من كتاب البرقيات السرية لوزارة الخارجية السعودية-
في الحلقة - السابعة تفك الوثائق الكثير من الشفرات الخاصة بالعلاقات السعودية اليمنية.
وكانت كلمة السر في إدارة ملفات اليمن هي " الرشاوى " فبشراء الذمم استطاعت السعودية تحريك كل شيء خاصة بين زعماء بعض القبائل وبهذه الطريقة نجحت السعودية في تحويل اليمن الى حديقة خلفية لها فبشراء الذمم تعرف كل صغيرة وكبيرة عن اليمن حتى الاحداث التي تجري في أقاصي قرى اليمن ، وتوغلت أكثر في هذه السياسة بعد ظهور تنظيم القاعدة واستمرت بعد سيطرة الحوثيين على صنعاء حينها فقط بدأت الرياض تشعر ان زمام الامور فلتت من يدها وفقدت السيطرة على اليمن.
الوثائق تكشف لماذا سارعت الرياض بعلاج علي عبد الله صالح حفاظا عليه كأداة تنفذ سياستها وتبقي اليمن يدور في دوامة الفقر الذي يسير على قاعدة توارثها القصر الملكي وهي " غناكم في فقرهم ".
وقد سارعت الرياض في علاج علي صالح مرتين الاولى حينما تعرض لمحاولة اغتيال في قصره والثانية حينما أصيب بأزمة قلبية فسارعت بإرسال طاقم طبي لعلاجه وهي في ذروة الحرب ضده بحجة ان هذا تصرف انساني !! لكن الحقيقة هي ان بقاء صالح في المشهد هو من صالح الرياض ويعني بقاء نفوذهم المكين في اليمن وهذا مايؤكد خسارتهم الكبيرة برحيله مقتولا على يد الحوثيين.
ويشكل تنامي نفوذ الحوثيين في اليمن شوكة في خاصرة السعودية حيث دارت محتويات كثير من الوثائق حول تنامي قدرات الحوثيين متهمة ايران بأنها تقف وراء دعم الحوثيين لتهديد أمن المملكة . ونصحت الخارجية السعودية القصر الملكي وحتى يحافظ على مصالح وأمن المملكة بأن يتم احتواء كافة الاطياف السياسية في اليمن حتى تلك التي لاتتوافق مع خط المملكة في كثير من المواقف وهذا مايفسر لماذا سارعت السعودية بانقاذ علي صالح لكن يبدو ان كشفه وثيقة تآمر السعودية على القدس وعلى سيناء واعطائها الضوء الاخضر لاسرائيل لاحتلال القدس والضفة قبل حرب 67 قد كان المسمار الاخير في نعش صالح.
لكن نقطة التحول الحقيقية في علاقة اليمن والسعودية هي في اندلاع الربيع العربي في اليمن حيث بدأت تغير سياستها تجاه علي صالح وبدأ الناشطون الحقوقيون يحذرون السعودية من استمرار احتضان علي صالح خاصة بعد ثورة 17 فبراير.
البرقيات السعودية التي كشفها موقع ويكيليكس تدور حول عدة محاور أهمها الحراك الجنوبي والحوثيين وهجرة اليمنيين الى الاراضي السعودية بطرق غير مشروعة وبالطبع التدخل الايراني الذي كان محركا للسعوديين فحيثما كان التدخل الايراني تواجد السعوديون فتمدد الحركة الحوثية في شمال اليمن كان وراءه تدخل ايراني واشتعال المطالبة بانفصال الجنوب وراءه تدخل ايراني وتهديد استراتيجي لأمن المملكة وكان الحل الذي تقترحه معظم البرقيات المرفوعة الى الديوان الملكي هو زيادة الدعم المالي من قبل السعودية ومتى ماذكرت اي برقية بعبع ايران كانت الموافقة على الدعم.
