نيويوركر- ترجمة منال حميد -
كشفت كاتبة أمريكية أن الإعلامي السعودي، جمال خاشقجي، أخبرها في أغسطس الماضي، أنه "خائف على حياته"، مؤكّدة اقتناعه بأن ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، سيسعى لاغتياله.
وأوضحت الكاتبة روبن رايت، في مقال لها بمجلة "نيويوركر"، أن خاشقجي أبلغها أن القيادة بالسعودية ترغب بألا تراه بالصورة، وقالت: "لقد ظننت أنه يبالغ بوصفه للمخاطر".
ولكن الإعلامي المعارض لم يُشاهَد منذ أن دخل إلى مبنى قنصلية بلاده، يوم الثلاثاء الماضي، بمدينة إسطنبول التركية، للحصول على أوراق ثبوتية تتعلّق بوضعه الاجتماعي من أجل المضيّ بمشروع زواجه الجديد.
لقد كان خاشقجي صوتاً مهمّاً في السعودية، تقول الكاتبة: "عرفته منذ عقود، كان مخلصاً للعائلة المالكة، وبالنسبة إلى العديد من الصحفيين الأجانب والخبراء فإنه كان مؤشّراً جيداً لفهم تفكير المملكة؛ فلقد عمل محرّراً في صحيفة الوطن السعودية اليومية، وترأس محطة فضائية، لكنه أصبح أكثر انتقاداً للحكومة منذ أن قرّر الرحيل عن بلاده، في يونيو 2017".
وحتى في المنفى، توضّح الكاتبة، كان خاشقجي مؤثّراً على الصعيد السعودي، فهو يمتلك قرابة 1.7 مليون متابع على تويتر، وعنده عمود أسبوعي بصحيفة الواشنطن بوست، ويظهر بشكل منتظم على الفضائيات الدولية.
إن الغموض الذي يلفّ مصير خاشقجي هو جزء من غموض المشهد الذي يلفّ السعودية منذ أن تولّى بن سلمان ولاية العهد قبل عام، فعلى الرغم من أنه تعهّد بإجراء إصلاحات شاملة فإنه شنّ حملة اعتقالات شملت رجال أعمال وأمراء ورجال دين ونشطاء وناشطات، ويوماً بعد يوم يتحوّل حكمه إلى حكم بلا رحمة، وفق ما تقول الكاتبة.
إن عملية اختطاف خاشقجي أصبحت نمطاً من أنماط حكم بن سلمان، كما تقول سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط في منظمة هيومن رايتس ووتش.
لقد شنّ ولي العهد السعودي حملة تخويف واسعة داخل السعودية وخارجها، وألقى القبض على ناشطات ونشطاء، في وقت ادّعى أنه يقوم بحملة إصلاحات من بينها السماح للمرأة بقيادة السيارة.
حملة التخويف وصلت لنشطاء يقيمون خارج السعودية، من بينهم غانم الدوسري، المعارض السعودي صاحب الأفلام الكوميدية، حيث حاول مجموعة من السعوديين الاعتداء عليه في لندن حيث مقرّ إقامته.
وبحسب سارة ليا ويتسن، فإن هذه الحملة التي يشنّها بن سلمان ضد معارضيه "تعكس طبيعة بن سلمان، التي تشبه طبيعة العقيد الليبي الراحل معمر القذافي. إنه يريد أن يقول للسعوديين داخل البلاد وخارجها الأفضل لك أن تصمت، أنت غير آمن، ولا يوجد قانون يحميك".
وتنقل الكاتبة عن بروس ريدل، الموظف السابق في مجلس الأمن القومي والباحث الحالي بمعهد بروكينجز، أن "بن سلمان والمسؤولين السعوديين يذرفون دموع التماسيح على خاشقجي، إنها محاولة للخداع والمراوغة. اختفاؤه يتناسب مع نمط الترويع وإسكات المعارضين الذي يسير عليه بن سلمان".
وتمضي الكاتبة الأمريكية قائلة: "أبلغني خاشقجي خلال لقائنا، في أغسطس الماضي، أن بن سلمان ليس لديه أي تسامح أو رغبة باستيعاب النقد، ورغم أنه ولي العهد فإنه يتصرّف وكأنه الملك. لقد أصبح أكثر استبداداً من كل الملوك الستة السابقين الذين حكموا السعودية منذ وفاة المؤسّس بن سعود، عام 1953".
وقالت إن خاشقجي شبّه نظام الحكم السعودي الملكي بالحكم الديني الإيراني، وقال إن بن سلمان أصبح "المرشد الأعلى"، في إشارة إلى نفوذ المرشد الأعلى في إيران.