توم رافنسكروفت/ ديزين- ترجمة الخليج الجديد-
نفت السلطات السعودية حدوث عمليات إخلاء قسري في موقع مشروع مدينة نيوم شمال غربي المملكة، مشددة على أن أحكام الإعدام الصادرة بحق أفراد من قبيلة الحويطات صدرت على خلفية اتهامهم بالإرهاب، وليس لانتقادهم إجلاء القبيلة من المنطقة.
النفي السعودي جاء في رسالة صدرت عن بعثة المملكة لدى الأمم المتحدة، ردا على تقرير خبراء صدر عن مجلس حقوق الإنسان الأممي في مايو/ أيار الماضي، بحسب توم رافنسكروفت في تقرير بمجلة "ديزين" (dezzen) ترجمه "الخليج الجديد".
وأعرب الخبراء الأمميون في التقرير الحقوقي، عن القلق إزاء عمليات الإعدام الوشيكة، وحثوا السلطات السعودية على عدم تنفيذ أحكام الإعدام، وانتقدوا عمليات الإخلاء القسري في موقع نيوم لإفساح المجال للمشروع، الذي يتم بناؤه على أراضٍ كانت تسيطر عليها تقليديا قبيلة الحويطات.
وفي أكتوبر/ تشرين الأول 2022، صدرت أحكام إعدام بحق شاذلي بن أحمد الحويطي وإبراهيم بن صالح الحويطي وعطا الله بن موسى الحويطي؛ لانتقادهم عمليات "إخلائهم قسرا" من نيوم، وفقا للتقرير.
كيان إرهابي
لكن البعثة السعودية لدى الأمم المتحدة قالت، في رسالتها، إن "المعلومات الواردة في التقرير غير دقيقة وتحتوي على مزاعم وادعاءات كاذبة تستند فقط إلى معلومات وردت من المصدر دون إثبات أو أدلة".
وتابعت: "التقرير زعم أن العقوبات، التي فرضت على الأشخاص المذكورين كانت لمجرد التعبير عن معارضتهم لعمليات الإخلاء، وهذا غير صحيح على الإطلاق، فالعقوبات تتعلق بإدانتهم بجرائم إرهابية".
البعثة قالت إن أبناء العمومة من قبيلة الحويطات اعتقلوا وحوكموا بتهمة "الانضمام إلى كيان إرهابي يسعى إلى إفساد البلاد من خلال التمرد المسلح ضد الدولة"، وحيازة أسلحة لاستخدامها في أنشطة إرهابية، و"التحريض على المشاركة في أعمال إرهابية"، و"دعم كيانين إرهابيين (داعش والقاعدة)".
ولفتت إلى أن محكمة الاستئناف أيدت قرار إعدامهم، وهو "معلق" حاليا أمام المحكمة العليا.
كما أن "طريقة الإخلاء القسري أو التهجير لا تُمارس في نيوم أو غيرها من المشاريع، بغض النظر عما إذا كان السكان يملكون أو لا يملكون إثباتا موثقا لملكية العقارات تفي بالمتطلبات القانونية"، بحسب البعثة السعودية.
وأضافت أن "عملية إعادة توطين السكان مرت بمراحل بدأت بجلسات استشارية، يليها استقبال المواطنين ثم توفير التدخلات التنموية، وحتى الآن جرى نقل 1143 عائلة، تضم 6360 فردا، بسبب مشروع نيوم".
وشددت على أنه تم تعويض هؤلاء الأشخاص بالكامل عن منازلهم وأصولهم غير المنقولة، ومبالغ التعويض حددتها "لجنة محايدة تضم أعضاء من عدة جهات حكومية وعضوين مستقلين".
وذكرت أنه يمكن للمتضررين من المشروع تقديم شكاوى إلى "ديوان المظالم"، وهو مؤسسة تلقت 1352 شكوى "بشأن مجموعة متنوعة من الأمور من أصحاب العقارات والمقيمين المتضررين من إعادة التوطين"، وفقا للرسالة.
معضلة أخلاقية
وبمبادرة من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، يتم تطوير نيوم بتكلقة 500 مليار دولار على مساحة 26500 كيلومتر مربع، وستشمل مدينة باسم "الخط" (The Line) تمتد بشكل مستقيم في الصحراء بطول 170 كيلومترا، ويشكل المشروع جزءا من خطة رؤية السعودية 2030 لتنويع اقتصاد المملكة وتقليل اعتمادها على النفط.
وفي فيلم وثائقي ركز على المشروع، قال بن سلمان إن المدينة ستساهم في استيعاب الزيادة في عدد سكان المملكة من 33 مليونا اليوم إلى ما بين 50 و55 مليونا في 2030.
وقال رافنسكروفت، في تقرير المجلة، إنه "إلى جانب كونه أحد أكبر المشاريع في العالم، يعد The Line أيضا واحدا من أكثر المشاريع إثارة للجدل، فبالإضافة إلى انتهاكات حقوق الإنسان، انتقد خبراء المشروع بسبب مزاعم الاستمرارية والقدرة على الحياة فيه".
وفي تصريح لـ"ديزين"، اعتبر مدير برنامج الشؤون الاقتصادية في منظمة العفو الدولية بالمملكة المتحدة بيتر فرانكينتال أن الشركات التي تعمل في نيوم تواجه "معضلة أخلاقية"، ويجب أن "تفكر مليا" بشأن استمرار مشاركتها في المشروع.