الخليج أونلاين-
أحدثت واقعة توقف تطبيقات التواصل الاجتماعي التابعة لشركة "فيسبوك" ضجة كبيرة حول العالم، قبل أن تعود لاحقاً للعمل بعد أن خسرت نحو 7 مليارات دولار، في أكبر حادثة شهدها عالم "السوشيال ميديا".
وبررت شركة "فيسبوك" العطل الكبير الذي ضرب تطبيقات المراسلة التابعة لها، بتعديل خاطئ في الإعدادات، مؤكدةً أنه لا أدلّة على تعرض بيانات المستخدمين لاختراق بسبب العطل.
وتسببت أزمة توقف تطبيقات "فيسبوك"، على غرار "إنستغرام، وواتساب، وماسنجر" في 4 أكتوبر 2021، بحالة كبيرة من السخرية من جانب المتابعين بجميع أنحاء العالم بشكل عام، وفي دول الخليج بشكل خاص وهو ما كان لافتاً في تعليقاتهم بـ"تويتر"، الذي انتعش بشكل كبير خلال ساعات توقف تلك التطبيقات.
ما الذي حدث؟
مساء الـ4 من أكتوبر 2021، شهد عدد من تطبيقات فيسبوك وبعض مواقع التواصل الاجتماعي ومواقع التجارة الإلكترونية تعطلاً على مستوى العالم لعدة ساعاتٍ قبل أن تعود تدريجياً.
وعاد موقع فيسبوك للعمل في الولايات المتحدة، ولحقهما تطبيقا "إنستغرام" و"واتساب"؛ بعدما واجه الملايين من مستخدمي منصات التواصل الاجتماعي في العالم عطلاً على شبكة الإنترنت لأكثر من 6 ساعات.
وأعلن فيسبوك -في بيان- عن عودة خدماته وتطبيقاته عبر الإنترنت، فيما نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن متحدث باسم فيسبوك قوله إن خدمات الشركة عادت ببطء.
وقالت الشركة، في بيان الثلاثاء (5 أكتوبر)، إن السبب الرئيس لانقطاع خدمة الاتصال هو "تغييرات في إعدادات أجهزة الراوتر الرئيسة تسببت بحدوث مشاكل أدت إلى انقطاع خدمة الاتصال".
وأكدت أنه "لا دليل لديها على تعرض بيانات المستخدمين للاختراق نتيجة لهذا العطل"، وأسفت الشركة لانقطاع الخدمة في منصاتها، مشيرة إلى أنها تعمل بأقصى ما في وسعها لاستعادة الخدمة، ومؤكدةً أن أنظمتها الآن عادت للعمل.
وتعرض الرئيس التنفيذي لشركة "فيسبوك" مارك زوكربيرغ، لخسارة كبيرة بنحو 7 مليارات دولار، حيث ذكرت وكالة "بلومبيرغ" الأمريكية أن "انخفاض أسهم الشركة أسفر عن انخفاض ثروة زوكربيرغ إلى 120.9 مليار دولار".
تعليقات لاذعة
ترك الانقطاع المفاجئ للشبكة الاجتماعية "فيسبوك"، ومنصات إنستغرام وواتساب وماسنجر، ملايين الأشخاص، بينهم الخليجيون بشكل غير متوقع، بدون تطبيقاتهم الاجتماعية الأساسية التي يعتمدون عليها يومياً، مما أثار ردود فعل متباينة.
ونشر رئيس قسم العلوم السياسية بجامعة الكويت د. عبد الله الشايجي، تغريدات تسخر من "فيسبوك"، وعلق في إحداها قائلاً: "تويتر لا يزال صامداً. نزوح جماعي من فيسبوك و واتساب وإنستغرام لتويتر".
وفي تغريدة أخرى تتحدث عن قوة وجود مواقع التواصل الاجتماعي، قال الشايجي: "قبل عامين وزير عبقري في لبنان اقترح فرض ضريبة على استخدام تطبيق واتساب ففجّر ثورة شعبية في لبنان جرّت لبنان لكارثة سياسية واقتصادية واجتماعية هي الأسوأ في تاريخه".
وأشار أيضاً إلى دور منصات التواصل في ثورات الربيع العربي، بقوله: إن "ثورة يناير في مصر هي ثورة تم تنسيقها عبر فيسبوك كما قيل!".
أما الصحفي السعودي عثمان العمير، فقد كتب قائلاً: "انتشرت الأخبار الكاذبة البارحة، والإشاعات المزورة، ونظرية المؤامرة، والتبشير بالحروب، ونهاية الحضارة الأوروبية والنفوذ الأمريكي (..) ثم استيقظنا والجميع مكانه"، في تعليقه على ما أثير خلال ساعات تعطل تطبيقات فيسبوك"
بدوره طالب الإعلامي السعودي الشهير وليد الفراج بـ"ضرورة بقاء جهاز الاستقبال التلفزيوني التقليدي واللاقط الفضائي وجهاز الراديو في المنزل"، مضيفاً: "تخيل لو توقف الإنترنت أيضاً 24 ساعة عن العالم، سيُصبِح الناس في عزلة كاملة".
أما الصحفي ومستشار الاتصال والعلاقات الدولية، في البحرين محمد النعيمي، فقد رأى أن منصة تويتر "أثبتت أنها البيت العود"، في إشارة إلى لجوء كثيرين لـ"العصفور الأزرق" بعد توقف بقية شبكات التواصل.
فيما سخر الكاتب الكويتي علي السند من الإشاعات التي يتناقلها كثيرون يومياً في "واتساب" و"فيسبوك"، بقوله: "الحين اشلون توصلنا الإشاعات؟!".
