متابعات-
حذرت "المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان" من إقدام المملكة العربية السعودية على ارتكاب ما سمته "مجزرة إعدام جماعي" لـ20 معتقلا على الأقل، قالت إن المعلومات المتوافرة حولهم تضمنت انتهاكات جمة لشروط المحاكمة العادلة.
مشيرة إلى أن هناك العشرات إن لم يكن المئات من المهددين بالإعدام سواء في القضايا السياسية أو القضايا الجنائية.
وقالت المنظمة الحقوقية الدولية في تقرير أصدرته مؤخرا، إن إجراءات الحكومة السعودية في قضايا المعتقلين عموما وفي حالات القضايا التي تواجه الإعدام على الأخص تفتقر إلى الشفافية، موضحة أنها تمكنت من توثيق عدد من القضايا، وما انطوت عليه من جرائم كالتعذيب، وانتهاكات متعددة لحقوق المعتقلين.
وأضافت أن العشرين المهددين بالإعدام يتوزعون على مختلف درجات التقاضي، بين أحكام نهائية مصدقة، قد تنفذ في أي لحظة، وبين أحكام ابتدائية تنتظر الاستئناف، وبين محاكمات لا تزال مستمرة في ظل مطالبة النيابة العامة بحكم القتل.
وبالإشارة إلى إعدام السعودية 37 مواطنا في أبريل/نيسان الماضي، قالت المنظمة إن الإعدامات الجماعية الأخيرة طالت 6 أطفال على الأقل، بينما لا يزال 3 أطفال آخرين يواجهون خطر القتل بعد صدور أحكام نهائية بحقهم، وهم "علي النمر"، و"داوود المرهون"، و"عبدالله الزاهر"، المحكومين بالإعدام منذ العام 2014، بناء على تهم تتعلق بممارسة حقوق مشروعة والمشاركة في مظاهرات، وتهم أخرى بالعنف لم تقدم فيها أدلة ملموسة.
ونشرت المنظمة قائمة بأسماء 20 شخصا يواجهون خطر الإعدام، قالت إن 3 منهم وهم "حسين الأوجامي"، و"مصطفى الخياط"، و"جعفر الفرج"، يجهلون وذووهم المراحل القانونية التي وصلت لها أحكامهم، وذلك بعد أن صدرت ومنذ مدد طويلة أحكام أولية بإعدامهم، ما يعكس افتقاد الواقع القضائي في السعودية إلى أبسط أبجديات العدالة، حسب تعبير المنظمة.
وأضافت المنظمة أن 8 معتقلين آخرين يواجهون خطر الإعدام بعد أن طلبت النيابة العامة قتلهم بناء على تهم ليست من الأشد خطورة، وذلك بعد تعرض عدد منهم للتعذيب بهدف انتزاع اعترافات، مشيرة إلى من بين هؤلاء 4 يحاكمون في قضية واحدة إلى جانب المدافعة عن حقوق الإنسان "إسراء الغمغام"، وهم: "زوجها موسى الهاشم، وأحمد المطرود، وعلي العويشير، وخالد الغانم"، الذين يواجهون تهما تتعلق بنشاطات سلمية كالتظاهر وممارسة حقوق مشروعة كالتدوين في الشبكات الاجتماعية.
ولفت التقرير الذي نشرته المنظمة إلى أن النيابة السعودية كانت تراجعت في وقت سابق عن طلب الإعدام بحق "إسراء الغمغام" بينما أبقته على زوجها وبقية مجموعتها، رغم مواجهتهم لتهم متشابهة للغاية.
وذكرت المنظمة أن من بين العشرين معتقلا الذين يواجهون خطر الإعدام الشيخ "سلمان العودة"، والدكتور "علي العمري"، والشيخ "عوض القرني"، والباحث "حسن فرحان المالكي"، الذين يواجهون مطلب النيابة بإعدامهم، بتهم بعضها يتشابه مع تهم ضحايا أعدموا في أبريل/نيسان الماضي، بينها تهمة الإفساد في الأرض، والدعوة لتغيير الحكم وتأليب الرأي العام.
كما حذرت المنظمة من أن المواطن الأردني "حسين أبوالخير" يواجه حكما بالإعدام بناء على تهم بجرائم المخدرات، ولا زالت قضيته في الاستئناف، بعد أن حكم عليه مجددا بالإعدام بعد محاكمة غير عادلة.
