ديفيد غاردنر- صحيفة فايننشال تايمز-
كيف سيترك قتل "خاشقجي" أثره على خلافة الملك بالسعودية؟
قدم محرر الشؤون الدولية بصحيفة فايننشال تايمز "ديفيد غاردنر" مقاربة إجابة على هذا السؤال في مقال نشره، الثلاثاء، مؤكدا أن إعلان المملكة التحقيق في اغتيال الكاتب الصحفي البارز لم يكن سوى محاولة لوقف أي رد دولي وحماية ولي العهد "محمد بن سلمان" من اتهامه بالتورط في الجريمة.
ولفت الكاتب إلى أن العاهل السعودي الملك "سلمان بن عبدالعزيز آل سعود"، البالغ من العمر 82 عاما، هو مفتاح الإجابة، فرغم ابتعاده عن قيادة الشؤون اليومية في بلاده، وتفويضه القرارات لابنه (ولي العهد)، إلا أنه قام في بعض الأحيان بالتدخل وصحح المسار.
وضرب "غاردنر" مثالين لهكذا تدخل هذا العام، الأول عندما علق خطط "بن سلمان" لبيع حصص من شركة النفط السعودية العملاقة (أرامكو) وطرح أسهمها في السوق المالية، والثاني عندما أكد دعم العرب للدولة الفلسطينية، وعاصمتها القدس الشرقية، بعدما أعطى ولي العهد انطباعا لـ(إسرائيل) والولايات المتحدة بأن السعودية لا مشكلة لديها مع الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال ونقل السفارة الأمريكية إليها.
وفي هذا الإطار، أكد الكاتب أن الملك "سلمان" علم بخطة بيع "أرامكو" والموقف من القدس من خلال رد الفعل الدولي، وليس النقاشات الداخلية بالمملكة، وهو ما جرى أيضا في قضية "خاشقجي" التي باتت ترتبط بمسألة وراثة الملك ومستقبل آل سعود.
توزيع السلطة:
وأشار "غاردنر" إلى أن الإجراء الواضح لتدخل الملك "سلمان" في أزمة "خاشقجي" هو إعادة دور العائلة السعودية المالكة في الحكم، وتأكيد الإجماع في اتخاذ القرار، وتوزيع السلطة التي ستبقى حتى بعد رحيل الملك.
لكن الكاتب أكد أن هكذا تدخل سيكون صعبا بعد انقلابات القصر العام الماضي، التي صممت لسحق منافسي "بن سلمان"، الذي ساوى بين النقاش حول مستقبل المملكة وبين الخروج عليه، وهو الخروج الذي شاهد الجميع نتائجه بما جرى لـ"خاشقجي".
أما فيما يتعلق بـ"بن سلمان" نفسه، فتوقع الكاتب أن "يخلف والده عاجلا وليس آجلا، وقد تمزقت مصداقيته كمصلح بسبب جريمة قتل لا تشبه الجرائم الأخرى في وقاحتها ووحشيتها"، لافتا إلى أنه قد يعتمد في ذلك على الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب".
خطاب تكتيكي
ومع أن "ترامب" هدد السعودية بعقوبات خطيرة، إلا أن "غاردنر" أشار إلى أنه يوائم خطابه مع الكونغرس "تكتيكيا" بهدف تخفيف مواقفه الحادة بعد اغتيال "خاشقجي".
وفي الإطار ذاته، نوه المقال إلى أن إدارة "ترامب" تقوم بعملية إخراج نهاية لحرب "بن سلمان" العبثية في اليمن، وفي حال تجاهل السعودية لذلك فقد يصوت الكونغرس على تعليق مبيعات السلاح لها.
وذكر "غاردنر" أن ضغوط الكونغرس قد تدفع إدارة "ترامب" أيضا إلى دفع السعودية باتجاه إنهاء الحصار المفروض على قطر.
ووصف الكاتب إصرار "ترامب" على اعتبار السعودية حجز الزاوية لسياسة الولايات المتحدة بالشرق الأوسط بأنه "مبتذل"، مشيرا إلى أن المملكة لا تمثل ثقلا موازيا لإيران عسكريا أو أيدولوجيا كما يزعم الرئيس الأمريكي.
وأشار إلى أن تصرفات السعوديين المارقة صرفت التركيز على مغامرة إيران الإقليمية وخففت من زخم إعادة فرض "ترامب" نفسه للعقوبات عليها (..) ما جعل النخبة الإيرانية تبدو فرحة بالفضيحة الضخمة التي سببها اغتيال "خاشقجي".