وكالات-
إثر إقرار الرياض، بمقتل الصحفي السعودي، "جمال خاشقجي"، داخل قنصليتها بإسطنبول طالت الإعفاءات على خلفية القضية 5 شخصيات بارزة، منها المستشار في الديوان الملكي "سعود القحطاني"، ونائب رئيس الاستخبارات "أحمد عسيري".
ولم تقدم المملكة سببا واضحا للإعفاءات، غير أنها جاءت بالتزامن مع إعلانها فجر السبت، مقتل "خاشقجي"، داخل قنصلية بلاده بإسطنبول إثر "شجار واشتباك بالأيدي" مع سعوديين، وتوقيفها 18 شخصا مشتبه بهم، دون أن تسمهم.
ولم تكشف الرياض عن توقيف المعفين من مناصبهم أو إخضاعهم لتحقيقات، غير أن "القحطاني" غرد فور الإعفاء عبر حسابه بـ"تويتر"، بقبول قرارات الملك وتأكيد الولاء له، في إشارة واضحة إلى أنه حر طليق.
و"القحطاني" و"عسيري"، شهدا صعودا لافتا في ساحة الرأي العام في السنوات الأخيرة بالتزامن مع صعود "محمد بن سلمان" ولي العهد السعودي الحالي، وخططه، حيث يعد المسؤولان من أبرز مستشاريه، وفق ما تناقلته وسائل إعلام.
ومنذ الإعفاء لا يزال اسمهما محط اتهامات وسائل إعلام غربية بأنهما "متورطان" في مقتل "خاشقجي"، دون تعليق منهما.
وترصد "الأناضول" أبرز المعلومات بشأن "القحطاني" و"عسيري" وفق تقارير إعلامية على النحو التالي:
"القحطاني".. قائد المواجهة الإعلامية
"القحطاني" الذي يلوذ حاليا بالصمت في مواجهة اتهامات غربية، من مواليد 7 يونيو/حزيران من عام 1978 بالرياض، وحصل على الثانوية العامة من معهد العاصمة، وبكالوريوس قانون من جامعة الملك سعود، وماجستير من جامعة نايف العربية تخصص عدالة جنائية.
كما حصل على دورة تأهيل الضباط الجامعيين في القوات الجوية، وعمل كمحاضر قانون في كلية الملك فيصل الجوية، ووصل إلى رتبة نقيب بها قبل أن يتحول إلى ديوان ولي العهد.
وتشير التقارير الإعلامية إلى أنه شغل من قبل منصب مستشار قانوني في مكتب ولي العهد "عبدالله بن عبدالعزيز" عام 2003، وشغل منصب مدير عام مركز الرصد والتحليل الإعلامي في الديوان الملكي عام 2008.
كما عمل مديرا لدائرة الإعلام في سكرتارية ولي العهد، ومستشارا في مكتب رئيس الديوان الملكي ونائبه.
وانضم "القحطاني" للديوان الملكي عام 2012، وفي 2015 مستشارًا للديوان الملكي.
وفي 2017، تولى "القحطاني" أيضًا مهامًا جديدة كرئيس لاتحاد الأمن الإلكتروني والبرمجيات ثم الإشراف العام على اللجنة العليا للاتحادات الرياضية القتالية في 2018.
وكان "القحطاني" أبرز الوجوه الرسمية سابقا عبر "تويتر" التي يبدو من خلالها قائد المواجهات الإعلامية لكل من يعارض السعودية، وله اشتباك لافت في الأزمة الخليجية، التي اندلعت قبل أكثر من عام، وفق ما نقلته وسائل إعلام.
ويتابع "القحطاني"، 1.3 مليون حساب؛ فيما يتابع هو 1528 حسابًا وله 9270 تغريدة.
ويعرّف نفسه على حسابه في "تويتر" بأنه "رئيس مجلس إدارة الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز"، وأن حسابه شخصي ولا يمثل جهة رسمية.
وفور إعفائه من منصبه، غرد "القحطاني": "أتقدم بجزيل الشكر والعرفان لمقام خادم الحرمين الشريفين، وولي العهد الأمين، على الثقة الكبيرة التي أولوني إياها.. سأظل خادمًا وفيًا لبلادي طول الدهر، وسيبقى وطننا الغالي شامخاً بإذن الله تعالى".
وبخلاف المواجهة الإعلامية، كان يقود فيما يبدو حملات لمخاطبة المعارضين السعوديين بالخارج، وفق ما كشفت عنه صحيفة "واشنطن بوست" الأميريكة في 12 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري.
