ديفيد أرونوفيتش- ترجمة منال حميد-
لاتزال قضية اختفاء الصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل مبنى قنصلية بلاده في إسطنبول تتفاعل في وسائل الإعلام الغربية، والبريطانية منها على وجه التحديد، نظراً لطبيعة العلاقات الوثيقة التي تربط لندن بالرياض، حيث دعت صحيفة التايمز اللندنية إلى ضرورة معاقبة المسؤولين السعوديين في حال ثبت تورط بلادهم بعملية خطف أو إخفاء خاشقجي.
وقال الكاتب ديفيد أرونوفيتش، في مقال حمل عنوان "يجب أن نضرب السعودية بقوة"، إن إمكانية بقاء خاشقجي على قيد الحاة تتضاءل يوماً بعد آخر، مؤكداً أن القراء في العالم الغربي لا يعرفون أن النظام السعودي "لا يطيق وجود أي أصوات معارضة له، حتى لو كانت تلك الأصوات أصوات إصلاحية تنادي بالإصلاحات المحدودة داخل النظام".
ويتحدث الكاتب عن أهمية السعودية بالنسبة للغرب، مشيراً إلى أنها "كانت ومنذ نشأتها مهمة وزادت أهميتها بعد نهاية الحرب الباردة، حيث كانت مصدراً لتدفق الأموال في بنوك الغرب، رغم أن هناك الكثير من الاتهامات حول علاقتها بتمويل المتشددين والإرهابيين، ومع ذلك بقي الغرب حريصاً على محاباتها".
وطرح أرونوفيتش تساؤلاً؛ فيما إذا كانت عملية تصفية خاشقجي بهذه الطريقة تعود إلى إمتلاك الرجل معلومات عن العلاقة بين السعودية وزعيم تنظيم القاعدة.
داعياً في ختام مقاله إلى ضرورة أن تعمل الولايات المتحدة وبريطانيا، وشركاء السعودية الأقرب والأهم، للتحرك وفعل شيء بسرعة لضمان عدم تكرار ما حدث مع خاشقجي، وفتح تحقيق موسع قد يفضي إلى فرض عقوبات اقتصادية على بعض الشخصيات السعودية، وكذلك التلويح بوقف تصدير السلاح للرياض.
إلى ذلك قال سيمون تيسدول، معلق الشؤون الخارجية في صحيفة الغارديان البريطاينة، إن هذه ليست المرة الأولى التي يقوم بها النظام السعودي بتنفيذ عملية من هذا النوع، فقد قام في ديسمبر الماضي باحتجاز رئيس وزراء لبنان سعد الحريري في الرياض وأجبره على الخروج ببيان استقالة، وهي الحادثة التي أعادت للذاكرة عمليات أخرى نفذها النظام ضد معارضيه.
ويضيف الكاتب، أن من بين أكثر العمليات بشاعة ضد معارضي النظام، تلك التي نفذتها الرياض ضد الأمير سلطان بن تركي، حيث تم احتجازه في جنيف عام 2003، قبل أن يحقن بابرة مخدرة وينقل إلى الرياض.
ويرى تيسدول، أن عدم احترام القانون هو الإجابة البديهية لمثل هذه العمليات التي تُنفذ خارج الحدود، وهو أمر يثير قلق الجميع لما له من انعكاسات على المجتمع الدولي والوضع بشكل عام.
وفي مقال بصحيفة الغارديان أيضاً، دعا الكاتب باتريك وينتر ، إلى ضرورة إعادة تقييم شامل للعلاقة البريطانية السعودية في حال ثبت أي تورط سعودي بقضية اختفاء خاشقجي.
وأضاف: "لم يكن لدى الدبلوماسيين البريطانيين أي شك بأن الإصلاحات التي قام بها محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي، لن تتضمن أي إصلاحات سياسية، ولم يكن هناك شك من أن بن سلمان سيمنح بريطانيا المزيد من الاستثمارات التي تسهم في تلافي أي وضع اقتصادي قد يهدد بريطانيا بسبب خروجها من الإتحاد الأوروبي".
وبلغ إجمالي صادرات المملكة المتحدة من السلع والخدمات إلى السعودية 6.2 مليار جنيه استرليني في عام 2016 ، ولكن هذا لا يمثل سوى 1٪ من إجمالي قيمة الصادرات البريطانية في ذات العام، والتي بلغت 547 مليار جنيه إسترليني، فيما تمثل الواردات من السعودية 0.3٪ فقط، أو 2 مليار جنيه إسترليني من إجمالي 590 مليار جنيه استرليني في عام 2016، وتشكل مبيعات الأسلحة نسبة 0.004٪ من إجمالي الإيرادات إلى الخزينة في عام 2016، بحسب الكاتب.
ويؤكد وينتر أن بريطانيا لا تتمنى أن تكون السعودية متورطة في قضية اختفاء او مقتل خاشقجي، لأن ذلك سيرتب عليها الكثير، وبالتالي فإن مهمة تيريزا ماي لن تكون سهلة، وهي التي أعلنت أكثر من مرة أن "بريطانيا العظمى تضع على رأس أولوياتها الدفاع عن النظام العالمي القائم على القواعد ضد الدول الغير مسؤولة التي تعمل على تآكل هذا النظام"، فهل ستعمد ماي إلى إعادة تقييم شامل للعلاقة بين لندن والرياض؟، يتساءل الكاتب.