(أحمد شوقي\ راصد الخليج)
لا شكّ أنّ توقيت صدور أمر ملكي بإعادة تشكيل مجلس الوزراء السعودي، ليصبح وليّ العهد السعودي محمد بن سلمان رئيساً للوزراء، وتعيين خالد بن سلمان بن عبد العزيز وزيراً للدّفاع، وتزامنه مع الأحداث الدّولية والإقليميّة وما بدا من دور سعودي بسبب أزمة الطّاقة، هو توقيت لافت.
وهناك شواهد أخرى مثل تكالب بعض الدول الأوربيّة على السعودية، كمحاولات لتعويض أزمة الطّاقة بسبب الحرب في أوكرانيا، وما بدا من دور سعودي للوساطة بين روسيا وأوكرانيا، تشي بأنّها فرصة مواتية لولي العهد لإعلان تسلّمه رسميًا للعرش، حيث كانت الموانع السياسيّة المتعلّقة بتحفّظات بعض الدول تجعل من هذه الخطوة مؤجّلة.
ولعلّ مقالًا تحت عنوان "ألمانيا تحتاج إلى الغاز والهيدروجين العربيين"، كتبَه أوليغ نيكوفوروف، في "نيزافيسيمايا غازيتا" الروسيّة، عن جولة المستشار الألماني أولاف شولتس في دول الخليج العربي، تبيّن جانبًا من ذلك، حيث يقول المقال في فقرة منه، أنّ المستشار الألماني أولاف شولتس، زار ومعه وفد كبير من ممثّلي الأعمال، قطر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتّحدة، والغرض المُعلن من الزيارات هو التوصّل إلى اتّفاقيّات حول التّعاون في مجال الطّاقة. الأمر الذي تحقّق مع الإمارات العربية المتّحدة بشأن توريد الغاز الطبيعي المسال ووقود الديزل إلى ألمانيا... وما تحجم الصحافة الألمانية عن الكتابة عنه هو وجود ممثّلين عسكريين في الوفد. فما يُمكن أن يقدّمه الألمان اليوم للدول النامية هو، أولاً وقبل كلّ شيء، أسلحة عالية الجودة. والأرجح أنّ ما أغرى المملكة العربية السعودية هو فرصة الحصول على الأسلحة التي سبق أن حُرمت منها بسبب حربها في اليمن وقتل الصّحفي جمال خاشقجي سنة 2018. وكانت اتّهامات بإعطاء أمر بالقتل قد وُجّهت حينها لولي العهد محمد بن سلمان. لكن لقاء شولتس مع ولي العهد السعودي يُعطي إشارة للعالم كلّه بأنّ الخلاف انتهى. ومن المُستبعد أن تكون كلمات المستشار، المبنيّة على البروتوكول، والدّاعية إلى احترام حقوق الإنسان وإدانة مقتل خاشقجي قد غيّرت شيئا في هذا الصّدد.
وعلى جانبٍ أخر، أفرَجت روسيا منذ أيّام، بفضل وساطة ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، عن عدد من المرتزقة الأجانب، معظمهم من دول غربية، ومواطن مغربي.
وبعد ذلك، تحدّث بوتين عبر الهاتف مع ولي العهد السعودي، وناقشا، من بين قضايا أخرى، "استقرار سوق النّفط العالميّة"، فضلاً عن الوساطة المحتملة للمملكة العربية السعودية في القضيّة الأوكرانيّة.
وعلّقت وسائل الإعلام الرّوسية على الأمر بقولها أنّ من الواضح أنّ دور الأمير محمد بن سلمان في تحرير المرتزقة الغربيين يسمح له بالحصول على مكافآت كبيرة في علاقاته مع الغرب، لا سيْما بالنّظر إلى أنّ مثل هذه التّبادلات أو الإفراجات قد تصبح منتظمة.
وكذلك يمكن أن تلُوح في الأفق مكافآت أكبر من التوسّط في المحادثات الروسية الأوكرانيّة المحتملة، والتي ستُصبح مرغوبة بشكلٍ خاص في أوروبا في الأشهر القليلة المُقبلة، مع انخفاض درجات الحرارة، وتصاعد أزمة الطّاقة في أوروبا. فإذا ما حدث ذلك، يمكن أن تجري تلك المحادثات في الرّياض وليس في تُركيا.
هنا ربّما يجد ابن سلمان الفُرصة الدّولية مواتية لإعلان استلامه للعرش ربّما لظروف صحيّة تتعلّق بالملك سلمان، وما كانت خطوة استلامه رئيساً للوزراء بدلاً من الملك إلّا مقدّمة وتمهيداً لذلك.
اللّافت أنّ محمد بن سلمان،أعلن النّسبة التي حقّقتها المملكة من الاكتفاء الذاتي للصّناعات العسكرية، وحسب وكالة الأنباء السعودية، جاء ذلك خلال لقائه مع وزير الدّفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان وقيادات الوزارة، في مقرّ وزارة الدّفاع، حيث قال ولي العهد السعودي إنّ المملكة رفعت الاكتفاء الذاتي الداخلي للصناعات العسكرية من 2% إلى 15%.، وأضاف أنّه يأمل أن يصل الاكتفاء الذاتي للصّناعات العسكريّة في بلاده إلى 50 %.
فهل أصبح التّرويج لاستلام العرش بإنجاز عسكري محصوراً في الطّموح السعودي بنسبة 15% وسقف الطموح 50% هو مؤشّر على عهد استقلال؟ أم أنّه مؤشّر على استمرار التّبعيّة الحتميّة والمتلازمة مع التّبعيّة في التّسليح!