مهدي حسن - ذا إنترسبت-
في عام 2011، مع اندلاع احتجاجات الربيع العربي في جميع أنحاء الشرق الأوسط، بدأت المظاهرات أيضا في المنطقة الشرقية الغنية بالنفط في المملكة العربية السعودية. وخرج أعضاء الأقلية الشيعية المكبوتة في المملكة إلى الشوارع، مطالبين بالمساواة في الحقوق، وتوزيع أكثر عدلا لعائدات النفط. وضم المتظاهرون مجموعة من نحو 30 طفلا على الدراجات. وكما ظهر في مقطع فيديو بثته "سي إن إن" الأسبوع الماضي، كان يقود هؤلاء الأطفال طفل مبتسم يبلغ من العمر 10 أعوام، يدعى "مرتجى قريريص".
وكان الصبي الصغير يصرخ عبر مكبر الصوت: "الشعب يريد حقوق الإنسان".
لكن هذه هي المشكلة، فالمطالبة بحقوق الإنسان في المملكة قد تضعك في السجن، حتى لو كنت طفلا.
وبعد 3 أعوام، في سبتمبر/أيلول 2014، تم اعتقال "مرتجى"، البالغ من العمر وقتها 13 عاما، وهو في طريقه إلى البحرين المجاورة مع عائلته.
وفي ذلك الوقت، حسب ما أوردته "سي إن إن"، اعتبره المحامون والناشطون أصغر سجين سياسي معروف في السعودية.
وعلى مدار الأعوام الأربعة الماضية، تعرض هذا المراهق للتعذيب والترهيب، فضلا عن عزله في الحبس الانفرادي. وقد تم منعه من الاتصال بمحاميه، بينما يحاول المحققون إقناعه بالاعتراف بالتهم المنسوبة إليه. وتشمل هذه التهم "المشاركة في الاحتجاجات المناهضة للحكومة، وحضور جنازة شقيقه علي قريريص، الذي تم قتله في احتجاج عام 2011، والانضمام إلى منظمة إرهابية، ورمي قنابل المولوتوف باتجاه مركز للشرطة، وإطلاق النار على قوات الأمن"، وفقا لما قالته منظمة العفو الدولية.
وفي الأسبوع الماضي، علمنا أن المدعين السعوديين يسعون إلى تنفيذ عقوبة الإعدام في "مرتجى"، البالغ من العمر الآن 18 عاما، وتتم محاكمته في محكمة لمكافحة الإرهاب. وتشير "سي إن إن" إلى أن النيابة العامة تريد "فرض أقسى شكل من أشكال عقوبة الإعدام، والتي قد تشمل الصلب أو التمزيق بعد الإعدام".
نعم، هذا صحيح. تخطط الحكومة غير المنتخبة لحليف وثيق للولايات المتحدة لتنفيذ إعدام وحشي ضد طفل بلغ للتو 18 عاما من العمر، ينتمي إلى مجموعة أقلية، بسبب جرائم تزعم أنه ارتكبها عندما كان عمره 10 أعوام.
القضاء على المعارضة
ويجب ألا ننسى الشخص المسؤول بشكل أساسي عن هذا الانتهاك، وهو ولي العهد السعودي "محمد بن سلمان". ومنذ أن رفعه والده إلى السلطة، فإنه ركز جهوده على سحق المعارضة السياسية بعنف. ووفقا لوكالة الاستخبارات المركزية، أمر "بن سلمان" بقتل "جمال خاشقجي"، كاتب العمود في صحيفة "واشنطن بوست"، داخل القنصلية السعودية في إسطنبول. كما يقف وراء استهداف 3 ناشطين عرب في النرويج وكندا والولايات المتحدة.
وشهد سجل ولي العهد الكثير حقا من عمليات القتل خارج نطاق القضاء فضلا عن العدد المتزايد لعمليات القتل التي تمت المصادقة عليها قضائيا داخل المملكة. ورغم ذلك، قد يكون الإعدام المخطط له لـ "مرتجى قريريص" هو العمل الأكثر بشاعة حتى الآن.
