صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية-
نقلت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، عن مصادر داخل القصر الملكي السعودي، قولها إن ولي العهد محمد بن سلمان تنتابه نوبات غضب وسخط عارم منذ الإعلان عن اختفاء جمال خاشقجي داخل القنصلية السعودية بالرياض، وهو يحاول أن يجد شخصاً ما لإلقاء اللوم عليه في جريمة القتل المروع لخاشقجي التي سربتها مصادر أمنية تركية.
وأوضح ديفيد أغناتيوس، الكاتب في الشؤون الأمنية بالصحيفة الأمريكية، أن من بين الأسماء المرشحة لتكون كبش فداء اللواء أحمد عسيري، نائب رئيس المخابرات السعودية، حيث تقول تلك المصادر المطلعة إنه قدم العديد من المقاربات إلى الجهاز الخاص لاتخاذ إجراءات ضد خاشقجي وآخرين.
وكانت المخابرات الأمريكية قد علمت الشهر الماضي، أن عسيري كان يخطط لإنشاء "قوة النمر"، لتكون متخصصة بالقيام بعمليات خاصة وسرية، دون أن يتمكن المسؤولون الأمريكيون من معرفة طبيعة العمليات التي ستقوم بها، كما علمت المخابرات الأمريكية أن ولي العهد محمد بن سلمان أبلغ معاونيه هذا الصيف أنه يريد أن يعود خاشقجي وكل المنشقين الآخرين إلى أرض الوطن.
ونقل أغناتيوس عن مصدر أمريكي قوله إن جاريد كوشنر، صهر ترامب ومستشاره، وصديق بن سلمان، أبلغه في اتصال هاتفي بضرورة القيام بتحقيق يمكن أن يحدد هوية الجاني المسؤول عن مقتل خاشقجي، وفي اليوم التالي وبعد اتصال الرئيس دونالد ترامب مع الملك سلمان، قال ترامب إنه يعتقد أن "قتلة مارقين" يقفون وراء حادثة خاشقجي، ربما يكونون مسؤولون سعوديون.
ولكن يبدو أن الجهود الرامية لإيجاد مخرج من تلك القضية ستواجه شكوكاً متزايدة داخل الكونغرس الأمريكي، وهو ما جسده السيناتور ليندسي غراهام الذي قال إن بن سلمان هو من قتل خاشقجي.
الرواية التي يسعى القصر الملكي السعودي لترويجها، هي أنه كان هناك أمر لاستجواب خاشقجي ولكن ليس لقتله، ولكن حتى هذه الرواية فيها الكثير من الثغرات لأنه لو كان الهدف هو تسليم خاشقجي فلماذا يتم استجوابه في إسطنبول؟ ولماذا تم إرسال خبير طب شرعي ضمن الوفد المؤلف من 15 شخصاً؟ وهل ستصمد مثل هذه الرواية السعودية في ظل الرقابة الشديدة للكونغرس ووسائل الإعلام وربما حتى المحاكم الأمريكية؟ تتساءل الصحيفة.
مزاج بن سلمان خلال الأشهر الأخيرة كان سيئاً، بحسب الكاتب، وذلك بسبب مواجهته للعديد من الضغوط الاقتصادية ومنها تعثر إدراج أسهم أرامكو، حيث قام بتضييق دائرة مستشاريه ومن أبرزهم سعود القحطاني، الذي يوصف بأنه المستشار الرئيسي لمحمد بن سلمان ومرشده الإعلامي، وهو الذي يظهر في ساحات تويتر بكثرة ولديه نحو مليون وثلاث مئة ألف متابع، وكثيراً ما ينتقد إيران وقطر والخصوم المحليين وهو "شاب عنيد".
ويتابع الكاتب: "القحطاني نظم العديد من مقابلات الصحفيين الأجانب الزائرين للسعودية، لكن مصادر تقول إنه يقوم بدور أكبر للإشراف على الاستراتيجية المتبعة في وسائل التواصل الاجتماعي، التي يعتبرها السعوديون ميداناً للحرب. ويدير القحطاني مركزاً خاصاً للدراسات والإعلام، ويعمل داخل الديوان الملكي دون إشراف من أي وزارة".
ويعتقد مسؤولون أمريكيون أن القحطاني، بالإضافة إلى سعيه من أجل السيطرة على وسائل الإعلام، فإنه يسعى أيضاً مع غيره من المستشارين لاستخدام تقنيات قرصنة حديثة لاستخدامها ضد الخصوم والأعداء.
دائرة ولي العهد الضيقة ومن بين أفرادها القحطاني، ساعدته على دفع جهود التحديث في السعودية، مثل السماح للمرأة بقيادة السيارة، وتحجيم دور هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وافتتاح دور السينما، وغيرها من وسائل الترفيه، ولكنها أيضاً ضخمته جداً ودفعته ربما إلى ارتكاب أسوأ الأعمال.
ويضيف الكاتب أن الانهيار على محمد بن سلمان بدأ بعد أن أصبح اختفاء خاشقجي واضحاً، رغم أن التصريحات الرسمية كانت تحاول أن تظهره بشكل طبيعي، غير أن مصدراً مقرباً قال إنه كان يعاني من توتر بعد أن علم بموت خاشقجي، وبدأت حالات من الهيجان والغضب تنتابه من وقت لآخر.
ويعتقد الكاتب أن بن سلمان تحيط به مجموعة من المستشارين الذين يؤكدون له أن الحديث عن قمع المعارضة هو جزء من حرب وسائل الإعلام، ولكن يبدو أن ولي العهد السعودي بات لزاماً عليه أن يواجه سؤالاً حقيقياً بشأن مستقبله الذي بات موضع شك وتساؤل لدى العديد من دوائر القرار في العالم.