من كتاب البرقيات السرية لوزارة الخارجية السعودية-
فى الحلقة "السادسة عشرة" نتناول بالوثائق والأدلة ضلوع السعودية فى صناعة الإرهاب وادعاء مكافحته؛ مرورا بسياسات القمع داخل المجتمع السعودى الى حد شيطنته وهو ما أسهم بشكل أساسى فى تهيئة الأجواء لولادة الارهاب وتناميه. حيث لم يشهد سواء التاريخ القديم أو الحديث إقدام نظام سياسي أو أسرة حاكمة على شيطنة شعبها؛ واظهاره أمام شعوب العالم على انه مجرد شعب همجى متوحش كما فعل النظام الذي حاول تسويق نفسه أمام الغرب على انه صمام الأمان للغرب وأنه الكابح لجماح هؤلاء السعوديين المتخلفين الغارقين فى ثقافة الارهاب والدم والتخريب؛ وانه لولا هذا النظام لارتكب هؤلاء السعوديون الجرائم الارهابية فى الدول الغربية دون أن يرمش لهم جفن؛ فلم تجد أمريكا وأوروبا بدا من إعطاء الضوء الاخضر للنظام السعودى؛ لكى يبطش ويقمع ويستخدم أبشع الممارسات اللا إنسانية ضد أبناء الشعب فى بلاد الحرمين الشريفين؛ دون أدنى رادع أخلاقى أو اجتماعى لوقفه عن تلك الممارسات الاجرامية التى فاقت التصور فى كثير منها.
بعبع الإرهاب
تؤكد الوثائق ان النظام السعودى نجح فى استغلال شماعة أو بعبع الإرهاب أبشع استغلال بقصد تطبيق سياسات وممارسات البطش والقمع والتغييب؛ بعد أن غضت العواصم الغربية نظرها عن تلك الانتهاكات السعودية الخطيرة؛ بحق الجميع "مواطنين ومقيمين" بذريعة محاربة ما يسمى بالارهاب الاسلامى؛ ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد؛ بل قامت الدول الغربية بتزويد الأسرة الحاكمة السعودية بأحدث تقنيات واجهزة التجسس والمراقبة والتلصص على المواطنين؛ بغرض تتبع واختراق خصوصيات الناس؛ فى انتهاك فاضح وواضح لأبسط حقوق الانسان التى كفلها الميثاق العالمى لحفظ تلك الحقوق؛ وهكذا ارتدى النظام السعودى أقنعة وأثواب مكافحة الارهاب؛ وراح يزايد على الانظمة الغربية فى مكافحة وملاحقة الارهابيين المزعومين؛ وكانت فرصة لرموزه للعربدة واعتقال من يشاؤون من خصومهم الأبرياء أو من تدور حولهم الشبهات بعدم ولائهم للنظام؛ أو للمعارضين بأفكارهم؛ بزعم التصدى للارهاب ومحاربته وأن هؤلاء متعاطفون مع أصحاب الفكر الضال!!
وهكذا ومن هذا المنطلق راح حكام آل سعود يطلقون وينظمون المؤتمرات الخاصة بمحاربة الارهاب؛ بل انهم أصبحوا الضيوف الدائمين على مؤتمرات مكافحة الارهاب الدولية؛ حتى انهم أصبحوا أمريكيين أكثر من الأمريكيين أنفسهم!! ونسى الجميع أن النظام السعودى هو الذى صنع الارهاب وهو الذى وفر له البيئة الصالحة والمناسبة لظهوره وتمدده؛ وذلك من خلال سياسة القمع والاضطهاد الذى يمارس بكل قسوة ضد الشعب السعودى المغلوب على أمره!!
غليان شعبي
تكشف الوثائق عن حالة الغليان التى كانت تموج بها المناطق الفقيرة في السعودية خلال السنوات الماضية جراء سوء المعاملة؛ حسبما تقول الوثيقة المؤخة بتاريخ 17 — 3 — 1433هجرى الموجهة من السفارة السعودية فى لندن الى وزارة الخارجية بالرياض عن محتوى تقرير منظمة العفو الدولية بعنوان (القمع تحت غطاء المحافظة على الأمن)؛ حيث ذكرت الوثيقة أن التقرير أكد على اندلاع مظاهرات متفرقة فى مناطق تجمع الشيعة؛ وان مطالب المتظاهرين تركزت فى اطلاق سراح المعتقلين السياسيين؛ وعبروا عن امتعاضهم للتمييز الذى يمارس ضدهم والذى يحول دون تسلمهم مناصب حكومية رفيعة والتمتع بمزايا بقية المواطنين السعوديين. وذكرت الوثيقة ان التقرير اشار الى ان وزارة الداخلية السعودية جددت الحظر المفروض على كافة اشكال التظاهر؛ وخولت رجال الامن باتخاذ التدابير بحق من يحاول الاخلال بالنظام.
واشارت الوثيقة نفسها الى انه فى اواخر يونيو عام 2011 تسربت معلومات الى منظمة العفو الدولية عن اعتزام حكومة المملكة اصدار قانون جديد لمكافحة الارهاب يمنح وزارة الداخلية مزيدا من الصلاحيات الواسعة ويخولها بسجن كل من يوجه نقدا الى الملك.
