ملفات » قضية جمال خاشقجي

العيبان: حرية الرأي مكفولة نظاماً.. والمتورطون في وفاة خاشقجي سيحاسبون

في 2018/11/06

وكالات-

أكدت المملكة العربية السعودية حرصها على المضي قُدما نحو تعزيز وحماية حقوق الإنسان، وتحقيق التنمية المستدامة، منطلقة من مبادئ وأحكام الشريعة الإسلامية وأنظمتها، والتزاماتها بموجب اتفاقات حقوق الإنسان الإقليمية والدولية، لافتة إلى بناء إطار قانوني ومؤسسي متين يحمي ويعزز حقوق الإنسان، ويجرّم انتهاكها، وينشر ثقافتها والتربية عليها.

جاء ذلك في كلمة المملكة ألقاها رئيس هيئة حقوق الإنسان الدكتور بندر العيبان، رئيس وفد المملكة إلى اجتماعات مجلس حقوق الإنسان في جنيف، خلال مناقشة تقرير المملكة الثالث ضمن آلية الاستعراض الدوري الشامل، مؤكدا على حرية الرأي والتعبير، موضحا أن القيادة السعودية عبرت عن ألمها لوفاة المواطن جمال خاشقجي، وأصدر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز توجيهاته بمباشرة النيابة إجراءات التحقيق في هذه القضية وفق الأنظمة المعمول بها تمهيداً للوصول إلى الحقائق كافة، وتقديم جميع المتهمين للعدالة وإيقاع العقوبة على كل من يدان بهذه الجريمة، وما تم من إجراءات لاستجلاء الحقيقة ومحاسبة المقصر كائنا من كان.

وأوضح العيبان، أن التقرير الوطني الثالث لحالة حقوق الإنسان في المملكة، المقدم في إطار آلية الاستعراض الدوري الشامل، تم إعداده وفق منهجية تقوم على تكامل الأدوار بين الجهات الحكومية ذات العلاقة، والمشاورة الوطنية الواسعة مع مؤسسات المجتمع المدني، والأفراد المختصين والمهتمين بمجال حقوق الإنسان وفقاً لمبادئ الاستعراض الواردة في قرار مجلس حقوق الإنسان (5/‏1) بتاريخ 2007.

ونوه بحرص حكومة المملكة على إيلاء الاعتبار اللازم لما يصدر عن هيئات المعاهدات وآلية الاستعراض الدوري الشامل من ملاحظات وتوصيات، في ضوء خططها وسياساتها الرامية إلى تحقيق هذه الأهداف، وفي مقدمتها «رؤية المملكة 2030»، واتخاذ ما يلزم من التدابير التشريعية والمؤسسية، وزيادة فاعلية تدابير التنفيذ العامة، وتعزيز الوعي بحقوق الإنسان، ودعم مشاركة مؤسسات المجتمع المدني، وتعزيز التعاون الإقليمي والدولي في مجال حقوق الإنسان.

وأكد الدكتور العيبان استمرار المملكة ووقوفها الدائم إلى جانب الشعب اليمني وحكومته الشرعية بناء على طلبها بعد عدوان المليشيات الحوثية على اليمن، والحكومة الشرعية، ومؤسسات الدولة، وعلى الشعب اليمني، وتقويضها للعملية السياسية السلمية الانتقالية الشاملة، ودفاعا عن المملكة من القصف العشوائي من قبل المليشيات الحوثية للمناطق والمدن والقرى المحاذية للحد الجنوبي للمملكة، وإطلاق الصواريخ على كبرى مدن المملكة والقرى، نتج عنها مقتل وجرح المئات من المدنيين من بينهم الأطفال والشيوخ والنساء.

وشدد على التزام المملكة القاطع بقواعد القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان في العمليات العسكرية التي يقودها تحالف دعم الشرعية في اليمن، مشيراً إلى أن المملكة تبذل عناية فائقة لتجنيب المدنيين، خصوصا الأطفال والنساء والأعيان المدنية والبنية التحتية، آثار النزاع.

