ملفات » قضية جمال خاشقجي

عدم معاقبة بن سلمان ستقوده لتصرفات مدمّرة

في 2018/11/20

صحيفة "واشنطن بوست" - ترجمة منال حميد -

اعتبرت صحيفة "واشنطن بوست" أن ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، شخصية متهوّرة لا يمكن أن تكون إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بحاجة لها، مشيرة إلى أن الفشل في التعامل معه ومعاقبته سيدعوه إلى مزيد من التصرفات المدمّرة.

وقالت الصحيفة في افتتاحيتها، اليوم الثلاثاء، إن إدارة الرئيس دونالد ترامب، وكبار مساعديه، يقولون إنهم يحاولون الوصول إلى قاع قضية مقتل الصحفي جمال خاشقجي، في مبنى قنصلية بلاده بإسطنبول، ومحاسبة جميع المسؤولين عنها.

وعلى الرغم من مساعيهم هذه فإنهم كانوا دائماً يؤكّدون أن أي عمل يجب أن يكون متّسقاً مع فكرة الحفاظ على العلاقة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة والسعودية، كما عبّرت عن ذلك وزارة الخارجية الأمريكية، السبت الماضي.

هذه الرسالة كانت واضحة، وفق ما تبيّن الصحيفة، فلا شيء يمكن أن يعكّر صفو العلاقة بين البيت الأبيض وبن سلمان، الشخصية الأكثر نفوذاً في السعودية، وهو ما دفع ترامب إلى مقاومة التقييم النهائي لوكالة المخابرات الأمريكية، الذي أشارت فيه بشكل لا لبس فيه إلى أن ولي العهد مسؤول عن إصدار أمر  القتل بحق خاشقجي.

وحتى الآن، تقول الصحيفة، مُنعت وزارة الخارجية من إعلان النتائج التي توصّلت إليها الولايات المتحدة بشأن القضية، رغم أن ترامب تحدّث بشكل غامض عن تقرير يصل إليه، هذا الأسبوع.

وتضيف "واشنطن بوست" أن إدارة ترامب على حق في القول إن العلاقة مع السعودية تعود إلى عهد الرئيس فرانكلين دي روزفلت، ومن ثم فإنها تستحقّ الحفاظ عليها، لكن ترامب يبالغ بأهمية هذا البلد الذي يحصل على الكثير من الولايات المتحدة أكثر مما يقدّم.

وترى الصحيفة أن إدارة ترامب تخلط -عن طريق الخطأ- بين النظام السعودي وبين بن سلمان، الذي يبلغ من العمر 33 عاماً، وامتلك خلال سنوات قليلة سجلاً سيئاً من الاستهتار.

وتتابع: "كما قلنا سابقاً؛ يبدو أن ترامب يبالغ في تقدير السعودية كمشترٍ للأسلحة، ومنتج للنفط، وحليف ضد إيران، علماً بأن النظام السعودي لا يفي بالتزاماته في ملفات مختلفة؛ فهو لم يكمل سوى جزء صغير من مشتريات الأسلحة البالغة قيمتها 110 مليارات دولار، وهو ما يؤكّده ترامب نفسه".

كما أن السعودية أعلنت أنها سوف تخفض إنتاجها من النفط على الرغم من أن ترامب كان يريد العكس؛ لسدّ النقص الحاصل في السوق جراء العقوبات الأمريكية على النفط الإيراني، وفق ما تقول الصحيفة.

أما فيما يتعلّق بالشراكة بين الولايات المتحدة والسعودية، فتقول "واشنطن بوست"، إن الرياض كانت عديمة الجدوى، بل هي أسوأ من ذلك؛ فهي لا تملك وجوداً كبيراً في سوريا، كما أن التدخّل العسكري الذي قاده بن سلمان في اليمن أدّى إلى أسوأ كارثة إنسانية، وأسهم في تعزيز موقف إيران هناك.

وفرض بن سلمان حصاراً متهوّراً على دولة قطر، التي تحتضن أكبر قاعدة عسكرية أمريكية في الشرق الأوسط، وهو أمر أسعد طهران كثيراً، في وقت احتجز فيه رئيس وزراء لبنان، سعد الحريري، الموالي لأمريكا، وفق ما توضح الصحيفة.

وبالنسبة إلى الغربيّين، تتابع الصحيفة، كان بن سلمان جيداً، وسحرهم بالحديث عن الإصلاح الديني والتحديث الاقتصادي، لكنه في الواقع تسبّب بأكبر ضرر للإصلاح الديني والاقتصادي، واحتجز عشرات السعوديين الليبراليين الذين يدعون للإصلاح، ومن ضمن ذلك النساء اللواتي طالبن بحق المرأة في قيادة السيارة، ومؤخراً أسكت صوت صحفي مؤثّر (خاشقجي) أيّد أهدافه ولكنه انتقد أساليبه.

وتختم الصحيفة افتتاحيّتها بالقول إن الولايات المتحدة لا يمكنها إجبار بن سلمان على التنحّي من السلطة، لكن من الممكن أن تعاقبه، خاصة أن الأسرة السعودية الحاكمة لا يمكنها هي الأخرى أن تتحمّل أن تؤدّي تصرّفاته إلى تدمير العلاقة القائمة مع الولايات المتحدة.

إذ إن معاقبة بن سلمان يمكن أن تؤدّي إلى مزيد من الاستقرار في السعودية والشرق الأوسط، أما الفشل في ذلك فإنه سيشجّع ولي العهد على تصرفات أكثر تدميراً.