ملفات » قضية جمال خاشقجي

المعاقبون أمريكيا باغتيال خاشقجي.. من هم وما دورهم؟

في 2018/11/16

الخليج الجديد-

بـ17 سعوديا، افتتحت الولايات المتحدة عقوباتها للمتهمين بالتورط في اغتيال الكاتب الصحفي "جمال خاشقجي"، داخل قنصلية المملكة، بمدينة إسطنبول التركية، الشهر الماضي.

ويأتي إعلان الوزارة في إطار تطبيق "قانون ماغنيتسكي"، الذي يقر فرض عقوبات على المتهمين بانتهاك حقوق الإنسان حول العالم.

تأتي هذه العقوبات من إدارة الرئيس "دونالد ترامب"، في ظل دعوات من مشرعين أمريكيين في مجلس الشيوخ والنواب، لمعاقبة السعودية، بشأن اغتيال "خاشقجي".

سعود القحطاني

أبرز المتهمين، في هذه القضية، والذي جاء على رأس القائمة، هو المستشار السابق بالديوان الملكي السعودي "سعود القحطاني"، والذي دخل المشهد السياسي من بوابة ولي العهد "محمد بن سلمان"، حيث عمل معه مستشارا، ويوصف بأنه يده وعقله وسمعه وبصره.

وبمجرد اعتراف السعودية بمقتل "خاشجي"، في 20 أكتوبر/تشرين الثاني الماضي، أقيل "القحطاني" من جميع مناصبه، قبل أن يحال للتحقيق في القضية.

ومن خلال تسريبات لوسائل إعلام غربية، وجهت أصابع الاتهام بشكل صريح إلى "القحطاني" باعتباره قاد فريق الاغتيال المكلف بالجريمة، لافتة إلى أن نائب رئيس الاستخبارات "أحمد عسيري"، المقرب أيضًا من ولي العهد، جمَع فريق الاغتيال، بناءً على أمر تلقاه من "القحطاني".

وأوضحوا أن "القحطاني"، كان صاحب قرار الموافقة على السماح لفريق الاغتيال باستخدام الطائرات التابعة لمكتب "بن سلمان"، من أجل الذهاب إلى إسطنبول.

وتكملة للرواية، فإن "القحطاني" كان يريد أن يضمن عودة "خاشقجي" إلى السعودية عبر بعض الوعود، وبعث له رسالة مفادها أن "ولي العهد يُقدّر عملكم في التحرير الصحفي ويرغب في رؤيتكم مجددا بالمملكة".

إلا أنه عندما امتنع "خاشقجي" عن العودة، فرضت الحكومة السعودية حظر السفر على نجله "صالح"، ثم بدأ التخطيط للجريمة في القنصلية السعودية بإسطنبول.

وسبق أن نقلت "رويترز"، عن مصادر استخباراتية تركية أن "القحطاني" ضالع في جريمة اغتيال "خاشقجي"، وأنه وجّه شتائم إلى الكاتب الصحفي السعودي عبر برنامج "سكايب"، خلال عملية الاغتيال، فرد عليها الأخير بمثلها، وعندها طالب "القحطاني" بـ"إحضار رأس الكلب"، في إشارة إلى تنفيذ عملية الاغتيال.

محمد العتيبي

ثاني أبرز المسؤولين السعوديين الذين تم توقيع عليهم عقوبات أمريكية، كان القنصل السعودي بإسطنبول "محمد العتيبي"، الذي شارك في الجريمة متسترا عليها.

وعلى الرغم من عدم بروز دور فعلي لـ"العتيبي"، خلال عملية الاغتيال، إلا أنه تستر على الجريمة، وهو من استدرج "خاشقجي" لمقر القنصلية، واستقبله داخلها، قبل أن تهاجمه كتيبة الاغتيال.

وتشير تقارير إلى أن الأتراك بحوزتهم أدلة على أن عملية قتل "خاشقجي" قد تمت أمامه وداخل مكتبه، بل إن عملية تذويب جثة "خاشقجي"، قد تمت داخل منزل "العتيبي"، القريب من مقر القنصلية.

كما أن القنصل السعودي، شارك في العملية بالتآمر، عندما صرف الموظفين الأتراك بالقنصلية، قبل دقائق من دخول "خاشقجي"، ومنحهم إجازة بقية يوم الجريمة.

