صحيفة "نيويورك تايمز"- ترجمة منال حميد -
كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" عن مناقشة مقربين من ولي العهد السعودي خططاً لاغتيال من سمَّتهم "أعداء السعودية"، وذلك خلال اجتماعات عقدوها في الولايات المتحدة الأمريكية مع كل من جورج نادر، رجل الأعمال الأمريكي من أصل لبناني ومستشار ولي عهد أبوظبي محمد بن زايد؛ ومع جويل زاميل، وهو إسرائيلي له صلات عميقة بوكالات الاستخبارات والأمن في بلده.
وقالت الصحيفة الأمريكية إن هذه المناقشات جرت قبل أكثر من عام من حادثة مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي داخل مبنى قنصلية بلاده في إسطنبول، وعندما كان محمد بن سلمان لا يزال ولياً لولي العهد ووزيراً للدفاع.
وتابعت الصحيفة نقلاً عن مصادر لم تسمها، أن كبار مسؤولي الاستخبارات السعودية وبعض المقربين من محمد بن سلمان ناقشوا إمكانية استخدام شركات خاصة لاغتيال أعداء السعودية من الإيرانيين، بحسب ثلاثة مصادر كانت على دراية بالنقاشات التي جرت.
واستناداً إلى المصادر ذاتها، فإن المجموعة الصغيرة المقربة من بن سلمان ناقشت تلك الخطط منذ بداية صعوده، حيث كانت هناك توجيهات بتصعيد العمليات الاستخباراتية والعسكرية، في إطار مسعى بن سلمان لتعزيز سلطته.
وكانت السلطات السعودية قد ألقت باللائمة في قضية اغتيال خاشقجي على نائب رئيس الاستخبارات السعودي، اللواء أحمد عسيري، الذي عقد في مارس من عام 2017 اجتماعاً بالرياض مع نادر وزاميل، ناقش فيه معهما خططاً لتخريب الاقتصاد الإيراني، من خلال استخدام عملاء استخباراتيين، مقدِّراً أن تلك العمليات بحاجة إلى تمويل يصل إلى ملياري دولار أمريكي.
وخلال تلك النقاشات، استفسر كبار مساعدي عسيري عن إمكانية أن تشمل الخطة اغتيال الجنرال الإيراني قاسم سليماني، قائد فيلق القدس التابع لـ"الحرس الثوري".
بعد ذلك، انتقلت الاجتماعات إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وتحديداً مع نادر وزاميل، اللذين سبق أن وضعا خطة لتخريب الاقتصاد الإيراني، وكان ذلك في عام 2016. ولأنهما لم يكونا على ثقة بفوز دونالد ترامب في الانتخابات، فإنهما عرضا الخطة على الإمارات والسعودية.
وتشير الصحيفة إلى أن نادر وزاميل ترددا في الموافقة على المقترح السعودي، وطلبا أن يشاورا محاميهما، حيث رفض المحامون تلك العمليات، فقالا للسعوديين إنهما لن يشاركا في أي عمليات اغتيال. وأرشد نادر، السعوديين إلى شركة مقرها في لندن، تديرها قوات بريطانية خاصة سابقة، يمكنها أن تقبل مثل هذا العرض، ولكن لم يُعرف اسم الشركة.
وقبل أن تتم الإطاحة به عقب مقتل خاشقجي، كان عسيري أحد أهم مساعدي محمد بن سلمان، وخاصة بعد صعوده لمنصب وزير الدفاع ثم ولاية العهد. وفي عام 2016، أصبح عسيري المتحدث العام باسم الحملة السعودية في اليمن، وسافر كثيراً إلى واشنطن، وحضر اجتماعات جماعة الضغط التي تدفع لها السعودية الأموال، وكثيراً ما أعطى تقييمات متفائلة بخصوص الحملة العسكرية في اليمن، مشيداً بحرص السعوديين على عدم إيقاع أي خسائر في صفوف المدنيين.
غير أن الحملة التي أشرف عليها عسيري باليمن، وتحديداً في عام 2017، دخلت في مأزق عسكري، وتحولت إلى كارثة إنسانية، غير أن راعيه، محمد بن سلمان، عزز من سلطاته وقام بترقيته ليكون نائباً لرئيس جهاز الاستخبارات.
وتتحدث الصحيفة عن الاجتماع الذي ضم عسيري وزاميل ونادر بأحد الطوابق العلوية في فندق ماندارين أورينتال بنيويورك في عام 2017، وفيه عُرضت الخطة المتعلقة بتخريب الاقتصاد الإيراني، مشيرة إلى أن السعوديين كانوا مهتمين بالفكرة، لكنهم قالوا أيضاً إنها "استفزازية جداً"، ويحتمل أن تسهم في زعزعة الاستقرار، وأكدوا أهمية أن تحصل على موافقة إدارة ترامب قبل أن تدفع السعودية الثمن.
وبعد وصول ترامب للبيت الأبيض، التقى نادر الكثيرَ من مسؤولي البيت الأبيض، لمناقشة خطة التخريب الاقتصادي.
وبحسب أحد السعوديين الموالين للأمير محمد بن سلمان، وهو على دراية بتفاصيل مقتل خاشقجي، فإن اهتمام الجنرال عسيري بالاغتيالات لم يكن مفاجئاً، لكنه غير ممثل للسياسة الرسمية للبلاد.
وقال المصدر السعودي إن التحقيق في قضية اغتيال خاشقجي أظهر أن عسيري سعى لإقناع ولي العهد بمخططاته، وهو غير مصرح له بتنفيذ مثل هذه العمليات السوداء دون الحصول على موافقة مباشرة.
لكن من يعرف طبيعة العلاقة بين عسيري وبن سلمان، يجعل من الصعب الفصل بينهما، كما تقول الصحيفة الأمريكية؛ فلقد سبق أن انضم الأول إلى اجتماعات عقدها الأمير محمد بن سلمان مع مسؤولين أمريكيين في الرياض، ومن ثم فإن من الصعب إقناع الاستخبارات الغربية بأن بن سلمان لا يعرف بعملية قتل خاشقجي.
وتشير الصحيفة إلى أنه وفي عام 2017، وعقب اجتماع للسيد نادر مع ولي العهد السعودي، وصف نادر اللقاءَ بأنه كان رائعاً، مشيراً إلى أن ولي العهد نصحه بمراجعة خططه مع الجنرال أحمد عسيري.