احمد شوقي- خاص راصد الخليج-
من اللافت للنظر ان السياسات السعودية في الفترة الاخيرة اصبحت بمثابة اصداء للصوت الاسرائيلي، وهو تطور لافت وخطير، ويصعب تلافي عواقبه على المنطقة والتي اصبحت على فوهة بركان يتوقع انفجاره بين لحظة واخرى.
والخطوة الاخيرة التي أعلنتها السعودية بتأسيس كيان جديد يضم في منطقة البحر الأحمر 7 دول هي مصر والسودان وجيبوتي واليمن والصومال والأردن، بالإضافة للعربية السعودية، جاءت في نفس اليوم الذي نشرت به تصريحات للسفير الاسرائيلي السابق بمصر ورومانيا، تسيفي ميزائيل، والمتعلقة بتهديد حرية الملاحة بالبحر الابيض نتيجة الاتفاقات التركية السودانية والمتعلقة بجزيرة سواكن وكذلك التواجد التركي في الصومال.
وبنظرة على ما اعلنته السعودية حول الكيان الجديد، نجد ان وزير الخارجية السعودي عادل الجبير صرح عقب اجتماع جمع وزراء خارجية الدول الـ7 في الرياض بالقول: "تم العمل على تنفيذ فكرة إنشاء كيان يجمع الدول العربية والأفريقية المتشاطئة للبحر الأحمر وخليج عدن، من أجل الحفاظ على مصالح هذه الدول، والتعامل مع الحيثيات في هذه المنطقة الحساسة، إذ يعد البحر الأحمر من أهم الممرات البحرية في العالم، حيث تمر به نسبة كبيرة من التجارة الدولية".
وبنظرة على التصريحات الاسرائيلية، نجد تسيفي ميزائيل قال من ضمن تصريحاته: " أن الوجود العسكري التركي في جزيرة سواكن وفي الصومال، يمكن أن يشكل تهديدا لحرية الملاحة في البحر الأحمر، لافتا إلى أن أنقرة تريد بهذه النشاطات أن تؤخذ في الاعتبار بعيدا عن حدودها"، كما سجّل الدبلوماسي الإسرائيلي أن السعودية ومصر غير راضيتين عن الوجود التركي في السودان والصومال، لكنهما غير قادرتين على مواجهته في هذه المرحلة لانشغالهما، ولأسباب أخرى.
هذا التزامن يصعب ان يكون مصادفة، وتصريحات تسيفي حول عدم رضا مصر والسعودية عن تحركات تركيا، تشي بان فكرة انشاء الكيان مرتبطة بما ذكره السفير الصهيوني.
بداية لا احد يستطيع ادانة وجود تكتل عربي، طالما كان لصالح العرب ولصالح قضاياهم وشعوبهم، وطالما كان التكتل في مواجهة العدو.
لكن ان تكون التكتلات برضا العدو الاسرائيلي، فهي بلا شك تعني انها في تضاد مع الامن العربي وضد مصالح الشعب العربي.
ملابسات اتفاق تيران وصنافير والتنازل المصري عن الجزيرتين باكراه سعودي وضد الارادة الشعبية المصرية، ثم قيادة السعودية لتكتل جديد يشمل دولا مثل جيبوتي والصومال وهما محل صراع جيو استراتيجي دولي كبير بين امريكا والصين، ويشمل اليمن والتي تشهد حربا شرسة بتحالف سعودي امريكي معلن، وباقي دول التكتل لها علاقات بالرئيس الامريكي ترامب لا تستطيع الاقدام على خطوة مفادها التحدي له، وهو من يعلي مصلحة اسرائيل حتى على حساب سمعة امريكا واستقرار نظامه، كل هذا يعني ان الخطوة تشكل مصلحة للعدو الاسرائيلي.
بلا شك هي تأمين للملاحة الامريكية الاسرائيلية، وتضييق عند اللزوم على مصالح منافسي المعسكر الامريكي، وهذا يعني انها خطوة خطرة لانها تخل بتوازنات دول التكتل، وستهدد امن البحر الاحمر عند نشوب صراع، وتهدد امن خليج عدن، وتهدد مصالح الخليج ودوله وصادراتهم وامنهم القومي المباشر، وقد تسرع بنشوب صراعات نتيجة خطورتها وطبيعتها الاستفزازية.
هذه الخطوة تأتي في اطار سجالات بين السعودية وامريكا من جهة وتركيا من جهة اخرى، ولكن البحر الاحمر وخلجانه ومضائقه، اكبر واعمق كثيرا من السجالات والمكايدات، وهناك اطراف دولية مثل الصين وروسيا والهند على تماس مباشر بهذا الملف، وهو صراع لو تم فتحه فإنه سينذر بعواقب وخيمة تتخطى نطاق البحر الاحمر لتشعل جبهات اخرى.
ان العبث الصهيوني في البحر الاحمر ومحاولة العبث في مضيق هرمز سيجعل من منطقة الخليج جبهة كبرى في حرب عالمية قد تختار جبهات محدودة لتلافي الدمار وقد تكون شبه الجزيرة محلها، بعد السياسات الخطرة التي تقود السعودية والامارات المنطقة اليها.
ان احتماء قطر بتركيا والكويت ببريطانيا، وتوسع القواعد الاجنبية لهو خير دليل على ان الخليج سيصبح هذه الجبهة، وهو مؤشر ينبغي على عقلاء الخليج استيعاب خطورته وتلافي عواقبه سريعا.