وأكد استمرار المملكة في تكثيف التنسيق مع المنظمات الدولية لتقديم وإيصال المساعدات الإنسانية للشعب اليمني، حيث تم إطلاق خطة العمليات الإنسانية الشاملة في اليمن التي دشنت عددا من المشاريع، لافتا إلى أن حجم المساعدات الإنسانية والإغاثية والتنموية التي قدمتها المملكة لليمن الشقيق منذ 2015 حتى الآن بلغ (11.18) مليار دولار أمريكي.

وتطرق رئيس وفد المملكة للأزمة السورية، وقال: إنه ومنذ اندلاع الأزمة استقبلت المملكة نحو مليونين ونصف المليون مواطن سوري، وحرصت على حفظ كرامتهم وسلامتهم، ومنحهم حرية الحركة، ومنحت لمن أراد البقاء منهم الإقامة النظامية بكل ما يترتب عليها من حقوق الرعاية الصحية المجانية، والانخراط في سوق العمل والتعليم. ولفت إلى تجربة السعودية الرائدة في منح الجالية البرماوية إقامات نظامية دون رسوم مالية وتمكينهم من الخدمات الصحية والتعليمية، داعياً إلى الاستفادة منها وتعميمها.

وبين العيبان أن المملكة سارعت الخطى في سبيل حماية وتعزيز حقوق الإنسان خلال السنوات الماضية، التي شهدت تحولات نوعية وإصلاحات جذرية فيما يتعلق بهذا الجانب، عبر بوتقة من الأنظمة والقرارات والأوامر والتعاميم مثلت مجتمعة عنوانا عريضا لحماية حقوق الإنسان.

وأوضح رئيس هيئة حقوق الإنسان أن التقرير الثالث للمملكة رصد أبرز التدابير التي اتخذتها المملكة لحماية وتعزيز حقوق الإنسان بشكل عام، وما تم تنفيذه من التوصيات التي حظيت بتأييد المملكة خلال الجولة الثانية للاستعراض بشكلٍ خاص، حيث قُدم للمملكة خلال الجولة الثانية 225 توصية، أيدت منها 151 توصية تأييداً كاملاً، و37 توصية تأييداً جزئياً، وأخذت العلم بـ37 توصية، حيث تم تنفيذ معظم التوصيات التي حظيت بالتأييد الكامل والجزئي.

وأكد أن التوصيات التي قدمت للمملكة وحظيت بتأييدها تم التعامل معها كمؤشرات لقياس التقدم المحرز في مجال تعزيز وحماية حقوق الإنسان من قبل هيئة حقوق الإنسان التي تختص -وفقاً لتنظيمها- بمتابعة تنفيذ الجهات الحكومية لالتزامات المملكة بموجب اتفاقات حقوق الإنسان الإقليمية والدولية التي أصبحت طرفاً فيها.

وأشار إلى أنه تم إنشاء «اللجنة الدائمة لإعداد مشاريع التقارير» في يناير 2015، كآلية وطنية تختص بإعداد تقارير المملكة المتصلة باتفاقات حقوق الإنسان، التي أصبحت طرفاً فيها، وتقاريرها الخاصة بآلية الاستعراض الدوري الشامل، ومتابعة التوصيات الصادرة عنها، ويأتي هذا متفقاً مع ما أوصت به المفوضية السامية لحقوق الإنسان بهذا الخصوص.

وأفاد بأن المملكة تنطلق في سعيها الحثيث نحو تعزيز وحماية حقوق الإنسان، وتحقيق التنمية المستدامة، من مبادئ وأحكام الشريعة الإسلامية، وقيم مجتمعها الأصيلة، وتساندها -لتحقيق هذه الأهداف السامية- حكمة وإرادة قيادتها ممثلةً في خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمير محمد بن سلمان، والهمّة العالية التي يتمتع بها شعبها الذي هو محور التنمية وموضوعها، مشيراً إلى أن «رؤية المملكة 2030» تضمنت عدداً من الحقوق، كالحق في الحياة والحق في الأمن، والحق في الصحة، والحق في التربية والتعليم والتدريب، والحق في العمل وحماية الأسرة، وتمكين المرأة وتعزيز المشاركة في الحياة السياسية والعامة، وحرية تكوين الجمعيات ودعمها، والحق في المشاركة الثقافية وفي الأنشطة الرياضية والترفيهية وغيرها.