لم يقف دور "العتيبي"، على ذلك فحسب، بل روج كذبا أن "خاشقجي"، خرج من القنصلية، بعد انتهاء معاملته، بل واستضاف وكالة "رويترز"، وخاول الترويج من خلالها أن "خاشقجي" ليس موجودا بالقنصلية، عبر فتح أدراج مكتبه، وخزانات القنصلية، للترويج بعدم وجود الصحفي السعودي، داخل القنصلية.

وغادر "العتيبي"، تركيا بشكل مفاجئ، بعد أيام مكث فيها داخل منزله، دون الذهاب إلى القنصلية، وذلك قبل يوم واحد من تفتيش منزله بواسطة فريق التحقيق التركي.

وبعد ذلك، انتقده الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان"، ووصفه بـ"المتهور".

ماهر مطرب

العقيد السابق بالمخابرات السعودية "ماهر مطرب"، هو ثالث الشخصيات البارزة التي تم توقيع عقوبات أمريكية عليها، وذلك، باعتباره قائدا لفريق الـ15، الذي سافر إلى إسطنبول، لتنفيذ عملية الاغتيال.

و"مطرب"، تم اختياره للمهمة، باعتبار معرفته المسبقة بـ"خاشقجي"، كونه عمل لمدة عامين في سفارة بلده بلندن، حيث سافر إلى إسطنبول ضمن الفوج الأول من فريق الاغتيال، وكانت مهمته هي التحقيق مع "خاشقجي".

ونشرت وسائل إعلام صورا ملتقطة عبر كاميرا مراقبة كشفت تحركات "مطرب" أثناء دخوله القنصلية وخروجه منها.

كما ظهر أمام منزل القنصل في أول أيام اختفاء "خاشقجي"، بجانب ظهوره في مطار "أتاتورك" خلال مغادرته تركيا.

ويعتقد أن "مطرب" تجسس إلكترونيا على "خاشقجي" في الفترة التي سبقت اغتياله.

وقالت وسائل إعلام، منها صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية، إن "مطرب" مقرب من ولي العهد، ودللت على ذلك بظهوره في صور برفقة "بن سلمان" خلال زيارته واشنطن في مارس/آذار الماضي، ومدريد وباريس في أبريل/نسيان الماضي.

وحسب ما نقلته شبكة "سي إن إن" الإخبارية الأمريكية عن مصدر سعودي مطلع (لم تكشف اسمه) فإن "مطرب" يرتبط بشكل وثيق بولي العهد السعودي، وانتدب إلى لواء حماية النخبة داخل الحرس الملكي ليخدم في قوة الأمن الشخصي لولي العهد.

وذهبت وسائل إعلام إلى أنه أجرى 19 اتصالا مع السعودية يوم مقتل "خاشقجي"، منها 4 مع مكتب سكرتير "بن سلمان"، في تلميح إلى أن ولي العهد كان على علم بالعملية.

أبرز هذه الاتصالات، كشفت عنها صحيفة "نيويورك تايمز"، حين قالت إن "مطرب"، اتصل من إسطنبول، بمساعد لوليّ العهد السعودي، طالبا منه إبلاغ رئيسه بأن المهمة أنجزت.

وتزيد بأن "مطرب" هو "منسق عملية الاغتيال"، وأنه من استأجر الطائرتين اللتين حملتا الضالعين في الجريمة.

فيما ذكر موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، أنّ جزءا من جثة "خاشقجي"، قد يكون نقل إلى الرياض بواسطة "مطرب".

صلاح الطبيقي

أبرز الأسماء الأخرى، التي شاركت في عملية الاغتيال، وكان لها الدور البارز، هو أستاذ الطب الشرعي، ورئيس المجلس العلمي للطب الشرعي في المملكة "صلاح الطبيقي"، وهو الذي يترأس قسم الأدلة الجنائية في إدارة الأمن العام السعودي، وهو ضابط برتبة مقدم.

لم يكن الرجل، المولود في مدينة جازان السعودية، اسما معروفا خارج المملكة، قبل أن يصبح حديث الإعلام، عقب إقرار السعودية بمقتل "خاشقجي".

واختير "الطبيقي"، للمهمة باعتباره خبيرا في الطب الشرعي والتشريح، حيث أنه صاحب فكرة إنشاء "عيادات متنقلة"، هي الأولى من نوعها على مستوى العالم، وتحتوي على تقنية حديثة يمكنها تشريح الجثث افتراضيا، وإصدار النتائج في مدة زمنية لا تتجاوز 7 دقائق.

