صفوق الشمري- الوطن السعودية-
شيء مؤسف أن تقابل أحدهم يقدم نفسه مستشارا أو موظفا في الرؤية وهو بهذا الفكر الرجعي، لذلك نحتاج إلى فحص وغربلة، ونحتاج إلى عقول ترحب بالأفكار الجديدة الخلاقة
«الناس الذين يقولون إن بعض الأهداف مستحيلة، يجب ألا يتدخلوا في محاولات غيرهم لتحقيقها» برنارد شو. خلال السنتين الماضيتين لا أذكر أني أعطيت محاضرة أو برزنتيشن في الاجتماعات أو اللقاءات إلا وركزت على نقطتين: هما الذكاء الصناعي والروبوتات، وأثرهما في تحسين صحة وحياة البشر، طبعا بالإضافة إلى الثورة الحالية في التكنولوجيا الحيوية وتصنيع الأعضاء. عندي قناعة تكونت منذ سنوات بأن الذكاء الصناعي والروبوتات ستغير وجه البشرية.
لكن للأسف هناك نوعية من البشر ما زالت تعيش الماضي، وترفض التقدم باتجاه المستقبل، وسأسرد بعض الأحداث الواقعية لجهات وأناس عن جهل أو غُرور لا تريد تقدم البلد!
هناك مؤسسات مالية كبرى في المملكة كانت ترفض المشاريع ذات القيمة المضافة والتكنولوجيا العالية بحجة أنها (غرين فيلد)، فهم متعودون على تمويل مولات أو بلازات وعقار بينما أمور التكنولوجيا الحديثة جديدة عليهم، فهم لا يرغبون في تمويلها أو الاستثمار فيها، ورغم علمهم أن مشاريع الغرين فيلد هي من ستجلب التقدم والتكنولوجيا للوطن، وهي من تحقق قفزات حضارية ومالية، بينما سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان سينشئ مدنا ومشاريع غرين فيلد بحجم دول كما هو مشروع (نيوم)، لأنه يعرف أن مثل هذه المشاريع هو من سيغير وجه البلد الحضاري، وهو طريق المستقبل، قبل فترة كنت في اجتماع مع إحدى الجهات الحكومية، وكنت أحثهم بقوة على إدخال الروبوتات والذكاء الصناعي ونقل التقنية، فرد أحدهم (حنا مش ملحقين على البشر علشان نجيب روبوتات!).
إحدى الجهات المالية الكبرى كنا في لقاء، وكالعادة تطرقت إلى حاجة البلد للروبوتات والذكاء الصناعي وكيفية توطينها، والمشكلة أن غالبيتهم كانوا من جيل شاب نسبيا، فإذا بهم يعيدون علينا الدرس الذي حفظوه، بأن هناك 3 أسباب تجعلهم لا يفضلون التقنية الحديثة، وهي أنها غرين فيلد، والثاني أنه ليس لها أصول مثل الأراضي والعقار والمولات، والثالث أنه لا أحد لديه معرفة بها، أو بالأحرى لم يروا إحدى المؤسسات الأخرى في البلد تتعامل فيها، بمختصر العبارة، رغم أنهم جيل شاب إلا أنهم تشبعوا بأفكار تجار التراب الذين لم يقدموا للبلد أي تقدم أو حداثة لعقود، ورأيت الفخر بالإجابة من رئيسهم، وأذكر أن ردي كان بسيطا، هل فيسبوك أو سناب شات أو أوبر عندها أصول عقارية كبرى؟ وانظروا إلى نجاحها!
هذه المؤسسات والعقليات ممن يفكر بالحجر وليس البشر الذي هو الاستثمار الحقيقي، لكن لا يوجد سؤال أكثر استفزازا من بعض الجهات التي تسأل، هل دولة خليجية أخرى استخدمت هذه التكنولوجيا قبل؟ وكأنهم ينتظرون أن يستخدمها أحد قبلهم، ولا يريدون أن يكونوا سباقين!.
كثيرون في العالم لا يعرفون من صنع ثاني سيارة أو ثاني طائرة أو ثاني كمبيوتر، لأن الذي يحفظ في التاريخ هو المركز الأول والسباقون إليه، وللأسف البعض يخاف من المركز الأول لدينا!
قبل فترة قصيرة كنت في لقاء مع صندوق حكومي، وناقشنا مواضيع الروبوتات والذكاء الصناعي والتكنولوجيا الحيوية، وأهمية وجودها وتوطينها في مستقبل الوطن، وكان أغرب رد سمعته: سنرى إذا كانت هذه المواضيع من عناصر الرؤية! فقلت يستحيل ألا تكون هذه العناصر في الرؤية، لأن هذه المجالات هي عماد مستقبل البشرية، والرؤية معتمدة على تطوير رأس المال البشري ونقل التقنية!
ذكرت هذه الأمثلة الأربعة السابقة تحديدا لسبب معين! وهو أن هذه الجهات المذكورة إما أنها تعمل مستشارا أو مشاركة مباشرة في الرؤية 2030! وهم بمثل هذا الفكر المتخلف عن جوهر الرؤية!
على من يعمل في الرؤية أن يتبنى فكرها قولا وعملا وليس الالتحاف بها كشعار فقط، لكنهم تشبعوا بأفكار الماضي العتيقة، يقول توفيق الحكيم (كثير من الناس يعيشون طويلا في الماضي، والماضي منصة للقفز لا أريكة للاسترخاء).
إن فكر سمو الأمير محمد بن سلمان يسبق كثيرا من فكر رجال الأعمال وبعض المسؤولين في المؤسسات المالية بملايين السنوات الضوئية، هو يريد أن تكون البلد في المراكز الأولى عالميا، وفي القمة في التقدم والمستقبل، ومشروع (نيوم) فكرة سباقة عالميا، ولكن البعض يريد ما تعودوا عليه سابقا والراحة والعقار والمولات، سمو الأمير تركيزه على البشر، وهم تركيزهم على الحجر.
قال سمو الأمير محمد بن سلمان كلمة مهمة، إن هذه المشاريع للحالمين، وهي فعلا للحالمين وليس النائمين، لذلك أبعدوا أصحاب الفكر المتخلف علميا وعمليا عن الرؤية حتى لو كانوا شبابا، صراحة شيء مؤسف أن تقابل أحدهم يقدم نفسه مستشارا أو موظفا في الرؤية وهو بهذا الفكر الرجعي، لذلك نحتاج إلى فحص وغربلة، ونحتاج إلى عقول ترحب بالأفكار الجديدة الخلاقة وتتنبأ باتجاه المستقبل.