كريستوفر ديفيدسون / فير أوزبرفر - ترجمة وتحرير الخليج الجديد-
من هو خليفة الأمير "محمد بن سلمان" في ولاية عهد السعودية؟، سؤال طرحه عديد المراقبين خلال الآونة الأخيرة في ظل اعتبار "بن سلمان" الحاكم الفعلي للمملكة، ودارت تكهناتهم حول عدد من أبناء الملك "سلمان"، غير أن لوحة على إحدى جدران قصر اليمامة بالرياض قدمت مؤشرا على الخليفة المحتمل.
إنه "تركي بن سلمان" حسبما يرجح الخبير في شؤون الشرق الأوسط "كريستوفر ديفيدسون" في تحليل نشره موقع "فير أوزبرفر" الأمريكي، مشيرا إلى لوحة قصر اليمامة، التي جرى الكشف عنها في وقت سابق من العام الجاري، ويظهر فيها الملك "سلمان" في الوسط، وولي عهده "محمد" على يمينه، و"تركي" على يساره.
ورغم أن الأمير "تركي" هو الأقل شهرة بين أبناء الملك "سلمان"، إلا أن وضعه في لوحة القصر قدم مؤشرا على إعداده لخلافة أخيه الشقيق "محمد"، الذي لم يكن بدوره الأكثر شهرة قبل توليه ولاية العهد.
أثارت اللوحة جدلا حول خط الخلافة المرجح في حالة وفاة الملك "سلمان"، البالغ من العمر 86 عامًا، وتوقع مراقبون أن يكون "محمد بن سلمان" راغبا في خلافة الأمير "تركي" له، أو أن يكون ترتيب ولاية العهد "بطلب من والديه".
فـ"تركي" (35 عاما) هو الأكبر بين أبناء "فهدة بنت فلاح بن سلطان آل حِثلين العجمي"، الزوجة الثالثة للملك "سلمان"، بعد "محمد بن سلمان" (37 عاما)، وإن لم يكن الأكثر شهرة فيما بينهم، ويظهر دائما باعتباره اليد اليمني للأخير.
أما باقي الأبناء من "فهدة"، فثالثهم الأكثر شهرة، وهو الأمير "خالد بن سلمان" (34 عاما)، وهو نائب وزير الدفاع، وعمل سفيرا للسعودية في الولايات المتحدة، ورابعهم هو الأمير "بندر بن سلمان" (27 عاما)، قائد الحرس الملكي ومسؤول الأمن الشخصي لكل من الملك وولي العهد.
وعلى عكس إخوته، يبدو أن "تركي" تولى السيطرة بهدوء على الثروات الخاصة للأسرة المالكة في السعودية، كما تم وضعه في تكتم كواحد من أهم محاوري المملكة مع المستثمرين الأجانب.
فقد تولى "تركي" إدارة المحفظة العقارية الشخصية للملك "سلمان"، وارتبط بالعديد من الكيانات التي تملك الأصول الخاصة بالملك في الخارج، كما عمل لفترة قصيرة رئيسا للمجموعة السعودية للأبحاث والإعلام، قبل أن يخرجه أخيه "محمد" لتولي رئاسة مجلس إدارة شركة الثروات القابضة، المالكة لثروات أفراد الأسرة المالكة للأسرة عام 2015.
واكتسب اسم "الثروات" أهميته في يناير/كانون الثاني 2016 كجزء من خطة "محمد بن سلمان" الرئيسية لتنويع النفط في مرحلة ما بعد النفط، المعروفة باسم برنامج التحول الوطني (NTP)، وأصبحت جزءًا من رؤية السعودية الاستراتيجية لعام 2030.
في هذا السياق، بدأت "الثروات" تتوسع بسرعة، وأصبحت في ميزان مقارنة مع بعض أكبر الشركات المملوكة لعائلات تجارية خليجية في دبي والبحرين، بما في ذلك مجموعتي الفطيم والغرير، ومجموعة كانو.
وفي هذا الإطار، وجه الأمير "تركي بن سلمان" استثمارات "الثروات" في عدد من المشاريع المحلية العقارية والإنشائية والزراعية والطبية وتكنولوجيا المعلومات، كما ربطها بسلسلة من استثمارات صناعة الطيران السعودية المثيرة للجدل.
وفي عام 2014، استحوذت "الثروات" على حصة الأغلبية في بنك صغير مقره دبي (كوانتوم)، وتولى الأمير "تركي" منصب رئيس مجلس إدارة هذا البنك، الذي عمل بعد ذلك كواحد من اثنين من وكلاء الاكتتاب في صندوق تأجير طائرات جديد متوافق مع الشريعة الإسلامية.
واشترى الصندوق لاحقا 50 طائرة من طراز إيرباص ثم أجرها لشركة الطيران الوطنية السعودية، لتشكل نحو ثلث أسطول الشركة من الطائرات.
وفي يونيو/حزيران 2015، أعلن الأمير "محمد بن سلمان"، في معرض باريس الجوي، عن صفقة إيرباص، مشيرا إلى أنه كان "العقل المدبر" لها.
وإزاء ذلك، قارن عديد المراقبين بين "الثروات" وبين مجموعة "بريمير" البحرينية، المملوكة للديوان الملكي في البحرين، والتي تدير الاستثمارات الخاصة بالملك "حمد بن عيسى آل خليفة" المحلية والدولية.
كما قارن المراقبون بين "الثروات" وبين مجموعة "رويال" في أبو ظبي، التي يقودها "طحنون بن زايد آل نهيان"، شقيق رئيس دولة الإمارات "محمد بن زايد آل نهيان"، وتمثل المصالح التجارية الخاصة لـ "آل زايد".
ورغم أن "ديفيدسون" يرى أن أنشطة "الثروات" تكشف بوضوح أن "تركي بن سلمان" هو أبرز رجال المال في عائلة العاهل السعودي، ما يجعله يحتل المرتبة الثانية في السلطة بعد أخيه "محمد"، إلا أنه نوه إلى أن أمر خلافة ولاية العهد في السعودية يتعلق بما إذا كان اسم الخليفة نابعا من رغبة الأمير "محمد" أم من أبيه الملك.
فإذا كانت رغبة ولي العهد، فإن الأمير "تركي" هو ولي العهد القادم على الأرجح، وإذا كانت رغبة الملك دون ولي عهده فقد يؤخر "بن سلمان"، الحاكم الفعلي للسعودية، تعيين خليفته، وينتظ "حتى يصبح قوياً بما يكفي لجعل أحد أبنائه ولياً للعهد"، حسبما يرى "ديفيدسون".
وبذلك، سيكون "محمد بن سلمان" على موعد مع إخراج "ورقة أخرى من كتاب محمد بن زايد آل نهيان، حيث ينتظر الجميع في أبوظبي تعيينه لابنه المفضل (خالد) وليا للعهد، وليس أيا من أعمامه" حسب تعبير الخبير في شؤون الشرق الأوسط.