ووفقا لتقارير صحفية، وصل "طبيقي" إلى مطار أتاتورك يوم اختفاء "خاشقجي"، وقالت وسائل إعلام تركية إنه كان يحمل معه "منشار عظام"، لدى دخوله القنصلية السعودية في إسطنبول.

المصادر التركية القريبة من التحقيقات، نقلت أن تسجيلات بحوزة أنقرة تثبت أن "الطبيقي" هو من قطع جثة "خاشقجي" بعد قتله، دون تحقيق.

وأفادت المصادر بأن مدير الطب الشرعي السعودي، طلب من زملائه الاستماع للموسيقى أثناء تقطيع جثة "خاشقجي" التي استغرقت دقائق، وتمت بمنشار عظم، لافتة إلى أنه كان أسرع من زملائه الذين كانت مهمتهم تكييس الجثة.

وكشفت صور كاميرات المراقبة أن "الطبيقي" أقام في أحد فنادق تركيا، ثم غادرها على طائرة خاصة، كانت قد أقلته قبل 9 ساعات إلى إسطنبول.

كما أن "الطبيقي"، المتهم بتذويب جثة "خاشقجي" بعد تقطيعها، في مادة "الأسيد".

فريق الاغتيال

كما شملت العقوبات "منصور عثمان أباحسين"، و"نايف حسن العريفي"، و"فهد شبيب البلوي"، و"مشعل سعد البستاني"، و"ذعار غالب الحربي"، و"عبدالعزيز محمد الهوساوي"، و"مصطفى محمد المدني" (الذي كشفت الصور ارتداءه ملابس "خاشقجي" وخروجه من القنصلية في محاولة للترويج بخروج الكاتب السعودي عقب إتمام معاملته).

وضمت القائمة أيضا، "بدر لافي العتيبي"، و"خالد عائض العتيبي" (أو خالد عائض الطيبي)،  و"سيف سعد القحطاني"، و"تركي مشرف الشهري"، و"وليد عبدالله الشهري".

وهذه الأسماء الواردة بقائمة العقوبات، كانت موجودة على قائمة فريق اغتيال "خاشقجي" التي تناقلتها وسائل الإعلام منذ الشهر الماضي، وأغلبهم ضباط ومسؤولون أمنيون سعوديون، شاركوا في قتل "خاشقجي"، وتقطيع وتذويب جثته.

استبعاد "عسيري"

وشهدت القائمة استثناء نائب رئيس الاستخبارات السعودية اللواء "أحمد عسيري"، من العقوبات، رغم اعتراف سابق من النيابة السعودية، أن "عسيري" أمر بإعادة "خاشقجي"، برضاه أو بالقوة، وهو ما يعني أنه أمر بجريمة اختطاف مواطن رغما عنه، وهو أمر يعد إرهابا دوليا.

وجاء هذا الاستبعاد، رغم الحديث المتصاعد، خلال الأيام الماضية، أن "عسيري" سيكون كبش فداء ومخرج للرياض وواشنطن من أزمة "خاشقجي" المتصاعدة.

وكان "عسيري" أول من أشار الإعلام الغربي بتورطه، وسربوا اسمه كمسؤول عن العملية.

وفي وقت سابق، الخميس، اعترفت النيابة السعوية بأن جثة "خاشقجي" تم تقطيعها بعد قتله، وأعلنت مطالبتها بإعدام 5 من السعوديين الموقوفين على ذمة القضية، من أصل 11 شخصا تم توجيه تهمة القتل لهم، من إجمالي 21 موقفا على ذمة القضية.

ولفتت النيابة إلى أن الواقعة بدأت يوم 29 سبتمبر/أيلول الماضي، بهدف استعادة "خاشقجي" للمملكة، ولكن قائد المهمة قرر قتله في حال فشل في إقناعه، قبل أن يقدم تقريرا كاذبا لرؤسائه بحقيقة ما حدث.

واستهجنت تركيا الرواية السعودية الجديدة، واعتبرتها "غير مرضية"، مؤكدة أن مقتل وتقطيع جثة "خاشقجي" مخطط له من السعودية، مشددة على أنها ستعمل مع المجتمع الدولي لكشف ملابسات الموضوع بكل تفاصيله.