محمد أبو رزق - الخليج أونلاين-
في استثناء من نظام الحكم السائد بالمملكة العربية السعودية منذ عشرات السنين، خرجت أوامر ملكية تاريخية بنقل منصب رئاسة الوزراء من الملك سلمان بن عبد العزيز إلى ولي عهده الأمير محمد بن سلمان.
وتعكس هذه القرارات الملكية القوة والثقة التي يتمتع بها ولي العهد الشاب، بعد سلسلة تغيرات وقفزات أحدثها للمملكة على الأصعدة السياسية والاقتصادية والاجتماعية منذ وصوله إلى منصبه، في عام 2017.
ومساء الثلاثاء 27 سبتمبر 2022، وحسب وكالة الأنباء الرسمية (واس)، فإن الملك سلمان أصدر أمراً ملكياً بأن يكون ولي العهد رئيساً لمجلس الوزراء؛ استثناءً من حكم المادة (56) من النظام الأساسي للحكم.
وينص نظام الحكم بالسعودية على أن الملك يتولى منصب رئيس الوزراء، فيما تولى ولي العهد بالمملكة منصب رئيس الوزراء مرتين في تاريخ المملكة، الأولى في عهد الملك عبد العزيز آل سعود، والثانية في عهد الملك سعود بن عبد العزيز.
واستقر الأمر منذ عهد الملك فيصل في العام 1964 على تولي الملك رئاسة الوزراء، وتواصل حتى صدور المرسوم الملكي الأخير.
دلالات القرار
وحول أهمية ودلالات القرار قال المحلل السياسي السعودي جهاد العبيد: إن "أمر الملك سلمان بنقل منصب رئيس الوزراء إلى ولي عهده قرار تاريخي يأتي في وقت تتطلع فيه السعودية للمزيد من الحراك والتطور على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي".
وأضاف العبيد في حديثه لـ"الخليج أونلاين" أن "هذا القرار يدل على ثقة الملك بولي العهد. مثل هذه القرارات الجريئة تحتاج إلى أشخاص وقامات مثل الملك سلمان، ولأمير مثل محمد بن سلمان رائد النهضة في البلاد".
وأشار إلى أن تعيين الأمير خالد بن سلمان وزيراً للدفاع دليل آخر على توجه العاهل السعودي لتمكين الشباب وتعيينهم بمناصب قيادية.
وحسب المحلل السياسي، فإن سياسة السعودية "ثابتة وتتسم بالاتزان والوضوح والنهضة بالمنطقة والشعب السعودي للأعلى دائماً"، معتبراً أن هذه التغيرات والحراك يأتي في مصلحة الدولة.
خطوة مهمة
من جانبه أكد المحلل السياسي السعودي مبارك آل عاتي، أن تعيين بن سلمان رئيساً للوزراء "خطوة تقدمية مهمة جداً تأتي في إطار سعي الملك لتطوير كافة أجهزة وأنظمة الدولة".
وقال آل عاتي، في تصريحات لموقع قناة "الحرة" الأمريكية: إن الخطوة "تهدف لتسهيل إصدار القرارات وتسهيل عملية التطوير، ضمن رؤية المملكة 2030".
ورأى أن الخطوة "ستعطي لولي العهد المزيد من المسؤوليات من أجل السير بالعملية التنموية والتطويرية في المملكة إلى آفاق أوسع".
وأشار آل عاتي إلى أن "ولي العهد يتصدى لمسؤوليات كبيرة تتعلق بتنفيذ رؤية المملكة لخطة 2030، وهذا يتطلب مزيداً من سرعة اتخاذ القرار وسرعة تنفيذه".
وحول دور الأمير محمد بن سلمان في المنصب الجديد نقلت وكالة "رويترز" عن مسؤول سعودي- لم تسمه- قوله: إن "الدور الجديد لولي العهد كرئيس للوزراء يتماشى مع تفويض سابق من الملك للمهام إليه، بما في ذلك تمثيل المملكة بالزيارات الخارجية ورئاسة القمم التي تستضيفها".
وأضاف المسؤول أن "ولي العهد، بناء على أوامر الملك، يشرف بالفعل على الهيئات التنفيذية الرئيسية للدولة بشكل يومي، ودوره الجديد كرئيس للوزراء يأتي في هذا السياق".
وأشار إلى أنه على مدار التاريخ حدث مثل هذا التفويض للمهام في المملكة عدة مرات.
تدرج بالمناصب
وتدرج الأمير محمد بالعديد من المناصب السياسية المهمة، حيث بدأ مسيرته السياسية من خلال عمله مستشاراً متفرغاً في هيئة الخبراء التابعة لمجلس الوزراء، خلال الفترة بين عامي 2007-2009.
وصعد بعدها إلى منصب مستشار خاص لوالده حين كان أميراً لمنطقة الرياض، في ديسمبر 2009، مع مواصلة عمله مستشاراً غير متفرغ في هيئة الخبراء حتى مارس 2013.
ومع تولي والده منصب ولي العهد صدر أمر ملكي بتعيين الأمير محمد رئيساً لديوان ولي العهد، ومستشاراً خاصاً له بمرتبة وزير، في 3 مارس 2013.
وفي يوليو من العام نفسه، صدر أمر ملكي بتعيينه مشرفاً عاماً على مكتب وزير الدفاع، إضافة لعمله رئيساً لديوان ولي العهد، ثم في أبريل 2014 صدر أمر ملكي بتعيينه وزيراً للدولة، وعضواً في مجلس الوزراء، إضافة إلى عمله.
وبعد وصول والده الملك سلمان إلى عرش السعودية صدر أمر ملكي، في يناير 2015، بتعيينه وزيراً للدفاع إضافة إلى عمله، ورئيساً للديوان الملكي، ومستشاراً خاصاً للملك بمرتبة وزير، بالإضافة إلى عمله.
وفي أبريل 2015، أصدر الملك سلمان أمراً بإعفاء الأمير مقرن بن عبد العزيز من ولاية العهد، وتعيين محمد بن نايف بن عبد العزيز ولياً العهد، وتم بموجب الأمر الملكي نفسه تعيين محمد بن سلمان ولياً لولي العهد.
ومع وصول الأمير للمنصب السابق، دشن رؤية 2030 الهادفة لتحقيق التنويع الاقتصادي في المملكة بدلاً من الاعتماد على النفط .
وفي يونيو 2017، عيّن الملك سلمان نجله الأمير محمد ولياً للعهد بموجب أمر ملكي، وأعفى الأمير محمد بن نايف من مناصب ولي العهد ونائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية، وفق ما أعلنه الديوان الملكي.
ومنذ تولي الأمير بن سلمان منصبه ولياً للعهد، قاد سلسلة تغيرات قانونية وسياسية واجتماعية واقتصادية في المملكة، إضافة لشنه حملة لمحاربة الفساد.
وأدت هذه التغيرات إلى انفتاح المملكة اجتماعياً واقتصادياً ضمن استراتيجية تهدف إلى تحويلها إلى مركز اقتصادي وسياسي عالمي بحلول العام 2030.
وسياسياً بدأ ولي العهد يتولى صدارة الحكم في السعودية، حيث كلفه والده بالزيارات الخارجية، والنيابة عنه في حضور عدد من المناسبات الهامة بالخارج، منها زيارته للولايات المتحدة الأمريكية، في مارس 2017، واستقبال الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب له في البيت الأبيض بالعاصمة واشنطن.