أوبزيرفر-
نشرت صحيفة “أوبزيرفر” تقريرا لمراسلها في واشنطن جوليان بورغر تساءل فيه عن سبب تجاهل السعودية للرئيس الأمريكي جو بايدن، مشيرا إلى أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان يعول على عودة إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب. وتناول التقرير رفض السعودية مساعدة الولايات المتحدة ومعاقبة روسيا بسبب غزوها أوكرانيا ووضع ملياري دولار في استثمارات صهر ترامب جارد كوشنر رغم قلة خبرته في مجال الاستثمار الذي يحاول دخوله.
ففي محاولة من إدارة بايدن إقناع الرياض زيادة إنتاج النفط من أجل تخفيض أسعارها بنسبة 30% على الأقل، حاولت التأكيد للسعوديين بأنها ملتزمة بأمن مملكتهم. وقال البيت الأبيض يوم الخميس إن “الالتزام صلب من الرئيس إلى ما دونه” وأعلن البنتاغون أنه يعمل على مسودة لبيان ترتيبات أمريكية- سعودية أمنية، إلا أن المراقبين يرون أن المسودة لن تلبي الضمانات الأمنية التي يطالب بها السعوديون ودول الخليج.
وذكرت تقارير أن ولي العهد محمد بن سلمان والحاكم الفعلي رفض تلقي مكالمات من بايدن الشهر الماضي، وعبر عن عدم رضاه عن قيود الإدارة على مبيعات الأسلحة، وما يراه ردا غير كاف على الهجمات التي يقوم بها الحوثيون ضد المملكة وانزعاجه من نشر الإدارة تقريرا يتعلق بمقتل الصحافي جمال خاشقجي عام 2018. ويبدو أن الأمير يراهن على عودة ترامب للرئاسة في انتخابات عام 2024، وبالضرورة عودة العلاقة الدافئة مع السعودية.
وقال الكاتب إن هناك دعوات للتحقيق في الاستثمار الضخم الذي وافقت عليه هيئة الاستثمار العام السعودية بشركة “أفينتي بارتنرز” والتي أنشأها كوشنر بعد أشهر من مغادرته البيت الأبيض، حيث عمل مستشارا لصهره ترامب. وبقراره الموافقة على المساهمة في الشركة، فقد تجاهل ولي العهد النصائح من هيئة استشارية في الصندوق السيادي التي طرحت فكرة عدم خبرة أفينتي في مجال السندات الخاصة، وبخاصة أن كوشنر كان في قطاع العقارات، قبل عمله في البيت الأبيض خلال فترة ترامب. كما أن سجله الاستثماري لم يكن جيدا بشكل عام. وعبرت عن قلقها من أن العناية الواجبة للشركة الجديدة غير مرضية، حسب ما نشرته صحيفة “نيويورك تايمز”.
وقال المحلل السابق في المخابرات الأمريكية ومدير برنامج الأمن بمعهد بروكينغز بروس ريدل: “في نهاية المطاف فالأمر كالآتي: السعوديون -بمعنى محمد بن سلمان- اختاروا ترامب على بايدن وهم متمسكون برهانهم” و”هو ليس رهانا غير معقول، فقد منحهم ترامب الدعم الكامل في اليمن وفي قضية جمال خاشقجي وأعطاهم كل شيء للوصول إلى واشنطن”. ويقول جون جينكنز، السفير البريطاني السابق في السعودية “أشك في أنه (ولي العهد) يراهن على انتصار الجمهوريين بشكل كبير في الانتخابات النصفية ومن ثم استعادة الرئاسة- بترامب أو بدونه”. وأضاف “وربما اعتقد أن بايدن ضعيف سياسيا ولهذا يستطيع إغضابه. وهذا يرسل رسالة ليس للحزب الديمقراطي فقط ولكن الجمهوري. وبناء على النقاش وسط الدوائر السياسية في واشنطن العاصمة فنهجه يترك أثره”. ولم ترد السفارة السعودية في واشنطن على طلب للتعليق.