ورأت "المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان"، أن الإعدامات التي نفذتها السعودية بحق 37 مواطنا -أغلبهم من الناشطين الشيعة- تثير مخاوف جادة وحقيقية على حياة المعتقلين العشرين، مطالبة بجهود استثنائية وجادة من كافة الأطراف العاملة.
وقالت إن نجاة السعودية حتى الآن من أي ردود فعل دولية حاسمة، وعدم بدء محاسبة دولية فعلية للمسؤولين في عدد من القضايا كحرب اليمن وقتل الصحفي "جمال خاشقجي"، يشجعها على المزيد من القتل بإجراءات تعسفية أو موجزة، وغير متصلة بالعدالة.
بالون اختبار
وقبل أيام؛ قال موقع "ميدل إيست آي" البريطاني في تقرير خاص إن سلطات السعودية تتجه إلى إصدار حكم بالإعدام على الدعاة الثلاثة الشيخ "سلمان العودة"، والشيخ "عوض القرني"، والشيخ "علي العمري"، وتنفيذ الحكم عليهم بعد انقضاء شهر رمضان.
ونقل الموقع هذه المعلومات عن مصدرين حكوميين وواحد من أقارب هؤلاء الدعاة، حيث قال أحد المصدرين الحكوميين للموقع: "لن يتريثوا في إعدام هؤلاء الرجال فور إقرار حكم الإعدام".
وذكر المصدر الآخر أن إعدام 37 سعوديا في أبريل/نيسان الماضي على خلفية تهم تتعلق بالإرهاب، كان بمثابة بالون اختبار حتى تقيس السلطات شدة الإدانة الدولية.
ومضى قائلا: "حين وجدوا أن رد الفعل الدولي لا يذكر، خاصة على مستوى الحكومات وقادة الدول، قرروا المضي في خطتهم لإعدام الشخصيات البارزة".
يشار إلى أن منظمات حقوقية دولية ومشرعين أمريكيين أعربوا عن قلقهم وحذروا الرياض من مغبة الإقدام على تلك الخطوة، كما دعت "حركة التوحيد والإصلاح" الدعوية المغربية في بيان، السلطات السعودية إلى إخلاء سبيل جميع العلماء والدعاة والمفكرين المعتقلين، وكذلك دعاة الإصلاح السلميين المعتقلين بسبب الرأي وإسداء النصح.
ومنذ 2017، بدأت السلطات السعودية حملة اعتقالات شرسة طالت العديد من رموز التيار الإصلاحي وعدد من التيار الليبرالي، في ظل تسريبات متعددة عن عزم الحكومة السعودية تطبيق عقوبة الإعدام في أعداد منهم تعزيرا، بعد أن ساق الادعاء العام السعودي تهما سياسية بحقهم، ورفعها لقضاء يشتبه في انحيازه التام للقرار السياسي.
ومن تلك التهم، التحريض على الخروج على ولي الأمر وولي عهده، والتشكيك في الذمم، والإساءة للمسؤولين في الدولة، والاستهزاء بهيئة كبار العلماء والتشكيك في أمانتها وأن أعضاءها ما هم إلا مجرد أدوات للسلطة.
وتتضمن التهم أيضا السعي لغرس بذور الفتنة والانشقاق في المجتمع، ووصف نظام الحكم السعودي بأنه نظام أمني قمعي قائم على الظلم والقمع ويتستر بالدين، إلى آخر قائمة طويلة من التهم، دون وجود ضمانات محاكمة عادلة، خاصة تلك الواردة في القانون الدولي، أو مدى موافقتها لأحكام وروح الشريعة الإسلامية السمحة.
وبحسب متابعة "المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان" للكثير من المحاكمات في السعودية بشكل عام، ومحاكمات بعض ضحايا الإعدامات التي نفذت يوم 23 أبريل/نيسان 2019، أكدت المنظمة سابقا ابتعاد القضاء في السعودية وبشكل كبير عن شروط ومبادئ المحاكمات العادلة، رغم عديد النداءات الدولية التي طالبت الحكومة بإعادة المحاكمات نتيجة للعيوب العميقة فيها وعدم استقلال القضاء.