سعيد الحمد- الأيام البحرينية-
بعد أن قال ما قال وكتب ما كتب وعلى غير انتظار غادر واشنطن، حيث يُقيم ويمم شطر وجهه نحو قنصلية بلاده تركيا، ووقفت على مقربة من القنصلية سيدة بيدها جواهر تنتظر كما قالت «خطيبها الستيني» لتصرخ بعد ساعة «دخل ولم يخرج».
تلك الصرخة لتلك السيدة الغامضة «الخطيبة» كانت بداية السيناريو الغريب في قصة اختاروا لها عنواناً مثيراً «اختفاء جمال خاشقجي» وأين؟؟ داخل قنصلية بلاده.
مسرحية الاختفاء او الخطف مضحكة من بدايتها، فكيف لحكومة أن تختطف «معارضاً» دخل قنصليتها او سفارتها لتثبت التهمة عليها وهي القادرة إن أرادت خطفه أن تفعل ذلك باستئجار من يقوم بالخطف دون أن تظهر في الصورة، وما أكثر ما حدث ذلك، وما أكثر ما تابعنا عمليات خطف سجلت ضد مجهول خلال الخمسين عاماً الأخيرة.
واضح تماماً أن الجماعة تستهدف وتسعى لتلبيس حكومة السعودية تهمة سياسية، كان جمال خاشقجي بإرادته أو بدون إرادة منه بطلها، لاسيما وأن الجماعة درسوا وعرفوا سيكولوجية الرجل «خاشقجي» وبحثه أو ميله الواضح والبارز في سيرة حياته عن أن يكون مختلفاً عملاً بنهج المثل السائد «خالف تعرف او خالف تذكر»، وقد كان جمال ذلك كاتباً يتقصد التغريد خارج سربه وسياسياً منتمياً للاخوان، وكادراً من كوادرهم منذ سنين لكنه ايضاً يتقصد بوعي منه أن «يختلف» معهم أو بالأدق أن «يختلف» عنهم ليكسب مساحة شهرة او حضوراً متميزاً عن جماعته.
وهي طبيعة سيكيولوجية ونفسية وجدناها خلال تجربتنا السياسية تبرز وتظهر لدى «بعض»، نقول بعض الكوادر المنتمية والمنضوية في أحزاب او تنظيمات عقائدية مؤدلجة نعتقد بل تؤمن بقوة أن مكانتها في التراتبية القيادية الحزبية وفي التنظيم تقل كثيراً عن مستواه السياسي والفكري والثقافي، فتلاحظ بامتعاض وحسرة أن أفراداً في التنظيم وفي الحزب يتبوؤن مكانة قيادية متقدمة وهم أقل منها مستوى سياسياً وثقافياً وفكرياً ومعرفياً، ما يخلق لديها رغبةً جامحةً في التمايز والتميز على كوادر وأعضاء وقيادات تنظيمها وحزبها وجماعتها، وتنغمس حدّ التورط في استراتيجية «خالف تعرف او خالف تذكر».
ولأن تركيا تموج وتفيض بكوادر وبأفرادٍ وأعضاء من تنظيمات وجماعات الاخوان يفوق عددهم العدّ والحصر جاؤوا إليها من كل مكان باعتبارها عاصمة «خلافتهم»، ولأن خاشقجي مسكون حدّ الهوس بالتمايز والتميز على «اخوانه» الذين أصبح لهم في تركيا فضائيات وبرامج وصحف ومجلات وبرزوا إعلامياً، فلا بُد أن يفعلها بضجة تفوق ضجتهم فيبرز جمال في لعبة الاختفاء او الاختباء، وتقوم الخطيبة الغامضة «خديجة» وهي بلا اسم ثنائي او ثلاثي بالإعلان عن «اختفاء جمال» وأين داخل قنصلية بلاده، ليدخل على خط «الاختفاء أو الاختباء» ماكينات إعلامية ومخابراتية.. و.. و.. الخ، وأصبح جمال الأشهر بينهم هناك وهو القادم إليهم من واشنطن.
جمال خاشقجي وإن حمل الكلاشينكوف في أفغانستان في الثمانينات لكنه لا يملك شجاعة التورط هكذا مع حكومة أو أجهزة بلاده الرسمية، جمال دخل القنصلية وخرج فمن انتظره لحظة الخروج «خديجة» الخطيبة رأس الخيط، فهي أول من أعلنت وأول من ولولت، فماذا رأت خديجة ثم انتظرت ثم ولولت.
لن يبقى الغامض غامضاً، ولسوف تذهب السكرة لتأتي الفكرة بعد الضجة، وهل تتحدث الخطيبة خديجة إلى وسائل الإعلام وهي التي لم نسمع لها صوتاً ولم نشاهدها في حديث، فقد نُقل عنها، ان جمال سلمها جوالاته وطلب منها الاتصال بأفراد وجهات معنية «اذا ما حدث له شيء» وهو يدخل قنصلية بلاده!!.
هذا ما نقله عنها تركي قيل إنه مسؤول وقيل إنه رئيس «بيت الإعلاميين العرب» في اسطنبول، أما خديجة فقد اكتفت بالانتظار ثم الاتصال فقط.
بالتأكيد وبغض النظر عن الاختفاء او الاختباء هي حملة ضد السعودية، وهذا ما لا يختلف عليه معنا حتى جمال نفسه الذي احتل المشهد ولكن إلى حين.