ونوه بصدور الأمر السامي في يناير 2015 القاضي بالموافقة على إعداد إستراتيجية وطنية لحقوق الإنسان شاملة لجميع المبادئ والأسس التي تهدف إلى حماية وتعزيز حقوق الإنسان وفق مبادئ الشريعة الإسلامية، والنظام الأساسي للحكم، والاتفاقات الإقليمية والدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان، التي أصبحت المملكة طرفًا فيها.

وشدد رئيس وفد المملكة على أن المدة التي غطاها التقرير الثالث من عام 2013 وحتى 2018 تضمنت الكثير من المنجزات الحضارية والإنسانية، وبُذلت الجهود لتعزيز وحماية حقوق الإنسان على جميع المستويات، انطلاقاً من مبادئ المملكة الدستورية، وأنظمتها المنبثقة منها، والتزاماتها بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، واسترشاداً بالتوصيات الموضوعية التي تم تقديمها خلال الجولة الثانية للاستعراض في 2013، حيث نتج عن ذلك بناء إطار قانوني ومؤسسي متين يحمي ويعزز حقوق الإنسان، ويجرّم انتهاكها، وينشر ثقافتها والتربية عليها. وقال: إن من شواهد الرعاية التي تحظى بها حقوق الإنسان في مجال القضاء صدور وتحديث عدد من التشريعات القضائية، من أبرزها: نظام الإجراءات الجزائية، ونظام المرافعات الشرعية، ونظام المرافعات أمام ديوان المظالم، وتعزيز استقلال النيابة العامة، وإسباغ الصفة القضائية على عملها، وإنشاء الهيئة السعودية للمحامين.

وفي مجال تقنين وتدوين الأحكام القضائية، أشار العيبان إلى صدور أمر ملكي في عام 2014 قضى بتكوين لجنة لإعداد مشروع مدونة الأحكام القضائية في الموضوعات الشرعية ذات العلاقة بالقضاء، كما تم إنشاء مركز التدريب العدلي الذي يهدف إلى رفع كفاءة وتأهيل القضاة وأعوانهم. أما في مجال تعزيز العدالة الجنائية، فقد قامت النيابة بوضع كاميرات خاصة داخل مكاتب التحقيق، وأصدرت تعميماً لأعضائها بالتقيد بتضمين أوراق القضية ما يفيد تعريف المتهم بحقوقه، وتضمين قرارات الاتهام المفاهيم الواردة في اتفاقات حقوق الإنسان التي أصبحت المملكة طرفاً فيها، فيما قامت المديرية العامة للسجون بإنشاء إدارة لحقوق الإنسان، وتعزيز دور مكاتب الجهات الرقابية داخل السجون لتلقي شكاوى السجناء والموقوفين، وتشكيل لجنة لإعداد دليل مرجعي لتقصي وتوثيق جرائم التعذيب وتقديم المساعدة لضحاياه.

مكافحة الإرهاب والفساد أولوية قصوى

أكد رئيس هيئة حقوق الإنسان الدكتور بندر العيبان أن المملكة لم تألُ جهداً في مكافحة ما يقوض أو يهدد أو يكون سبباً في إهدار حقوق الإنسان، من السلوكيات الإجرامية التي يأتي في مقدمتها: التطرف، والإرهاب، والفساد، وأخذت على عاتقها بيان منافاة الإرهاب والتطرف والغلو لمقاصد ومبادئ الشريعة الإسلامية، وتجريم تلك الأفعال، حيث حقق رجال الأمن إنجازات كثيرة في التصدي لأعمال العنف والإرهاب، وإفشال الكثير من الخطط الآثمة، والعمليات الإرهابية مع التقيد بالاحترام الواجب لحقوق الإنسان، كما أطلق مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني عددا من المشاربع منها: مشروع (تبيان)، الذي يهدف إلى نشر قيم الوسطية والاعتدال والتسامح ونبذ التطرف بجميع أشكاله، كما تم إنشاء «مركز الحرب الفكرية» الذي يختص بمواجهة جذور التطرف والإرهاب.

وأثنى الدكتور العيبان على جهود المملكة الدولية والإقليمية في دعم مجالات حماية حقوق الإنسان، مشيرا إلى إنشاء المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف «اعتدال» في (2017)، الذي يُعنى برصد وتحليل الفكر المتطرف لمواجهته والوقاية منه، بالتعاون مع الدول والمنظمات ذوات العلاقة.