وقالت الصحيفة وفق ما نقلته وسائل إعلام إن "القحطاني" تواصل مع "خاشقجي" ودعاه للعودة الآمنة إلى السعودية من منفاه الاختياري الذي خرج له منتقدا سياسات ولي العهد، وأخبر "خاشقجي" أصدقاءه أنه لا يثق في العرض أو المسؤول الذي عرضه عليه، أي "القطحاني".
ولا يزال "القحطاني"، صامتا في مواجهة الاتهامات التي توجه له من وسائل إعلام غربية، تظهر له دورا في مقتل "خاشقجي"، غير أنه قبيل الحادث كان أبرز متحدثي المملكة.
"عسيري".. صعود وسقوط سريعان
"أحمد عسيري" من مواليد 1959، من محافظة محايل عسير، الواقعة جنوب غربي السعودية، والتحق بالجيش السعودي، وتعدّه وسائل إعلام سعودية واحدا من أمهر الطيارين السعوديين.
وحصل على العديد من الشهادات في العلوم العسكرية من فرنسا وأمريكا، وتدرج داخل الحياة العسكرية بالمملكة، من معهد قوات الدفاع الجوي، إلى ضابط معلم بجناح الحرب بكلية القيادة والأركان السعودية.
ووصل عام 2010، إلى منصب مدير لمكتب نائب وزير الدفاع، وفي عام 2014، أصبح مستشارًا بمكتب وزير الدفاع.
ومع تولي ولي العهد السعودي، وزارة الدفاع في 2015، تم تعيينه في مارس/آذار من نفس العام، متحدثًا باسم قوات التحالف العربي التي تقودها السعودية لمحاربة الحوثيين في اليمن، وكان أحد مستشاري "بن سلمان".
ولم يمر عام، حتى أصدر العاهل السعودي، في يونيو/حزيران 2016، أمرًا ملكيًّا بترقية عسيري إلى رتبة لواء، وفي عام 2016 عين متحدثاً باسم قوات "التحالف العسكري الإسلامي ضد داعش".
وفي أبريل/نيسان 2017 صدر أمر ملكي جديد بتعيين "عسيري" نائبًا لرئيس جهاز الاستخبارات.
وقبل صعود بنحو شهر في منصبه الأخير، واجه "عسيري" احتجاجا من جانب محتجين في لندن على موقف بلاده من حرب اليمن التي اندلعت قبل أعوام ضد الحوثيين المدعومين من طهران وفق ما تقول الرياض عادة.
وفي 10 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، كان "العسيري" حاضرا لاجتماع ولي العهد مع الممثل الأمريكي الخاص للمصالحة في أفغانستان "زلماي خليل زاد" بالرياض، ما يؤكد تقارير إعلامية تشير لقرب "عسيري" من "بن سلمان".
فيما تتناقل تقارير غربية لوسائل إعلام منها "الغادريان" البريطانية، أن السعودية ستحمل مسؤولية مقتل "خاشقجي" للواء "عسيري"، وتعتبره "كبش فداء"، وهي تقارير لم ترد عليها المملكة ولا الأخير الذي لم يظهر في أي حديث منذ قرار الإعفاء.
وأقرّت الرياض، فجر السبت، بمقتل "خاشقجي" داخل مقر قنصليتها في إسطنبول، إثر شجار مع مسؤولين سعوديين وتوقيف 18 شخصا كلهم سعوديون.
ولم توضح مكان جثمان "خاشقجي" الذي اختفى عقب دخوله قنصلية بلاده في 2 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، لإنهاء أوراق خاصة به.
غير أن تلك الرواية الرسمية، تناقضت مع روايات سعودية غير رسمية كان آخرها إعلان مسؤول سعودي في تصريحات صحفية، اليوم، أنّ "فريقا من 15 سعوديا، تم إرسالهم للقاء خاشقجي في الثاني من أكتوبر/تشرين الأول، لتخديره وخطفه قبل أن يقتلوه بالخنق في شجار عندما قاوم".
وتحدثت صحف غربية وتركية عن مقتل "خاشقجي" بعد ساعتين من وصوله قنصلية بلاده في إسطنبول، وأنه تم تقطيع جسده بمنشار، على طريقة فيلم "الخيال الرخيص" الأمريكي الشهير
وتلك الرواية أيدتها صحيفة "وول ستريت جورنال" التي نشرت، اليوم الأحد، أن الأمير "خالد الفيصل" مبعوث الملك السعودي لمتابعة تحقيقات القضية في تركيا، استمع لتسجيل صوتي يؤكد تعرض "خاشقجي" "للتخدير ثم القتل ثم التقطيع".
وقبل أيام، نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، عن مصدر تركي رفيع المستوى أنّ "مسؤولين كبارا في الأمن التركي خلصوا إلى أن خاشقجي تم اغتياله في القنصلية السعودية بإسطنبول بناء على أوامر من أعلى المستويات في الديوان الملكي".