متابعات-
سلطت دعوى قضائية في الولايات المتحدة ضد ولي العهد السعودي الأمير "محمد بن سلمان" الضوء بشكل غير متوقع على مصير ولي العهد السابق الأمير "محمد بن نايف"، حيث تطرقت إلى مكان تواجد الأخير.
وتقدّم بالدعوى المتعلقة بمصفاة نفط في جزيرة في البحر الكاريبي رجل الأعمال السعودي "نادر تركي الدوسري"، الممنوع من مغادرة السعودية مع أفراد أسرته، وفقًا لرسائل وجّهها محاميه إلى الرئيس الأمريكي "جو بايدن" ومسؤولين أمريكيين آخرين، حسبما أوردت وكالة الأنباء الفرنسية.
وبدأت القصة في يونيو/حزيران من العام الماضي، عندما رفع "الدوسري" الدعوى في ولاية بنسلفانيا نيابة عن ابنه "راكان"، وهو مواطن أمريكي، ضد "بن نايف" وأطراف سعودية أخرى، وزعم أنّ هؤلاء فشلوا في الوفاء بعقد مضت عليه عقود، يتعلق بمشروع مصفاة في جزيرة سانت لوسيا الكاريبية.
لكن القضية طرحت معضلة مفادها: كيف يمكن توجيه استدعاء إلى أمير لم يعد مكان وجوده معلوما؟ ليتم تعديل الدعوى في وقت لاحق لتشمل الأمير "محمد بن سلمان"، الذي وضع "بن نايف" قيد الإقامة الجبرية وصادر أصوله، ما حال بالتالي من تنفيذ التزاماته التعاقدية.
وعندما قال "الدوسري" إنّه لا يمكن توجيه أمر استدعاء لـ "بن نايف"، أمرت المحكمة محامي "بن سلمان" بالمساعدة في تحديد مكانه.
وفي مارس/آذار الماضي، عرض محامي "بن سلمان" الإفصاح عن مكان تواجد "بن نايف" على "أساس سري"، قائلاً في مذكّرة الى المحكمة إنه يواجه تهديدات تتعلّق بالإرهاب بسبب دوره السابق كوزير للداخلية في المملكة، من دون أن يرد أي ذكر عن اعتقاله.
لكنّ محامي "الدوسري" أصرّ على أنّ "بن سلمان يحتجز ولي العهد السابق رهن الإقامة الجبرية"، قائلا إن "الأمير محمد بن نايف هو فعليا سجين (...) السعودية".
ورفض القاضي الشهر الماضي قضية خرق العقد التي رفعها "الدوسري"، تاركا الغموض يلف وضع "بن نايف" ومكان وجوده.
وقال محامي الدوسري "جيمس تالمان" إنّه يعتزم الاستئناف وكذلك مواجهة قرار حظر سفر موكليه الذي يخشى أن "يتحوّل إلى عملية احتجاز".
وخرج "بن نايف" فجأة عن خط الخلافة على حكم السعودية عام 2017 بعدما عيّن العاهل السعودي، الملك "سلمان بن عبدالعزيز" نجله وليًا للعهد.
وتقول مصادر مطلّعة إنّ الحكومة السعودية لاحقت "بن نايف" بعد توقيفه باتهامات بالفساد وعدم الولاء.
وفي تقرير صدر في ديسمبر/كانون الأول الماضي، قالت لجنة تقصّي حقائق برلمانية بريطانية إن "بن نايف لم يتمكّن من الطعن في احتجازه أمام قاضٍ مستقل ومحايد ولا يمكنه الاتصال بمحام لمناقشة وضعه".
لكن قبل أيام قليلة من رفض دعوى "الدوسري"، سجّل عدد من المحامين من "سكواير باتون بوغز"، وهي شركة علاقات عامة ومحاماة في واشنطن، أنفسهم لتمثيل "بن نايف" في القضية، بينما كانوا يعملون في الوقت ذاته لصالح "بن سلمان".
ولم ترد الشركة على طلب التعليق عندما سئّلت عن ما إذا كان "بن نايف" هو من طلب منها تمثيله، وما إذا كان بإمكانها الوصول إليه أو كيفية قيامها بتمثيله والحكومة في الوقت نفسه.
وصرّح مصدر على علاقة مباشرة بالفريق القانوني لـ"بن نايف" في أوروبا بأنّ "سكواير باتون بوغز لم تمثّل الأمير محمد بن نايف من قبل"، وأوضح أنّ ولي العهد السعودي السابق "لم يلتق بهم (محامي الشركة) قط، ومن غير الواضح كيف سيتمكنون من الاتصال به (...) إذ إنّه محروم من الاتصال بمحاميه منذ فترة طويلة (...) أو من أي نوع من التواصل مع العالم الخارجي".
ولم يردّ الديوان الملكي السعودي على طلب التعليق على دور مكتب المحاماة في القضية وعلى احتجاز الأمير "بن نايف".
ومنذ عام 2016، مثّلت "سكواير باتون بوغز" مركز الدراسات والشؤون الإعلامية في الديوان الملكي السعودي، وحصلت على قرابة 2.7 ملايين دولار، وفقًا لمستندات لوزارة العدل الأمريكية.
وأفاد تقرير استخباراتي أمريكي مؤخّرا بأنّ مسؤولين مرتبطين بالمركز قد يكونون متورّطين في قضية مقتل الصحفي السعودي "جمال خاشقجي" عام 2018 في تركيا.
وتمثّل الشركة الأمريكية أيضا مقرّبين من "بن سلمان" في دعوى قضائية أمريكية منفصلة رفعها المسؤول الاستخباراتي السعودي السابق "سعد الجابري"، وفقًا لمستندات محكمة أمريكية.