وتشير الوثائق الى حالة التوقيف العشوائى للقادمين الى المملكة لمجرد الاشتباه فيهم لعلاقاتهم بالتنظيمات الارهابية ومن ذلك ما تحدثت عنه الوثيقة السرية الموجهة من الأمير محمد بن نايف مساعد وزير الداخلية الى نائب وزير الخارجية بشأن استفسار قنصلية افغانستان عن اعتقال مواطنها محبوب الرحمن فضل عبدالعليم صافى؛ بانه اوقف لانتهاجه المنهج التكفيرى وتم ترحيله الى افغانستان. وتكشف برقية اخرى لوزارة الداخلية بشأن رغبة السفارة السورية فى الاستفسار عن مواطنها يوسف سلامة الذي اوقف فى منفذ الحديثة؛ تفيد بانه تم اعتقاله يوم 9 — 10 — 1432 لعلاقته بعضو تنظيم الجهاد فى جزيرة العرب المطلوب احمد سعيد سعد سورى الجنسية؛ ثم اطلق سراحه بتاريخ 16 — 2 — 1433 اى انه امضى حوالى 6 أشهر بلا ذنب فى السجن..!!
وثائق تفضح تمويل الإرهاب
كما تفضح وثيقة مؤرخة بتاريخ 25 — 2 — 1434 هـ من رئيس مجلس الوزراء الى وزيري الداخلية والخارجية اتهام واشنطن للرياض بتمويل الارهاب وذلك من خلال حرص وكيل وزارة الخزانة الامريكى ديفيد كوهين على زيارة المملكة لمقابلة كبار المسؤولين السياسيين والامنيين والماليين ومناقشة هذا الأمر معهم.
وفى نفس السياق تحدثت وثيقة أخرى موجهة من وزارة الخارجية الى وفد المملكة فى الأمم المتحدة عن مذكرة للسفير الألمانى بيتر وتينغ رئيس لجنة مجلس الأمن الخاصة بتنظيم القاعدة والأفراد والكيانات التابعة له وطلب اللجنة من المملكة تزويدها بمعلومات عن أنشطة مؤسسة الحرمين الخيرية ومديرها السابق عقيل عبدالعزيز العقيل ومدى ارتباطها بتنظيم القاعدة.
وتكشف وثيقة أخرى موجهة من وزارة الخارجية الى رئيس الديوان الملكى والسكرتير الخاص بخادم الحرمين الشريفين بشأن طلب وزير الداخلية تقديم الدعم لجمهورية موريتانيا لمكافحة الإرهاب خلال ثورات الربيع العربى بان الخارجية استبعدت وقوع أى ثورات فى موريتانيا وتنبأت بانقلابات محدودة لتغيير نظام الحكم على غرار ما حدث من قبل.
ثمة وثيقة أخرى تكشف أن اهتمام المملكة بتداعيات الإرهاب وصدور كتاب فى ماليزيا بعنوان (الوصول الى الشباب مواجهة الارهاب)؛حيث أثار موضوع الكتاب اهتماما غير عادى من المؤسسات السعودية وخاصة وزارة الخارجية.
ومن الوثائق المهمة أيضا تلك المؤرخة بتاريخ 9 — 3 — 1433 والموجهة من رئيس المخابرات مقرن بن عبد العزيز إلى وزير الخارجية حول قيام بعض المرشدين فى الاتوبيسات السياحية فى ولاية نيويورك بالتحدث عن الاسلام بشكل غير لائق عند المرور على موقع مبنى التجارة العالمى والغمز واللمز على دور السعودية فى هجمات الحادى عشر من سبتمبر 2001.
وتشير الوثائق فى جانب منها الى حالة الاحراج وعدم التفاعل الدولى مع مطالب ودعوات المملكة للاعداد لتنظيم مؤتمرات مكافحة الارهاب؛ ومنها تلك المؤرخة بتاريخ 10 - 3 - 1433 هجرى حول استضافة الرياض للمؤتمر الدولى حول مكافحة الارهاب يومى 16 و17فبراير 2013 وطلب تمثيل رفيع من منظمة الامم المتحدة لحضوره؛ حيث تمت دعوة السيد جيفرى فيلتمان مساعد الامين العام للشؤون السياسية ولكنه اعتذر؛ كما تكشف نفس الوثيقة انها طلبت من سفير مصر فى المجر أشرف محسن أن يترأس إحدى جلسات المؤتمر ولكنه اعتذر أيضا.
كما تكشف الوثيقة خللا تنظيميا خطيرا شهده المؤتمر حيث انتقد مركز الامم المتحدة تثبيت راية خلف وزير الخارجية والأمين العام للمنظمة فى الاجتماع وعليها شعار المنظمة الدولية متداخلا مع شعار المملكة وهو أمر ممنوع منعا باتا.
للاطلاع على كتاب "البرقيات السرية لوزارة الخارجية السعودية".. اضغط هنا