وفي إحدى البرقيات طلب مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الاسلامية دعما مباشرا من وزارة الخارجية السعودية قدره 933 ألف ريال سعودي للقيام بدراسة عنوانها " اليمن : عمق الازمة وآفاق المستقبل " وبرر المبلغ المطلوب بأنه لإجراء دراسة ميدانية وفق منهج علمي يعتمد فيه على المقابلات والزيارات المباشرة في اليمن من قبل فريق عمل!
التنسيق الامريكي السعودي في اليمن كان حاضرا في الوثائق من خلال ماتكشف عنه من تحديد القنصليات السعودية في اليمن لقوائم المطلوبين سعوديا وأمريكياً وقيام الطائرات الامريكية بدون طيار باستهداف المطلوبين.
كما راقبت الاستخبارات السعودية عن كثب تحركات الحوثيين ولقاءاتهم مع سفراء الاتحاد الاوروبي والسفير الامريكي في صنعاء بشأن الانتخابات اليمنية والمواجهات القائمة بين الحوثيين والسلفيين والقبائل الموالية لهم.
ومن الوثائق التي نتوقف عندها رسالة من الرئيس المخلوع المقتول علي عبد الله صالح الى الأمير خالد بن سلطان نائب وزير الدفاع يعزيه بوفاة أخيه المرحوم الأمير تركي بن سلطان في ديسمبر 2012 مايعكس احتفاظ صالح بنوع من العلاقات الدافئة مع الامراء السعوديين.
المعلومات مقابل المال
فهم اليمنيون كيف يتعاملون مع السعودية وقاموا بابتزازهم بالمعلومة مقابل المال وتردد على سفارات السعودية في الخارج شخصيات يمنية تدعي انها منشقة عن القاعدة ولديها معلومات عن التنظيم وقياداته والحوثيين وقياداتهم وتطلب الدعم المالي وتأمين التعليم لأبنائهم مقابل تزويد الجهات السعودية بالمعلومات، وهكذ تم شراء الذمم اليمنية وكلما كان المبلغ أكبر كانت المبالغة في المعلومة وتضخم ملف المعني بالشكوى.
كما تكشف البرقيات جانبا من لقاءات شخصيات سعودية مع الناشطة الحقوقية توكل كرمان الحائزة على جائزة نوبل وحثها على تنفيذ المبادرة الخليجية واتهامها لعلي عبد الله صالح بأنه هو من دعم الحوثيين والقاعدة وانه كان يحرص على ان يحمل أنصاره صور ملك السعودية لتأليب اليمنيين ضد الرياض ، مطالبة السعودية بألا تحصر علاقاتها في اليمن على الرئيس وبعض القبائل الزيدية ولم تلتفت الى الفئات الاخرى من الشوافع وأهل الجنوب وان هذه الفئات هم الحلفاء الطبيعيون للسعودية وان قبائل بني الاحمر هي التي كانت مصدر الاذى للمملكة.
ونقلت مراسلات بين وزير الخارجية ووكيل الوزارة للعلاقات متعددة الاطراف أراء دولية بشأن ضرورة اتخاذ موقف من علي صالح وأن اعفاءه من المحاكمة والعقوبة لم يكن قرارا سليما من وجهة نظر معظم الشعب اليمني.
اختطاف الخالدي
واهتمت برقيات الخارجية باختطاف الدبلوماسي السعودي عبد الله الخالدي في اليمن على أيدي تنظيم القاعدة حتى تم اطلاق سراحه وتظهر البرقيات السرية تحذير الاستخبارات الاماراتية للسعوديين من عملية ارهابية مرتقبة سوف تستهدف السفارة السعودية في صنعاء ثم جاءت عملية الاختطاف للقنصل السعودي في عدن.
وتكشف المراسلات عدم تعاون الجهات الامنية اليمنية مع القنصلية السعودية في تأمين مقراتها وتحركات البعثة السعودية وحماية سيارات البعثة من السرقة وكيف لجأ افراد البعثة الى استئجار مساكن وسط المدن المزدحمة لتجنب الاختطاف.
للاطلاع على كتاب "البرقيات السرية لوزارة الخارجية السعودية".. اضغط هنا