وكشف أن المملكة منحت قضية مكافحة الفساد أولوية قصوى، وذلك من خلال صدور أمر ملكي في (2017)، قضي بتشكيل لجنة عليا لمكافحة الفساد لحماية المال العام واجتثاث الفساد العائق للخطط التنموية، وتم إنشاء المركز الوطني «أداء» لقياس مؤشرات أداء الجهات الحكومية، وإصدار تقارير دورية عن مدى تحقيق الأهداف الإستراتيجية، وقياس رضا المستفيدين من الخدمات الحكومية.

تمكين المرأة وحماية حقوق الطفل

أكد العيبان أن مجال تعزيز وحماية حقوق المرأة وتمكينها يعد أكثر المجالات نصيباً من الإصلاح والتطوير خلال المدة التي يغطيها التقرير، ويؤكد ذلك كمية ونوعية التدابير المتخذة ونتائجها، ومن ذلك صدور أمر سامٍ في أبريل 2017 قضى بعدم مطالبة المرأة بالحصول على موافقة أي شخص عند تقديم الخدمات لها أو إنهاء الإجراءات الخاصة بها. وفي مجال القضاء على العنف ضد المرأة يمثل صدور نظام الحماية من الإيذاء ولائحته التنفيذية في (2013)، ضمانة أسهمت في مكافحة العنف ضد المرأة، لافتا إلى أن النظام يهدف إلى ضمان توفير الحماية من الإيذاء بمختلف أنواعه، وتعزيز حق المرأة في التنقل وحرية الحركة، فقد صدر أمر سام قضى باعتماد تطبيق أحكام نظام المرور على الذكور والإناث على حدٍ سواء، وتم إصدار رخص القيادة للنساء، وبدأت المرأة بممارسة حقها في قيادة السيارة فعلياً بتاريخ 24 يونيو 2018.

وأكد أمام مجلس حقوق الإنسان أن المملكة حققت تقدماً ملحوظاً في مجال احترام وحماية حقوق الطفل والوفاء بها، من خلال اتخاذ العديد من التدابير التي أسهمت في تعزيز الأطر القانونية والمؤسسية، ومن ذلك: صدور نظام حماية الطفل في (2014)، ونظام الأحداث الذي صدر في 2018، متضمناً جميع الإجراءات النظامية للتعامل مع الحدث.

مؤشرات إيجابية لاتساع مساحات التعبير عن الرأي

شدد الدكتور بندر العيبان على أن حرية الرأي والتعبير مكفولة بموجب أنظمة المملكة، ولا تخضع إلا للقيود المقررة بموجب القانون، والضرورية لاحترام حقوق الآخرين أو سمعتهم، ولحماية الأمن الوطني أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة، وألا تكون دعاية للحرب، والكراهية القومية أو العنصرية أو الدينية، وألا تشكل تحريضاً على التمييز أو العداوة أو العنف، مشيرا إلى أن إصدار العديد من الصحف الورقية والإلكترونية، وإنشاء هيئتين مستقلتين للإذاعة والتلفزيون، والإعلام المرئي والمسموع، وإنشاء العديد من القنوات التلفزيونية والمحطات الإذاعية بلغات متعددة، وتيسير استخدام وسائل التواصل الاجتماعي على اختلافها، يمثل مؤشرا يدل على اتساع مساحات التعبير عن الرأي والعناية بها.

وفي ما يخص الحادثة المؤسفة التي أدت إلى وفاة المواطن جمال خاشقجي، أكد العيبان أن المملكة تأسست على نهج مستمد من الشريعة الإسلامية، ترتكز أحكامه على إحقاق وإرساء دعائم وقيم العدالة ومعاييرها، حيث عبرت القيادة في المملكة عن ألمها لوفاة المواطن جمال خاشقجي، وأصدر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز توجيهاته بمباشرة النيابة إجراءات التحقيق في هذه القضية وفق الأنظمة المعمول بها تمهيداً للوصول إلى الحقائق كافة وتقديم جميع المتهمين للعدالة وإيقاع العقوبة على كل من يدان بهذه الجريمة وما تم من إجراءات لاستجلاء الحقيقة ومحاسبة المقصر كائنا من كان.