وكالات-
أكّدت مصادر أمريكية أن حصار عدد من الدول الخليجية لقطر، والخلافات العربية، يقلّل من فرص نجاح خطة الناتو العربي، ويُعدّ سبباً لتصدّعه، مشيرة إلى أن الإدارة الأمريكية منزعجة من هذا الحصار من قبل السعودية والإمارات.
وقالت تلك المصادر لوكالة "رويترز"، اليوم الخميس: إن "الخلافات بين الحلفاء العرب، خاصة المقاطعة السياسية والاقتصادية لقطر التي تقودها السعودية، أعاقت تأسيس التحالف منذ اقترحته الرياض، العام الماضي".
وأضافت: "الإدارة دعت إلى ضرورة حل الأزمة الخليجية لما لها من تأثير سلبي يصبّ في مصلحة إيران وروسيا والصين".
وحصلت "رويترز" على وثيقة تؤكد أن الرئيس الأمريكي ترامب حذر "قادة السعودية وأعضاء مجلس التعاون الخليجي ومصر من أن الوضع الراهن لا يمكن القبول به، وأن الولايات المتحدة لن تواصل الاستثمار في الأمن في الشرق الأوسط إذا لم يحلّوا نزاعاتهم".
وبحسب وثيقة الأهداف الاستراتيجية لهذا التحالف والمعنونة: "نظرة عامة على مفهوم التحالف الاستراتيجي للشرق الأوسط"، فإنها تدعو لسلسلة من التدابير القصيرة والمتوسطة الأجل التي تتطلّب القليل من الالتزامات الأمريكية في المنطقة.
وبحسب الوثيقة فإن الهدف الطويل الأجل سيكون بناء تحالف رسمي ومعاهدة تجارة حرة متعدّدة الأطراف يتم التفاوض بشأنها على مدى 5 إلى 7 سنوات.
وبيّنت الوثيقة إمكانية أن يشمل الاتفاق في نهاية المطاف العراق ولبنان ودولاً أخرى، وإقامة علاقات رسمية مع "إسرائيل"، واختيار حلفاء أوروبيين وآسيويين.
وقلّلت الوثيقة من احتمالية التزام الشركاء الإقليميين بتلك الاتفاقية بشكل كامل.
وأكّدت المصادر أن مقتل الصحفي السعودي، جمال خاشقجي، يزيد الأمر تعقيداً، ويزيد الغضب الدولي ضد ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، إذ يتهم المسؤولون الأتراك وبعض أعضاء الكونغرس الأمريكي الحاكمَ الفعليَّ للمملكة بإصدار أمر القتل.
ويهدف الناتو العربي" ميسا" إلى إلزام الدول العربية؛ السعودية والإمارات والكويت وقطر وسلطنة عُمان والبحرين ومصر والأردن، باتفاق أمني وسياسي واقتصادي تقوده واشنطن لمواجهة إيران.
وكان مقرراً أن يُعقد اجتماع قمة في الولايات المتحدة، حيث يوقّع ترامب والزعماء العرب على اتفاق أوّلي حول التحالف، في يناير المقبل، لكن ثلاثة مصادر أمريكية ودبلوماسياً خليجياً أكّدوا أن الاجتماع غير مؤكّد، وتم تأجيله عدة مرات.
وتساءلت المصادر: "كيف يمكن للأمريكيين دعوة ولي العهد السعودي بن سلمان للقمة المرتقبة دون أن يتسبّب ذلك بمشاكل وغضب واسع النطاق؟".
ونفى مسؤول كبير في إدارة ترامب، الثلاثاء، أن يكون مقتل خاشقجي قد عقّد خطط إنشاء التحالف "ميسا"، قائلاً إن الأمر أكبر بكثير من دولة واحدة وقضية.
وكانت جميع الأدلة التركية تؤكّد تورّط رأس الهرم في السعودية وتحميله مسؤولية قتل خاشقجي.
ونقلت وكالة "رويترز" عن روبرت مالي، كبير مستشاري الرئيس السابق، باراك أوباما، الذي يترأس حالياً مجموعة الأزمات الدولية، قوله: إنه "سيكون من الصعب على الدول المشاركة باجتماع التحالف في قمة يناير؛ بالنظر لما حدث لخاشقجي".
وتابع: "لست متأكّداً من وجود رغبة في المجيء للولايات المتحدة في هذا الوقت".
من جهته قال الجنرال البحري المتقاعد أنطونيو زيني، كبير مفاوضي إدارة ترامب: إن "مبادرة الناتو العربي تمضي قدماً، لكن تأثير مقتل خاشقجي غير واضح".
وأضاف: "أنا لا أعرف حتى الآن كيف سيؤثّر هذا في العملية، في انتظار التحقيقات والقرارات النهائية، وربما الطب الشرعي إذا عُثر على الجثة قبل المضيّ في الطريق إلى الأمام".
ورفض أعضاء تحالف "الناتو العربي" الإجابة على طلبات "رويترز" بشأن القضية ومدى التزامهم بمتابعة هذا المشروع.
وقالت "رويترز": إنه "حتى قبل مقتل خاشقجي كان الطريق لتشكيل ناتو عربي يبدو معقداً؛ حيث وجدت وثائق سرية في البيت الأبيض أن الإدارة الأمريكية كانت تصارع من أجل التغلّب على الخلافات الإقليمية بين الدول الأعضاء، ودفعهم من أجل تشكيل التحالف لمواجهة خطر إيران، والحد من النفوذ الصيني والروسي في المنطقة".
وكتب مستشار الأمن القومي، جون بولتون، إلى وزير الخارجية يقول: إن "حلفاءنا الإقليميين يتنافسون بشكل متزايد، وفي حالة حصار قطر فإنهم يدخلون في منافسة صريحة على حساب المصالح الأمريكية ولمصلحة إيران وروسيا والصين".
وكان بولتون يرد على مذكّرة مرفوعة من قبل وزير الخارجية، مايك بومبيو، ووزير الدفاع جيمس ماتيس، مؤرّخة بـ29 يونيو الماضي، حول "ميسا"، قائلاً": "نحتاج إلى تغيير حسابات شركائنا الاستراتيجية".
وتنقل الوكالة عن 3 مسؤولين أمريكيين، اشترطوا عدم ذكر أسمائهم، قولهم: إن "هناك جدلاً داخل الإدارة الأمريكية حول ما إذا كان بإمكان واشنطن إقناع الحلفاء العرب بتنحية خلافاتهم جانباً، خاصة مع بروز بولتون كمؤيّد للناتو العربي".
وأكّد مسؤول أمريكي رابع أن الأهداف العربية للناتو العربي تُتداول على نطاق واسع داخل الإدارة، لكن هناك مناقشات جدّية حول أفضل السبل للتوصّل إلى هذا التحالف.
وتشمل هذه الإجراءات تطوير مراكز عمليّاتية إقليمية تهدف إلى الدمج القوي في مجالات مثل الدفاع الصاروخي والحرب الأرضية وغيرها.