ملفات » قضية جمال خاشقجي

دماء خاشقجي تعيد الأمراء المغيبين.. ما سر ظهورهم الآن؟

في 2018/11/09

الخليج أونلاين-

أظهرت المؤشرات مؤخراً استعداد بعض الأمراء السعوديين للتلاحم في كنف الأسرة المالكة؛ معبرين عن اتحادهم، عقب تورط السعودية باغتيال الكاتب جمال خاشقجي.

وبعد المطالبات الدولية والضغط الكبير على المملكة، للكشف عمن أمر بقتل خاشقجي، باتت المملكة في عنق الزجاجة، مُحاولة الخلاص من المأزق الذي وضعت فيه.

وما أزّم الأوضاع في السعودية أكثر تورط ولي العهد محمد بن سلمان، باغتيال خاشقجي، بعد ما تبين أن الفريق الذي نفذ العملية كان مقرباً منه.

وفجرت الأزمة الأخيرة أزمات أخرى؛ منها مطالبات دولية بمحاكمة الجناة، ووقف الظلم وانتهاك حقوق الإنسان الذي تمارسه السعودية داخلياً وخارجياً، سواء ضمن حملات الاعتقال التي طالت أمراء سعوديين ومعارضين، أو في الحرب اليمنية التي أودت بحياة آلاف المدنيين.

وتبحث العائلة المالكة المُنزوية التي تخلَّى عنها شركاؤها التجاريون وشلَّتها الإدانة العالمية اللاذعة، عن وسيلةٍ تَحفظ ماء الوجه لتُخرِجها من أسوأ أزمةٍ سياسيةٍ تمرّ بها المملكة منذ هجمات 11 سبتمبر في أمريكا، التي كان أغلب مرتكبيها مواطنين سعوديين، وفق ما بينت صحيفة "ذا تايمز" البريطانية.

وعقب هذه الأزمات المتلاحقة، عاد إلى الواجهة 3 أمراء سعوديين، لم يكن من المحتمل ظهورهم في أكناف العائلة المالكة من جديد، فمنهم من كان معارضاً، وآخر عبّر عن رأيه فاختفى، وثالث لم يعرف أثره مدة طويلة دون معرفة السبب.

وفتحت قضية خاشقجي ودماؤه التي أسيلت الباب أمام عودة الأمراء السعوديين، دون معرفة الأسباب الحقيقية لهذه العودة المُفاجئة.

وقبل أيام، توقع المغرد السعودي الشهير "مجتهد" أن يُقدم بن سلمان على إطلاق سراح معتقلين قريباً، من أطياف مختلفة، كخطوة لتخفيف التوتر الناتج من حادثة اغتيال خاشقجي، داخل القنصلية السعودية في إسطنبول، بالثاني من الشهر الماضي.

- تحرير أمراء وعودة آخر

وأطلقت السلطات السعودية، الثلاثاء (7 نوفمبر)، سراح الأمير عبد العزيز بن فهد، بعد اختفاء دام قرابة 14 شهراً.

وعقب صعود بن سلمان إلى الحكم، شن حملة اعتقالات ضد أمراء ورجال أعمال ووزراء سعوديين، في أكتوبر 2017، بحجّة "مكافحة الفساد".

ونشر الأمير السعودي نواف بن فيصل مقطع فيديو ومجموعة من الصور لعمه الأمير عبد العزيز بن فهد، وقال إنه التقط بنفسه هذه الصور الحديثة والعائلية.

كما نشر مقطع فيديو للأمير عبد العزيز وهو يلاعب ابنتيه الجوهرة ولطيفة.

ومنذ سبتمبر 2017، اختفت أخبار الأمير عبد العزيز بن فهد، بعد كتابة تغريدة أثارت حالة من الجدل قال فيها: "الحمد لله الذي تفضل علينا بالحج، بروح بودع عمي سلمان وأسافر إن شاء الله.. إن ما سافرت فاعلموا أني قتلت".

وسريعاً، نشر حساب بن فهد تغريدة لاحقة، يحمد الله فيها على استرجاع حسابه من "القرصنة"، ثم اختفى الرجل من وقتها، لينتشر خبر آخر عن وضع نجل الملك السعودي الراحل قيد الإقامة الجبرية.

وظلت التساؤلات قائمة حتى كشف حساب "مجتهد" أن بن فهد اعتقل من قصره في جدة على يد قوة تابعة لولي العهد.

