الخليج أونلاين-
لم يتبقَّ من خيوط جريمة قتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، داخل قنصلية بلاده في إسطنبول التركية، على يد فريق اغتيال سعودي متخصص، سوى مكان جثته التي ستكشف للعالم طريقة قتله بالتحديد، بعد تشريح المختصين إياها.
وبعد 18 يوماً من إنكار السلطات السعودية مسؤوليتها عن قتل خاشقجي، أقرت بعملية القتل، ولكن خرجت للعالم بروايات لم يصدّقها؛ إذ زعمت أنه قُتل بعد شجار واشتباك بالأيدي مع سعوديين داخل القنصلية، بعد أيام من الإصرار على أنها لا تعرف كيف قُتل، وأنه غادر القنصلية على قدميه.
وأمام هذه الروايات السعودية غير المتزنة والمتناقضة، ترفض قيادة المملكة، وأجهزتها الأمنية، الحديث عن مكان جثة خاشقجي، أو التطرق إليها خلال رواياتها الرسمية، أو أحاديث ملكها أو ولي عهدها.
ويبدو واضحاً تعمُّد السلطات السعودية عدم الكشف عن مكان جثة خاشقجي، وظهرت نيتها مسبقاً، إخفاء جثة خاشقجي قبل قتله، باستدعاء مدير الطب الشرعي بالأمن السعودي، صلاح الطبيقي، إلى مسرح الجريمة داخل القنصلية ضمن فريق الاغتيال.
ويعتبر الطبيقي رائداً في عمليات التشريح السريعة والمتنقلة، وكلَّفته بلاده إخفاء خاشقجي، حيث تخلَّص من الأدلة بعد قتله برفقة فريق الاغتيال، ثم لف الجثةا بسجادة وسلمها لمتعهد محلي، وهذه كانت آخر رواية عن الجثة.
أهمية التشريح
ولتشريح الجثة الجنائي وفحصها بعد الوفاة أهمية كبيرة في كشف ظروف الموت علمياً؛ إذ يعتبر إجراء طبياً عبارة عن فحص دقيق للجثة، لتحديد سبب الوفاة وطريقتها، وتقييم أي مرض أو إصابة قد تكون حدثت للجثة، وعادة يقوم بالعملية طبيب متخصص بعلم الأمراض.
وفي العادة، تُجرى عمليات التشريح إما لأغراض قانونية وإما لأسباب طبية.
ويشمل التشريح الطبي الشرعي الحصول على عينات بيولوجية من جثة القتيل، ويكون من خلال فحص الأعضاء الداخلية للجسم؛ للحصول على أدلة على أي صدمات أو مؤشرات أخرى على سبب القتل.
ولهذه الأسباب عمِل فريق الاغتيال السعودي، برفقة "الطبيقي"، على تقطيع جثة خاشقجي بعد اغتياله فوراً، وإخفائها أطول مدة ممكنة، حيث يصعب على فريق التشريح بعد الوصول إليها، التحقق من طريقة قتله، الذي تقول الرياض إنه حصل خلال "شجار".
ويبدو أن "الطبيقي" قطَّع خاشقجي إلى أكثر من جزء، خلال مدة قصيرة جداً، حسبما كشفت أجهزة الأمن التركية، وأخفى فريق الاغتيال كل جزء على حدة؛ لتضليل فرق البحث، والتخفيف من الأدلة.
طمس الأدلة
وتدور شكوك لدى الأجهزة الأمنية التركية، في أن أجزاء من الجثة نقلها إلى العاصمة السعودية الرياض قائدُ عملية الاغتيال، العقيد السابق في المخابرات السعودية ماهر مطرب، بعد رصد حقيبة كبيرة كانت بحوزته لم تفتشها الأجهزة الأمنية خلال مغادرته إسطنبول بطائرة خاصة.
وتعتقد الأجهزة الأمنية التركية أن أجزاء أخرى من جثة خاشقجي موجودة ببئر داخل حديقة القنصل السعودي في إسطنبول أحمد العتيبي، الذي أُعفي من مهامه، وغادر تركيا، بعد تنفيذ عملية الاغتيال بأيام.
وحصلت الشرطة التركية، الأربعاء (24 أكتوبر)، على إذن لتفتيش منزل القنصل، وفي حال عثرت على أجزاء من الجثة، فستكون أول خيوط اختفائها قد كُشفت بعد اغتياله داخل القنصلية.
كذلك، تراود فرق البحث التركية شكوك في أن قتلة خاشقجي ربما ألقوا بجثته في غابة بلغراد المتاخمة لإسطنبول، وعند موقع ريفي قريب من مدينة يالوفا، التي تبعد 90 كيلومتراً جنوبي المدينة.
وأمام عمليات البحث المضنية للفريق التركي، لم يُعثر بعدُ على أي جزء من جثة خاشقجي المقطَّعة، وهو ما يدل على أن من أخفاها يتمتع بدرجة كبيرة من الاحتراف في التعامل معها بعد قتلها.
وتتخذ السعودية موقف المشاهد والمترقب لما ستعثر عليه الأجهزة الأمنية التركية، رغم علمها بمكان أجزاء جثة خاشقجي؛ لكونها اعترفت بقتله بواسطة 18 مواطناً سعودياً يعملون في أجهزة سيادية تابعة للمملكة، وهم قيد الاعتقال جميعاً.