ملفات » قضية جمال خاشقجي

الرياض تحشد الحلفاء بالداخل لمواجهة الضغوط الدولية بعد أزمة خاشقجي

في 2018/11/16

فيفيان نيريم - بلومبرغ-

مضى أكثر من عقد من الزمن على انتقال أي ملك سعودي إلى حائل، التي كانت في ما مضى موقعا في طريق الحج القديم إلى مكة.

وأظهر وصول الملك "سلمان" الأسبوع الماضي للمحافظة الشمالية، التي كان والده قد غزاها منذ قرن من الزمان، أهمية حشد الجبهة الداخلية مع تراجع الدعم الدولي للمملكة العربية السعودية.

وفي الوقت الذي يتصاعد فيه الغضب العالمي بشأن مقتل الصحفي "جمال خاشقجي"، مع مطالبة الولايات المتحدة للمملكة العربية السعودية بإنهاء حربها في اليمن، تحول الملك "سلمان" إلى الوسائل التقليدية لبناء الولاء المحلي.

واستقبل العاهل السعودي، البالغ من العمر 82 عاما، حشودا من المحبين، في أول جولة له في البلاد منذ توليه العرش عام 2015.

وأمر بإطلاق سراح السجناء المدينين، وكشف عن مشاريع بمليارات الدولارات في المناطق النائية التي شعرت في بعض الأحيان بالنسيان.

وتمثل هذه الإجراءات عودة إلى الطرق القديمة قبل صعود ولي العهد "محمد بن سلمان" الذي ربط سمعته بإصلاح الاقتصاد المعتمد على النفط وتخفيف القيود الاجتماعية. وأدت أفعال الأمير المتهورة مثل مقاطعة قطر، وحرب اليمن إلى وضعه في مركز الأزمة السياسية بشأن جريمة اغتيال "جمال خاشقجي".

وقالت الباحثة البارزة في معهد دول الخليج العربي في واشنطن "كريستين ديوان"، إن "الملك سلمان" يعود للأشكال التقليدية للشرعية، والملكية الراعية، والهيبة، لحشد الدعم لابنه.

مناسبة رمزية

وعلى أساس التقويم الهجري، كانت الزيارة إلى "حائل" توافق مرور مائة عام على غزو الملك المؤسس للمملكة العربية السعودية الحديثة، الملك "عبدالعزيز بن سعود"، المنطقة.

واليوم، فيما أعاد "بن سلمان" تشكيل المملكة التي بناها جده، فإنه يواجه تحديات مختلفة. وألمحت تركيا إلى أن ولي العهد كان وراء مقتل "خاشقجي"، الكاتب الصحفي في "واشنطن بوست"، بالقنصلية السعودية في إسطنبول، وهو اتهام نفته الحكومة السعودية بشدة.

ويتم الآن اختبار التحالفات الرئيسية. وقبل أيام من الجولة، قال الرئيس "دونالد ترامب"، الذي تردد في البداية في الضغط على حليفه السعودي على خلفية قضية "خاشقجي"، إن السعودية أساءت استخدام الأسلحة التي تزودها بها الولايات المتحدة في حملة القصف التي قادتها قوات التحالف بقيادة السعودية في اليمن. ومع فوز الديمقراطيين بالسيطرة على مجلس النواب الأمريكي الأسبوع الماضي، من المرجح أن يزداد الضغط.

ولكن في المناطق الريفية بالمملكة، حيث البطالة مرتفعة والفرص محدودة، فإن التغييرات الاقتصادية والاجتماعية التي أطلقها الأمير تعد أكثر أهمية.

وقال "عيد الشمري"، 68 عاما، وهو معلم متقاعد وعضو سابق في مجلس الشورى: "نأمل أن يقوم الملك سلمان بتسريع خطط التطوير لمشاريع مربحة ومناسبة لمنطقة حائل".

الملك أولا

وعلى مدى الأعوام القليلة الماضية، غالبا ما تلاشى الملك "سلمان" في الخلفية تاركا القيادة لابنه. وحاول "بن سلمان" جذب المستثمرين الأجانب، وتخفيف بعض القيود الاجتماعية، فيما قاد حملة قمع سياسية شهدت تهميش الأمراء الأقوياء من العائلة المالكة، إضافة إلى سجن النقاد والمعارضين.

ورغم أن هذه الإجراءات جعلت موقع "بن سلمان" في السلطة آمنا، إلا أن الصور الأخيرة أظهرت الملك في المقدمة والوسط ونجله يسير إلى جانبه. وقرأ بعض السعوديين ذلك كرسالة أن الملك "سلمان" لا يزال مسؤولا بقوة.

وفي البداية، توجه الوفد الملكي إلى مدينة القصيم، المنطقة المحافظة في المملكة العربية السعودية، حيث تم الإعلان عن عفتح مئات المشاريع التي تزيد قيمتها على 16 مليار ريال (4.3 مليار دولار).

ثم كانت منطقة حائل، وهي منطقة يسكنها نحو 700 ألف شخص، على بعد 6 ساعات بالسيارة من العاصمة، حيث يزرع المزارعون أشجار النخيل والبرتقال والزيتون والبطاطا، في المناخ الأكثر برودة نسبيا في المملكة.

وعندما وصل الملك، أضيئت المباني بألوان العلم السعودي، فيما تجمع مئات المواطنين لحضور حفل الترحيب.

وبالعودة إلى عام 2006، وبعد أن تولي العرش رسميا، قام الملك الراحل "عبدالله" بجولة في البلاد، وكشف عن مشاريع كبرى.

وفي حائل، التي عانت مثل العديد من المناطق السعودية من ضعف التنمية، أطلق مشروع "المدينة الاقتصادية" الكبير، الذي يهدف إلى تحويل المنطقة إلى مركز صناعي، لكن المشروع تراجع في وقت لاحق.

ومع انتشار الثورات عبر الشرق الأوسط عام 2011، ضخت الملكية السعودية عشرات المليارات من الدولارات في المنافع الاجتماعية والإسكان، واليوم ييدو أن الملكية السعودية تعود حاملة المزيد من الوعود إلى المناطق المهمشة للتغلب على أزماتها مجددا.