وكان الأمير السعودي قد هاجم ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد متهماً إياه بالخيانة ومحاربة الله بنشر الفتن والمشاركة في قتل المسلمين، داعياً بن زايد للتوبة والعودة إلى الله، وطالبه بالمكوث في الإمارات وعدم السعي لقتل المسلمين.

ولم يتضح بعد إن كان توصل إلى تسوية مع الدولة شأن باقي المحتجزين الذين جرى إطلاق سراحهم تباعاً أم أن حركته لا تزال مقيدة، وفق ما بينت وكالة "رويترز".

كما أفرجت السلطات السعودية، مساء الجمعة (2 نوفمبر)، عن الأمير خالد بن طلال بن عبد العزيز آل سعود، وذلك بعد أشهر من الاعتقال لأسباب لم تعلن عنها الرياض من قبل.

ونشرت الأميرة ريم، ابنة رجل الأعمال السعودي الأمير الوليد بن طلال، مجموعة صور لعمّها الأمير خالد، خلال زيارته لابنه الوليد، الشهير بـ"الأمير النائم".

والأمير خالد بن طلال هو الابن الثالث للأمير طلال، شقيق العاهل السعودي، وهو كذلك شقيق رجل الأعمال الشهير الأمير الوليد، وعضو من أعضاء هيئة البيعة.

ووالدة الشقيقين الأميرين الوليد وخالد بن طلال هي الأميرة منى الصلح، ابنة الزعيم اللبناني رياض الصلح، أول رئيس لمجلس وزراء لبنان بعد الاستقلال.

من جهة أخرى، عاد الأمير السعودي المعارض أحمد بن عبد العزيز إلى العاصمة الرياض بعد عام من الغياب، وسط حفاوة بالاستقبال من قبل بن سلمان، وتعهدات دولية من أمريكا وبريطانيا بعدم التعرض له.

وقالت صحيفة "نيويورك تايمز"، إن الأمير أحمد بن عبد العزيز عاد إلى السعودية، الثلاثاء (30 أكتوبر)، واستقبله ولي العهد بحرارة في المطار، وفق ما صرح ثلاثة سعوديين مقربين من العائلة الحاكمة.

ومكث الأمير "أحمد"، الشقيق الأصغر للملك سلمان، في العاصمة لندن، عقب تصريح له انتقد فيه ولي العهد والعاهل السعودي بسبب حرب اليمن، كما أنه عارض بن سلمان ورفض، عام 2017، عندما كان أحد أعضاء مجلس البيعة، تعيينه ولياً للعهد، ولم يبايعه.

- حشد دفاع عن العائلة

وعقب هذه العودة المفاجئة، أكد أمير سعودي أن بن سلمان لن يكون حاضراً في المشهد السياسي السعودي في الأيام القادمة، كاشفاً عن وجود معلومات تفيد بتنصيب الأمير المعارض أحمد ملكاً خلال المرحلة القادمة.

ونقلت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية، الجمعة (2 نوفمبر)، عن مصادر مقربة من العائلة المالكة في السعودية، أن الأمير أحمد الذي عاد إلى السعودية بضمانات أمريكية وأوروبية، اجتمع مع إخوته أبناء الملك المؤسس؛ الأمير طلال والأمير مقرن، بمنزل العائلة، لمناقشة ما تمر به المملكة في ظل حكم بن سلمان.

ورأى دبلوماسيون أن الأسرة الحاكمة في السعودية "تحشد دفاعاتها"، لكن لا توجد بوادر على أن العاهل السعودي الملك سلمان يفكر في صعود أمير آخر ليحل محل نجله محمد أو ليوازن السلطة معه بوصفه نائباً لولي العهد، بحسب ما نشرت وكالة "رويترز"، الخميس (8 نوفمبر).

وقالت الوكالة نقلاً عمن وصفته بدبلوماسي عربي كبير أن "بن سلمان لن يذهب إلى أي مكان. الأسرة تلتقي وستتوحد بقوة خلفه، لا سبيل للتراجع عن ذلك".

ومهّد الملك سلمان طريق العرش لنجله بتحييد منافسيه المحتملين من العام الماضي.

وأضاف الدبلوماسي أن قرار العاهل السعودي بتولي الأمير محمد مسؤولية إعادة هيكلة جهاز المخابرات، يشير إلى أن ولي العهد لا يزال "من غير الممكن المساس به".