ناشيونال إنتيرست- ترجمة منال حميد-
دعا الكاتب الأمريكي دوغ باندو إلى ضرورة تخلي واشنطن عن نظام السعودية الذي وصفه بالوحشي، مبيناً أن القيم والمصالح الأمريكية في الشرق الأوسط مهددة بسبب دعمها للرياض.
وقال باندو في مقال له على الموقع الإلكتروني لمجلة "ناشيونال إنتيرست"، إن السعودية تحارب الإرهاب معنا، لكنها تدعم التطرف وتواصل قمع المعارضين واضطهاد الديانات غير الإسلامية، وتشن حملات عسكرية لزيادة نفوذها بالخارج، لافتاً إلى أن حكومة الرياض تهدد بتقويض أهداف واشنطن على المدى الطويل.
وبيّن أن "إيران ليست صاحبة النظام السيئ وإنما السعودية؛ فعلى الرغم من إشادة مؤيدي المملكة في أمريكا بالعلاقة التاريخية والطويلة منذ أن التقى الملك عبد العزيز آل سعود والرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت عقب الحرب العالمية الثانية (1939 - 1945)، فإن العائلة المالكة في الرياض بقيت مصدر إحراج متواصل للولايات المتحدة".
ووصف باندو العائلة السعودية الحاكمة بأنها "عشيرة عنيفة" حصلت على السلطة بمساعدة قوى الحلفاء بعد الحرب العالمية الأولى، وإبرام آل سعود صفقة مع رجال الدين الإسلاميين لفرض تعاليمهم مقابل دعمهم وتأييدهم، حتى تحولت إلى "دولة استبدادية" أكثر من الاتحاد السوفييتي السابق.
وقال: "إن السعودية كانت دولة ذات أهمية جغرافية، غير أنها لم تعد كذلك، فلقد فقدت هيمنتها على مصادر الطاقة، وصار اعتمادها على سلاح النفط غير عملي، بل انتحارياً"، على حد وصفه.
واستدرك: "لكن رغم ذلك، ما زالت إدارة ترامب تنظر بعقلية السبعينيات والثمانينيات، وهذا ما ترك المسؤولين على غير دراية عندما واجهوا جريمة قتل الصحفي جمال خاشقجي، والذي قررت العائلة السعودية أن تتخلص منه عبر عملية منظمة؛ مستفيدة من الغطاء الدبلوماسي الذي توفره لها القنصلية".
وقال إن على الإدارة الأمريكية أن تستجيب بقوة وأن تتخذ موقفاً حيال ما فعلته السعودية، مبيناً أن مثل هذا الفعل لو قامت به إيران أو سوريا أو روسيا، فمن المؤكد أن البيت الأبيض سيعبر عن غضبه ويتخذ عقوبات صارمة على تلك الدول.
والحقيقة، بحسب الكاتب، هي أن "المجرمين الذين ارتكبوا الفعلة في القنصلية هم أصدقاء أمريكا، والذين يديرون أكبر دولة قمعية بالشرق الأوسط، وبدلاً من ذلك فإن بعض من يدعي الديمقراطية دافعوا عن السعودية، وتصرفوا كموظفي علاقات عامة من أجل نظام استبدادي ملكي قديم بعيد حتى عن شعار أمريكا أولاً".
وقال الكاتب: "لقد أمضى البيت الأبيض أسابيع في محاولة للتقليل من دور السلطات السعودية بالجريمة، وكانت الحجة الأساسية للتضحية بمبادئ الولايات المتحدة هي أن تفاصيل الجريمة كاملة لم تظهر بعد".
وتابع: "الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يركز على الصفقات المتعلقة بالنفط والسلاح مع السعودية، ولا يريد لأي شيء أن يؤثر عليها".
ويرى الكاتب أن مقتل خاشقجي يمكن أن يمثل فرصة للولايات المتحدة من أجل اعتماد سياسات أفضل وأكثر توازناً في الشرق الأوسط، وأنه يجب على واشنطن تخفيف علاقتها مع السعودية "الدولة الدينية الثيوقراطية التي تقتل منتقديها".
واستطرد: "أفضل رد عملي على وحشية السعودية هو وقف الدعم فوراً لحربها في اليمن، فلا يوجد أي سبب لمواصلة دعم حرب السعودية والإمارات (ضد الحوثيين) هناك من أجل تثبيت حكومة دمى تابعة لهم، كما أن تلك الحرب أدت إلى أسوأ كارثة إنسانية بالعالم، وبالتأكيد ليس هناك أي شيء يستحق هذه الفاتورة البشرية الهائلة التي يدفعها الشعب اليمني".
إضافة إلى ذلك يجب وقف مبيعات الأسلحة للسعودية وخاصة تلك التي تستخدم في الحرب على اليمن، "فهذه لا هدف لها سوى تضخيم أرباح الشركات على حساب القيم والمبادئ الأمريكية"، كما يقول الكاتب.
ويرى أنه "ينبغي على ترامب أن يوجه رسالة واضحة للرياض مفادها أن العلاقة ستبقى مقيدة ما بقي محمد بن سلمان ولياً للعهد على رأس السلطة، فلقد أثبتت الأيام أنه متهور وسياساته جاءت بنتائج عكسية خطيرة".
إن عدم الاستقرار بالشرق الأوسط، كما يرى الكاتب، سيقوض مصالح الولايات المتحدة والأمن الإقليمي لسنوات وربما لعقود قادمة، وقد يكون عهد بن سلمان كارثياً، ومن ثم فعلى أمريكا الابتعاد عن هذا النظام الذي يرسل عناصره لاغتيال ناقد لسياستهم، في إشارة إلى خاشقجي.