وكما تقول "لين معلوف"، مديرة أبحاث الشرق الأوسط في منظمة العفو الدولية: "لا ينبغي أن يكون هناك شك في أن السلطات السعودية على استعداد للذهاب إلى أبعد من ذلك للقضاء على المعارضين بين مواطنيها، بما في ذلك اللجوء إلى عقوبة الإعدام للشباب الذين كانوا مجرد أطفال وقت اعتقالهم".
وتعد المملكة الخليجية واحدة من أعلى الدول في معدلات تنفيذ أحكام الإعدام في العالم. ووفقا لـ"معلوف"، فإن السلطات السعودية لديها "سجل حافل في استخدام عقوبة الإعدام كسلاح لسحق المعارضة السياسية ومعاقبة المحتجين المناهضين للحكومة، بمن فيهم الأطفال، وخصوصا من الأقلية الشيعية المضطهدة في البلاد".
وينتمي غالبية البلاد، والعائلة الحاكمة، إلى مدرسة صارمة من الإسلام السني. وفي أبريل/نيسان، أعدمت المملكة 37 شخصا في يوم واحد غالبيتهم من الشيعة، وهي أكبر عملية إعدام جماعي في المملكة منذ عام 2016. وكان 3 منهم، وفقا لجماعة حقوق الإنسان "ريبريف"، "قاصرين وقت ارتكاب جرائمهم المزعومة". وتعتبر عمليات الإعدام هذه، كما قالت كل من "ريبريف" ومنظمة العفو الدولية، انتهاكا فاضحا للقانون الدولي لحقوق الإنسان.
وكان 3 آخرون من الشيعة السعوديين، وهم "علي النمر"، و"داوود المرهون"، و"عبد الله الظاهر"، دون سن الـ 18 عاما أيضا وقت ارتكاب جرائمهم المزعومة، وما زالوا ينتظرون تنفيذ حكم الإعدام فيهم، ويمكن إعدامهم في أي وقت.
لا يقتصر على الشيعة
لكن الأمر لا يقتصر فقط على الشيعة. فقد استهدف "بن سلمان" رجال الدين السنة الذين لم يبدوا دعما كافيا له ولجدول أعماله. وكانت هناك تقارير تفيد بأن ولي العهد يخطط لإعدام 3 من علماء الدين السعوديين البارزين، وهم "سلمان العودة"، و"عوض القرني"، و"علي العمري"، وجميعهم محتجزون بتهم متعددة تحت مسمى "الإرهاب". ويشتهر "العودة"، البالغ من العمر 62 عاما، في العالم العربي بآرائه التقدمية نسبيا بشأن الإسلام والشذوذ الجنسي وإدانته عام 2007 لـ"أسامة بن لادن". وكانت جريمته الفعلية مجرد تغريدة على موقع "تويتر" دعا فيها للمصالحة بين المملكة العربية السعودية ومنافستها الخليجية، قطر.
وغالبا ما يحاول مؤيدو "بن سلمان" المجادلة بأن عمليات الإعدام هذه تأتي نتاج أحكام قضائية وليس قرارات ملكية، لكن هذا الدفاع مثير للضحك. فالمملكة العربية السعودية عبارة عن ملكية مطلقة، ولا يوجد فيها قضاء مستقل. وكما ذكرت "سي إن إن"، "لا يمكن تنفيذ عقوبة الإعدام إلا بأمر من الملك "سلمان" أو ممثله المفوض. وكثيرا ما يوصف ولي العهد "محمد بن سلمان" بأنه نائب الملك.
دعونا ننسى قليلا "بن سلمان" المصلح، وننظر إلى "بن سلمان" الجلاد. ويجب أن تكون حقيقة احتضان الجميع له وتشجيعه، بدءا من "دونالد ترامب" إلى "إيمانويل ماكرون" مرورا بـ"تيريزا ماي"، مصدر خزي لأولئك الذين يعيشون في الغرب. وعلى حد تعبير المتحدث السابق باسم مجلس الأمن القومي في عهد "أوباما"، "تومي فيتور": "بن سلمان هو نفسه كيم جونغ أون لكن مع الكثير من أموال النفط".