ويقول الكاتب إن الديمقراطيين ردوا بغضب على استثمارات السعوديين في شركة كوشنر. ودعت السيناتورة إليزابيث وارن وزارة العدل للنظر وبعمق فيما إن كانت الترتيبات “غير قانونية”. أما السيناتور كيرس ميرفي، فقد غرد على تويتر “كون الفساد يحدث بطريقة مدهشة في الفضاء العام لا يجعله مدهشا”.
ففي الأشهر الأولى من إدارة ترامب كان كوشنر محوريا في حرف الدعم عن ولي العهد السابق محمد بن نايف نحو الأمير الأصغر محمد بن سلمان، والذي أقام معه كوشنر علاقة قريبة من خلال تطبيق الرسائل واتساب. وبعد مقتل خاشقجي كان كوشنر من أكبر المدافعين عن الأمير محمد. أما في إدارة بايدن، فقد كان هناك داعون لاسترضاء ولي العهد من أجل تحقيق هدف أشمل وهو تخفيض أسعار النفط، بشكل يؤثر على خزينة الكرملين وعلى أسعار النفط التي تعتبر حساسة سياسيا. وقال دبلوماسي أوروبي “هناك نقاش في هذه اللحظة أنه يمكن مصادقة أي طرف باستثناء روسيا”. ويجري البنتاغون في الفترة الأخيرة لقاءات من أجل التوصل لمسودة إجراءات أمنية مع السعودية ودول الخليج.
إلا أن كريستين فونتينروز، المديرة السابقة لبرنامج الخليج في مجلس الأمن القومي ترى أنه مهما قدمت الإدارة من اقتراحات فلن تصل إلى حد إرضاء مطالب المنطقة من ضمانات أمنية تشبه بند 5 في ميثاق الناتو والذي ينص على الدفاع المشترك. وقالت “كانت هناك دفعة باتجاه البند 5 في الفترة الماضية من عدة دول” و “لكن لا فرصة لأن تحصل عليها”. ولم يعلق البنتاغون على الجهود الحالية واكتفى بالتأكيد على الترتيبات الأمنية الخليجية. وقال متحدث باسم وزارة الدفاع الأمريكية الميجر روب لوديك “لا تزال وزارة الدفاع ملتزمة بتعزيز أمن السعودية ضد التهديدات الخارجية”. و “نعمل هذا من خلال التعاون الدفاعي ونقل الأسلحة وتجارة الدفاع، المناورات والتدريب والتبادل إلى جانب التعامل في مجال حقوق الإنسان وتخفيف الأذى عن المدنيين”. وحتى لو أرادت الإدارة منح هذه الضمانات فلا يوجد ما يضمن موافقة الكونغرس عليها، حيث يطالب الجناح التقدمي في الحزب الديمقراطي بايدن بسياسة متشددة مع الرياض، وبخاصة في ظل عدم تعاونها في النفط وروسيا.
وقال سيث بايندر، مدير مشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط ” تواصل الولايات المتحدة تقديم أنواع معينة من المعدات، وأعلنت عن عدة صفقات لبيع الأسلحة في العام الماضي. وهناك دعم لوجيستي” و “يجب أن يكون كل هذا على الطاولة وبخاصة في ظل مواصلة هذا النظام السعودي ممارسة الضغط على إدارة بايدن”. ويرى مراقبون أن ولي العهد السعودي لن يغير رأيه بالتهديد أو اللين، لأن أسعار النفط تتزايد وتعزز ميزانيته وهو بانتظار إدارة أمريكية مطواعة. ويقول ريدل “لا أرى أن الوضع سيتغير كثيرا، فقد قرر السعوديون المضي مع بوتين ومستويات إنتاج النفط التي يريدونها والعالم يكيف نفسه بناء على ذلك” و “لا أعتقد أن هناك مساحة للمناورة لبايدن أيضا وأعتقد أن هناك قوة ضخمة ضد هذا”.