تساؤلات واتهامات
"علّق الواتساب فتأثرت حياة أغلب مجتمعنا بشكل كبير!"، هكذا وصف المهتم بنشر الوعي الرقمي في الإمارات عبد العزيز الحمادي، مشيراً إلى أن الجميع اعتمد على "تطبيق واحد في التواصل والعمل وقضاء احتياجاتنا مع الآخرين".
وقال: إن هذا الأمر "يعطي تساؤلات عن تأثير الشركات المالكة لهذه التطبيقات على حياتنا ومدى قدرتها على التحكم فينا!".
أما الإماراتي ضاحي العبدولي، فقد طرح تساؤلات أخرى: "(7) مليارات دولار خسرها مارك زوكربيرغ (..) لساعات قليلة، يبقى السؤال: كيف يدار هذا العالم المجنون؟ وهل ما حدث هو تمهيد لخسارة الإنترنت بصورة تدريجية؟".
رئيس الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز، فيصل الخميس، أشار إلى السنوات التي سبقت مواقع التواصل وتطورها، قائلاً: "هنالك جيل كامل لم يمر بمراحل انقطاع خدمات الإنترنت، والذي كان أمراً يومياً اعتيادياً".
وأردف موضحاً: "تويتر ببداياته 2006-2010 كان ينقطع بشكل شبه أسبوعي، أما ما قبل ذلك، فحدّث ولا حرج، خدمات تختفي فجأة، وكان المستخدمون يتفنّنون بعمل نسخ احتياطية من بياناتهم على سيديهات".
ويضيف: "يصبح توقف خدمة إنترنت خبراً عاجلاً بوسائل الإعلام، وتنتشر الإشاعات كأننا بحالة حرب. عندما توقف فيسبوك بأمريكا اليوم، اشتكى المستخدمون هناك من أن شركات الاتصالات لا تعمل"، مشيراً إلى أن "كثيرين من هؤلاء لا يعرفون من هواتفهم الذكية سوى فيسبوك، وعندما لم يعمل افترضوا تلقائياً أن الشبكة ككل لا تعمل".
وعن الخسارات وأسباب توقف "فيسبوك"، فقد رأى الإعلامي والمفكر الكويتي صلاح صالح الراشد، أن تكلفة خسائر فيسبوك في الساعات الماضية "تبني بيتاً لكل العرب الذين لا يملكون بيتاً لمدة عشر سنوات!"، لافتاً إلى أن هذه الخسائر تشكل ما تبيعه الكويت من نفط قرابة 10 شهور!".
أما السعودي مشعل الشايع، فقد نشر إحصائية لشبكة "نت بلوكس" لمراقبة الشبكات، والتي قالت إن تكلفة تعطل تلك التطبيقات في السعودية، تسببت بخسائر 123 مليون ريال (32 مليون دولار).
أما الكاتب العُماني زكريا المحرمي، فقد استغل ما حدث لـ"فيسبوك"، ليكتب في صفحته على "تويتر" مهاجماً الشبكة قائلاً: "إن تساهل فيسبوك مع خطاب الكراهية من أجل الدعاية والانتشار هو السبب الأكبر في مجازر المسلمين الروهينغا في بورما وفي المجازر التي يشنها متطرفو الهندوس ضد المسلمين في الهند".
أما الكاتب الكويتي محمد البغلي، فقد طرح تساؤلاً أيضاً عن توقف "تطبيقات قيمتها السوقية مئات مليارات الدولارات"، بقوله: "هل يمكن لهذا الأمر أن يتكرر لاحقاً؟"، ويعلق "ربما تكون الإجابة عن مثل هذا السؤال نقطة تحوّل في سياسات الاستثمار بشركات التواصل الاجتماعي".
بدوره تساءل مؤسس المنصة العربية للتعليم المفتوح، فؤاد الفرحان، عن التفسيرات لانقطاع "فيسبوك"، قاصداً بذلك "التفسيرات المؤامراتية التي لا تستند إلى أدلة ومصادر موثوقة"، ليجد أحدهم يعلق بقوله "الصين"، فيما قال آخر "هجوم فضائي".
انتقادات وتسريبات
يذكر أن وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون" دخلت على خط الأزمة وقالت إنها تدرس إمكانية وجود تهديد أمني على خلفية ما يحدث لوسائل التواصل الاجتماعي.
من جانبها قالت موظفة مستقيلة من "فيسبوك" تدعى فرانسيس هاوغن، لشبكة "سي بي إس" الأمريكية، إن الشركة فضّلت أرباحها ومصلحتها دائماً على حماية سلامة المستخدمين.
وأضافت مهندسة البيانات السابقة في فيسبوك، أن تضارباً للمصالح في الشركة كشف ما فيه خير للناس وما هو مربح للشركة، واتهمت المنصة بأنها تزيد من الكراهية وتنشر معلومات مضللة وتسبب الأزمات السياسية.
وفي سياق متصل، نقلت صحيفة "وول ستريت جورنال" عن "هاوغن" قولها إن قواعد الشركة تعطي معاملة تفضيلية للنخبة، وإن خوارزميات الشركة تعزز الفُرقة.
وأضافت أن عصابات المخدرات والاتجار بالبشر تستخدم خدمات فيسبوك علناً، وأن اكتشافاتها تلك تستند جزئياً إلى وثائق جمعتها خلال عملها السابق مع فيسبوك، إضافة إلى مقابلات مع موظفين حاليين وسابقين.