جيمس م. دورسي/ أوراسيا ريفيو - ترجمة الخليج الجديد-
بدلاً من الضغط من أجل تحسين العلاقات المتوترة مع الولايات المتحدة، يبدو أن السعودية تنتظر الوقت الذي يتم فيه قص أجنحة الرئيس الأمريكي "جو بايدن".
ويبدو أن المملكة تراهن على استقبال أفضل في واشنطن إذا فقد الديمقراطيون سيطرتهم على الكونجرس في انتخابات التجديد النصفي لهذا العام، أو إذا فاز "دونالد ترامب" أو مرشح جمهوري له ميول مماثلة بالبيت الأبيض في الانتخابات الرئاسية لعام 2024.
المراهنة على عودة الجمهوريين
يشير النهج السعودي إلى أن المملكة لم تبتعد عن الولايات المتحدة رغم أنها فقدت الثقة في "بايدن" بسبب موقفه من ولي العهد الأمير "محمد بن سلمان" وجهود إحياء الاتفاق النووي مع إيران.
كما يشير هذا النهج إلى أن السعودية تدرك أنه لا الصين ولا روسيا ترغبان أو تقدران على استبدال الولايات المتحدة كضامن لأمن المملكة، بالرغم أن واشنطن أثبتت بشكل متزايد، في السنوات الأخيرة، أنها شريك غير موثوق به.
وأشارت تصرفات "بن سلمان" إلى طريقة تفكيره عندما وافق على استثمار ملياري دولار من قبل صندوق الثروة السيادي في السعودية (صندوق الاستثمارات العامة) في صندوق استثماري خاص مثير للجدل، على عكس نصيحة لجنة دراسة العطاءات في صندوق الاستثمارات العامة.
وأنشئ صندوق الاستثمارات الخاص "أفينيتي بارتنرز" مؤخرًا من قبل "جاريد كوشنر"، صهر "ترامب" الذي حافظ على علاقة وثيقة مع ولي العهد. وفي عرض تقديمي، روج "كوشنر" لإنجازات الصندوق في السعودية ومنظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) وشركائه، بما في ذلك روسيا، مستندا على السنوات التي قضاها في البيت الأبيض.
وفي العام الماضي أيضًا، استثمر صندوق الاستثمارات العامة مليار دولار في شركة "ليبرتي ستراتيجيك كابيتال" التي أسسها "ستيفن منوتشين"، وزير الخزانة السابق في عهد "ترامب" والمدير التنفيذي المالي السابق في "وول ستريت".
وعلى عكس الاستثمار في صندوق "منوشين"، أثار المتخصصون في صندوق الاستثمارات العامة اعتراضات على الاستحواذ على حصة في "أفينيتي بارتنرز". واستشهدت لجنة دراسة العطاءات التابعة للصندوق السعودي بأسباب مختلفة مثل "قلة خبرة إدارة صندوق أفنيتي"؛ ورسوم إدارة الأصول المقترحة التي بدت "باهظة"؛ و"مخاطر العلاقات العامة".
ورأى محللون أن "بن سلمان"، الذي يرأس صندوق الاستثمارات العامة، فعل ذلك كمكافأة لـ"كوشنر" على دعمه في مناسبات متعددة خلال رئاسة "ترامب". ومع ذلك، من المرجح ألا يكون الاستثمار مجرد تعبير عن التقدير للمساعدة السابقة من "كوشنر" فحسب، بل يبدو وكأنه استثمار في عودة محتملة لـ"ترامب" أو جمهوري من أمثاله.
ووفقًا للرسائل النصية ووثائق المحكمة التي نشرتها الصحفية "فيكي وارد"، استخدم "كوشنر" منصبه في إدارة "ترامب" لمساعدة "بن سلمان" على تهميش ولي العهد آنذاك "محمد بن نايف" الذي كان مقربا من المخابرات الأمريكية ومجتمع السياسة الخارجية.
التوتر بين "بايدن" وولي العهد
وعلى عكس "ترامب" الذي خالف التقاليد عندما جعل السعودية أول دولة أجنبية يزورها بعد أن أصبح رئيسًا، فقد ظل "بايدن"، حتى وقت قريب، يرفض التعامل مع ولي العهد بسبب مقتل الصحفي "جمال خاشقجي" في القنصلية السعودية بإسطنبول عام 2018.
