمد بن سلمان الزعيم الذي لم يختره خاشقجي.
وخلال صعوده الملوث بالدماء إلى السلطة، وضع محمد بن سلمان آماله على الرئيس دونالد ترامب وصهره جارد كوشنر. ولكن الأخبار يوم السبت كانت رسمية: اختارت الولايات المتحدة جوزيف بايدن الرئيس رقم 46 للولايات المتحدة. وبناء على الحكمة المعروفة، فقد أجبر الأمريكيون إدارة ترامب على حزم أمتعتها، ولهذا على بن سلمان أن يهز ثوبه، قلقا.
لكن الواقع القاسي يشير إلى أن النظام الذي عبّد الطريق أمام صعود ولي العهد السعودي إلى السلطة لا يزال في مكانه. ومنذ البداية أشار ترامب وكوشنر إلى أن السعودية ستُعامل بطريقة خاصة وأكثر من المعهود.
ونُقل عن ترامب تباهيه “لقد وضعنا رجُلنا في القمة”، وذلك عندما أصبح محمد بن سلمان وليا للعهد بعدما أطاح بابن عمه في 2017. وكانت السعودية أول دولة سافر إليها الرئيس الجديد المعروف بعدم حبه للسفر، حيث كانت تنتظره حفلة باذخة أنفقت عليها السعودية 68 مليون دولار.
وقال بن سلمان لاحقا إن “ترامب هو الرجل المناسب وفي الوقت المناسب” للسعودية. وبحسب “نيويورك تايمز” فقد قدمت السعودية والإمارات الدعم لحملة انتخاب دونالد ترامب في 2016.
وفي 2018 تباهى بن سلمان قائلا إن جارد كوشنر أصبح في “جيبه”، وذلك حسب تقرير “ذا إنترسيبت”. وفي الفترة التي حكم فيها ترامب، اعتقلت السعودية عددا من الشخصيات المؤثرة والناشطين بمن فيهم النساء والداعيات لحقوق الإنسان، وواصلت حربا متهورة ضد قطر.
وأعطى كوشنر النصيحة، كما ذكر، حول كيفية تجاوز العاصفة الدولية التي اندلعت بعد مقتل خاشقي وتقطيع جثته في القنصلية السعودية باسطنبول. وتفاخر ترامب مرة أخرى أمام الكاتب بوب وودوارد كيف حمى بن سلمان من الكونغرس.
وتقول عطية إن مقتل جمال كان “شخصيا ومدمرا”، لكن اليمن تم ضربه على يد التحالف الذي تقوده السعودية والذي يشن غارات جوية منذ 2015. وكانت الولايات المتحدة المزود الرئيسي للقنابل إلى السعودية في المستنقع الملوث بالدماء والحرب التي لا يمكن الانتصار بها. وقُتل حوالي 13.500 يمني نتيجة الهجمات السعودية.
وحتى بعد مقتل خاشقجي، عندما زادت الضغوط السياسية، لم يرفض ترامب التراجع، بل استخدم صفقات السلاح وأسعار النفط لمواصلة التعاون مع السعوديين.
وتقول عطية: “الوضع سيء جدا لدرجة أن المسؤولين الأمريكيين باتوا يخشون الآن من محاكمات في جرائم حرب بسبب استمرار بيع السلاح إلى السعوديين رغم استمرار سقوط الضحايا”.
وفي الوقت الذي عبّر ترامب عن استعداد للتجرد من اللياقة الأخلاقية والنوم في نفس السرير مع بن سلمان، إلا أنه ليس الوحيد الذي يساعد السعوديين. فالتركيز على ترامب يبدو وللمفارقة يموّه حقيقة أن دول مجموعة العشرين واصلت التعامل مع السعودية بدون أن يلتفت أحد.
وبعد مقتل خاشقجي، تعهدت كندا بتعليق صفقات السلاح إلى السعودية، ولكنها استأنفت هذا الأسبوع صفقات السلاح بعدما توصلت على ما يبدو إلى أن مقتل أكثر من 13.000 يمني لا تساوي صفقة بـ14 مليار دولار.
ولم تقرر بريطانيا فقط استئناف صفقات السلاح مع السعودية هذا العام، بل تحاول الضغط على ألمانيا لعمل الشيء نفسه. ولا يزال المجتمع الاقتصادي الدولي يعطي الشرعية للنظام السعودي الذي تولى رئاسة مجموعة العشرين هذا العام، ومن المتوقع أن يستضيف القمة في 20 تشرين الثاني/نوفمبر.
ورغم محاولات النظام محاصرة واستفزاز كندا بسبب تغريدات حول سجن وتعذيب ناشطات واغتالت واحدا من أكبر نقادها، إلا أن مجموعة العشرين قررت وضع أحمر شفاه على نظام محمد بن سلمان وإلباسه ملابس جديدة تظهره كنموذج للحكم الرشيد في العالم.
وتعهدت المنظمات غير الحكومية ومجموعات الشفافية حول العالم بمقاطعة قمة العشرين احتجاجا على سجل السعودية الحقوقي. ولكن المملكة مضت في تحضيراتها مع سلسلة من المناسبات الجانبية عبر تطبيق “زوم” ودعت مفكرين مثل الاقتصادي الحائز على نوبل جوزيف ستلغتز، الذي استخدم الفرصة لإثارة الانتباه حول مقتل خاشقجي، ولكن التمثيلية السعودية استمرت.
ويتوقع وزير الخارجية الذي سيغادر منصبه مايك بومبيو حضور القمة. ولدى إدارة جوزيف بايدن الفرصة لإعادة ترتيب العلاقة مع السعودية، واحدة تقوم على وضع ضمانات ضد الحصانة من العقاب التي تضخمت خلال السنوات الخمس الماضية. وطالما واصل المجتمع الدولي غض طرفه على نزوات السعودية الأسوأ، فحراس ما يطلق عليه النظام الليبرالي في العالم ستكون أيديهم ملوثة بالدماء.