الخليج أونلاين-
يوماً بعد آخر تضيق الدائرة حول ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، بعد اغتيال الصحفي جمال خاشقجي داخل قنصلية بلاده في إسطنبول التركية، وهذه المرة مع ظهور مدير مكتبه، بدر العساكر، كأحد العناصر الأساسية في إدارة عملية الاغتيال منذ بداياتها وحتى اللحظات الأخيرة.
"العساكر"، الذي لا يظهر كثيراً بوسائل الإعلام ضمن فريق بن سلمان، ولم يكن له أي صيت داخل المملكة أو خارجها، كان هو حلقة الوصل بين فريق الاغتيال السعودي الذي كان موجوداً داخل القنصلية خلال تحقيقهم مع خاشقجي، وبين بن سلمان، حيث كانت تصدر الأوامر، وفق التسريبات التركية.
وكان "العساكر"، الذي عُيِّن مديراً لمكتب ولي العهد بمرتبة وزير، بعد مرسوم ملكي، في يوليو 2017، قد تلقّى عدة اتصالات من العقيد ماهر مطرب، قائد الفريق الذي نفّذ عملية اغتيال خاشقجي، وكان بدوره ينقلها لمحمد بن سلمان، بحسب صحيفة "يني شفق" التركية.
وأدّى "العساكر" دوراً هاماً خلال عملية الاغتيال، ولكن لم يكن اسمه بارزاً في وسائل الإعلام كأحد المسؤولين عن الاغتيال، كما لم تُقدِّمه القيادةُ السعوديةُ كبش فداء، واكتفت بإعفاء سعود القحطاني، المستشار بالديوان الملكي، من منصبه، والذي يُعتبر بالنسبة إلى ولي العهد السعودي عينيه وأذنيه، لقربه منه، وإقالة نائب رئيس الاستخبارات السعودية، أحمد عسيري.
كاتم أسرار بن سلمان
ويبدو أن ولي العهد يعتمد على "العساكر" بشكل كبير في كل تحركاته، ويُعدّ كاتم أسراره، على الرغم من أنه ليس أحد أعضاء الحكومة السعودية، لذا لم يستغنِ عنه أو يُذكر اسمه في التحقيقات، التي زعمت السلطات إجراءها بعد اغتيال خاشقجي.
وعُرف عن "العساكر" أنه كُلّف من ولي العهد، منذ الأيام الأولى لتعيينه مديراً لمكتبه، التواصل مع المؤسسات الدولية في مختلف أرجاء العالم بهدف تشكيل صورة مميزة عن الأمير، وإبراز أنه الشاب المنفتح الذي سيغيّر المملكة بعدة قرارات؛ كالسماح للمرأة بقيادة السيارة.
وفي البحث عن السيرة الذاتية لمدير مكتب بن سلمان، وجد "الخليج أونلاين" أنه من عائلة ثرية، تعمل في بيع الأجهزة الكهربائية والإلكترونية منذ عام 1980، من خلال عدة محلات تجارية في العاصمة السعودية الرياض.
ويشغل "العساكر"، الذي تخرّج في جامعة الملك سعود بالرياض مثل ولي العهد، منصب الأمين العام لمؤسسة بن سلمان الخيرية "مسك"، إضافة إلى إدارة مكتب بن سلمان، وإدارة جدول أعماله اليومية، وتوزيع الوقت على عمله السياسي، واستثماراته الشخصية، وأنشطته الترفيهية.
ويقدّم "العساكر" نفسه بصفته خبيراً في التاريخ، حيث كان يظهر على الفضائيات السعودية والعربية للحديث عن الوقائع التاريخية.
وشغل "العساكر" منصب الأمين العام لـ"جائزة الملك سلمان لشباب الأعمال"، وعضوية مجلس إدارة "مركز الملك سلمان للشباب"، وعضوية مجلس الغرف السعودية، كما يشغل عضوية لجنة شباب الأعمال بالغرفة التجارية الصناعية في الرياض، وعضوية مجلس إدارة مدارس الرياض، وعمل سابقاً نائباً للرئيس التنفيذي لاتحاد الصالحية للتمور والحلوى.
ومن خلال هذه المناصب العديدة التي تقلّدها "العساكر"، يتضح أن بن سلمان يعتمد عليه بشكل رئيس في المهام الخارجية، التي كان من ضمنها توكيله مهمة التواصل مع الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، وزيارته في باريس لتحسين العلاقات السعودية-الفرنسية، التي توصف بالباردة.
ولم تحظَ زيارة "العساكر" ولقاؤه ماكرون -وهي الزيارة التي لم يُكشف عنها- بأي اهتمام أو ظهور إعلامي، وهو ما يعطي مؤشراً على أنه رجل المهام السرية لولي العهد السعودي، والتي قد تكون من ضمنها مهمة اغتيال خاشقجي داخل القنصلية السعودية في إسطنبول.
ومما يعزز الدور الكبير الذي أداه "العساكر" في اغتيال خاشقجي، كشف النائب البريطاني السابق، جورج غالاوي، أن مدير مكتب بن سلمان هو مَن أمر فرقة الاغتيال داخل القنصلية عبر "سكايب" بإحضار "رأس الكلب" بعد رفضه الاستجابة للأوامر والعودة للرياض.
وبات واضحاً من خلال المعطيات والأدلة التي سرّبتها أجهزة أمنية تركية للصحافة، أن مكتب بن سلمان بالفعل هو الذي يقف وراء اغتيال خاشقجي. ويوماً بعد آخر تنكشف خيوط جديدة للجريمة، ويظهر أشخاص جدد أيضاً، كان آخرهم بدر العساكر، مدير مكتب بن سلمان.
ويبقى السؤال هنا؛ لو ظهرت أدلة جديدة تُثبت تورّط بن سلمان في عملية الاغتيال، فهل سيعترف بإصداره الأوامر باغتيال خاشقجي، أم إنه سيتخلّى عن كاتم أسراره ويده في اليمن ويقدمه كبش فداء كالقحطاني وعسيري؟