وقاوم "بن سلمان" جهود "بايدن" لزيادة إنتاج النفط في محاولة لخفض الأسعار في أعقاب حرب أوكرانيا. وردا على سؤال، الشهر الماضي، عما إذا كان الرئيس الأمريكي قد أساء فهمه، قال "بن سلمان" لمحاوره: "ببساطة، أنا لا أهتم".
ويشعر "بن سلمان"، مثل نظيره الإماراتي "محمد بن زايد"، أن الولايات المتحدة تخلت عن بلديهما عندما رفضت الرد بقوة على هجمات المليشيات المدعومة من إيران ضد منشآت النفط السعودية والإماراتية ومنشآت البنية التحتية الأخرى.
كما انتقد الأميران جهود "بايدن" لإحياء الاتفاق النووي مع إيران دون معالجة برنامج الصواريخ الباليستية للجمهورية الإسلامية، ودعمها للميليشيات الشيعية في مختلف الدول العربية.
وفي ردها هذا الأسبوع على تقارير إعلامية عن توتر في العلاقات الأمريكية مع المملكة، قالت السفارة السعودية في واشنطن إن "العلاقة تاريخية ولا تزال قوية. هناك اتصال يومي بين المسؤولين على المستوى المؤسسي، وهناك تنسيق وثيق حول قضايا متعددة مثل الأمن والاستثمارات والطاقة".
إعادة ضبط العلاقات
من المؤكد أن "ترامب" كان أكثر فظاظة في رفضه الرد على الهجمات المدعومة من إيران في عام 2019، والتي استهدفت بعض منشآت النفط المهمة في السعودية، فقد قال في ذلك الوقت: "كان ذلك هجومًا على السعودية، ولم يكن ذلك هجومًا علينا"، في تأكيد ضمني على أن الولايات المتحدة ليس لديها التزام على غرار الناتو تجاه المملكة.
وفي الوقت نفسه، أشار "ترامب" إلى أن موقفه تجاه مساعدة السعودية في الرد على الهجوم أشبه بمقايضة، حيث قال: "سنساعدهم بالتأكيد. إذا قررنا القيام بشيء ما، فسيشاركون كثيرًا، ويشمل ذلك الدفع. وهم يفهمون ذلك بالكامل".
وفي غياب البدائل، قد يكون هذا النهج أكثر راحة بالنسبة لـ"بن سلمان" بالنظر إلى المزاج الحالي العام في واشنطن وعدم وجود تفاهمات أمنية ملزمة بشكل واضح.
في الأسبوع الماضي، أرسل 30 عضوا ديمقراطيا في الكونجرس رسالة إلى وزير الخارجية "أنتوني بلينكن"، طلبوا فيها "إعادة معايرة" العلاقة بين الولايات المتحدة والسعودية، كما طلبوا من الإدارة إفادة حول "مراجعة وتقييم العلاقة بين الولايات المتحدة والسعودية".
ورداً على ذلك، قال الأمين العام المساعد لمجلس التعاون الخليجي "عبدالعزيز حمد العويشق"، إن "إعادة المعايرة مطلوبة لإعادة النظر في المكونات الأساسية التي ترتكز عليها الشراكة الأمريكية طويلة الأمد مع السعودية وحلفائها في مجلس التعاون الخليجي. لعبت الولايات المتحدة دورًا رئيسيًا في أمن الخليج دون اتفاقات رسمية بين الطرفين. هناك حاجة إلى بنية استراتيجية جديدة لتحديث وترقية التعاون الحالي".
وجاءت تصريحات "العويشق" في الوقت الذي ضغطت فيه السعودية والإمارات، بدعم من اللوبي الإسرائيلي في واشنطن، على إدارة "بايدن" لتوقيع اتفاقات دفاعية مع دول الخليج مماثلة للاتفاق بين الإمارات وفرنسا.
وقال "مايكل هيرزوغ"، سفير إسرائيل في واشنطن: "أتفهم المخاوف الأمريكية، لكن السعودية دولة مهمة بالنسبة لنا في العالم الإسلامي. ومن المهم إصلاح العلاقات بين الولايات المتحدة والمملكة".