وكالات-
قالت مسؤولة صفحة الرأي في صحيفة "واشنطن بوست"، كارين عطية، إن بيان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن قضية مقتل الصحفي جمال خاشقجي، "أخرق ومليء بالأكاذيب".
وتعهد ترامب، أمس الثلاثاء، بأن يظل "شريكاً راسخاً" للسعودية على الرغم من قوله إنه "قد يكون من الوارد جداً" أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان كان لديه علم بخطة قتل المعارض خاشقجي.
وجاء بيان ترامب على الرغم من أن وكالة المخابرات الأمريكية (سي آي إيه)، خلصت بثقة كبيرة إلى أن مقتل خاشقجي في الثاني من أكتوبر على يد عملاء سعوديين بمبنى قنصلية بلاده في إسطنبول، كان بأوامر من بن سلمان، الحاكم الفعلي للسعودية والذي يبلغ من العمر 33 عاماً.
وتابعت عطية، في مقال لها نُشر بالصحيفة الأمريكية، أن هناك أدلة متزايدة على مسؤولية ولي العهد عن جريمة القتل، فلقد سعى من أجل إجباره أو إغرائه بالعودة، وأظهرت الأدلة تورط كبار مستشاري ولي العهد في القضية ومنهم المستشار سعود القحطاني.
ويرى محللون، بحسب عطية، أن مثل هذه العملية ما كان لها أن تحدث لولا معرفة ولي العهد بها، وقال مسؤول بوزارة الخارجية الأمريكية، إنه من الواضح وبشكل صارخ أن بن سلمان أمر بالقتل.
وعلى الرغم من كل ذلك، تقول عطية، كرر ترامب الأكاذيب لتبرئة بن سلمان، داعياً المخابرات الأمريكية لمواصلة البحث في حقيقة القتل.
وتضيف الصحفية الأمريكية أن ترامب أعاد في بيانه الكذبة السعودية بأن جمال "كان عدواً للدولة"، وأن الولايات المتحدة ستقف بثبات مع الرياض، رغم أن نظامها قتل ومزق كاتباً يعيش بولاية فرجينيا.
ويبذل ترامب، كما تقول عطية، قصارى جهده لمساعدة النظام السعودي على الخروج من تهمة قتل خاشقجي، وإذا استمرت الإدارة الأمريكية في هذا الطريق فإنها ستدمر كل ما تبقى من مصداقية أخلاقية للولايات المتحدة.
وأضافت أن ذلك سيضع الباحثين عن الحقيقة والصحفيين الذين يجرؤون على تحدي النظام السعودي وغيره من الحكومات المتعصبة، في خطر جسيم.
وتنقل الكاتبة عن عبد الله العودة، الباحث السعودي في جامعة جورجتاون قوله: إنه "إذا سمحنا لقاتل بأن ينجو من جرمه لأن هناك إمكانية لعقد صفقات معه فإننا نعزز فقط فكرة أن المال يمكن أن يُسكت الجميع، وهذه رسالة خطيرة".
وتابعت: "يمكننا أن نحمي العلاقات مع السعودية على المدى الطويل من خلال بناء علاقات مع الشعب السعودي وغالبية العائلة الحاكمة، أو أن نخاطر بذلك من خلال حماية فرد قوي متورط في جريمة بشعة".
وتتابع عطية أن الحجة الساخرة والحزينة التي تقول إن الولايات المتحدة يمكن أن تسمح لولي العهد بالإفلات من جريمة القتل فقط حتى تتمكن واشنطن من بيع المزيد من السلاح للسعودية هي سياسة حمقاء.
وبينت أن السعودية ومن خلال تحالفها مع الإمارات شنت حرباً كارثية على اليمن، ما تسبب في أسوأ أزمة إنسانية منذ الحرب العالمية الثانية.
وعسكرياً كانت الحرب في اليمن فاشلة على الرغم من تدريب أمريكا للقوات السعودية واستخدامها للسلاح الأمريكي، فهذه القوات لم تحرز أي تقدم ضد مليشيات الحوثيين المدعومين من إيران، وفق ما قالت الكاتبة.
وتنتقد عطية أولئك الذين يجادلون بضرروة بقاء بن سلمان بأنه مصلحة وأهمية لاستقرار المنطقة، قائلة إن مثل هذا الكلام سمعناه سابقاً عن آخرين مثل موبوتو سيسي سيكو في الكونغو، وأوستو بينوشيه في شيلي، حيث أوهم أولئك الزعماء الديكتاتوريون أن وجودههم ضمانة للاستقرار، وهو نفس ما يروجه أنصار بن سلمان للغربيين.
وتختتم عطية بأنها نفس الحكومات التي تقول لشعوب هذه البلدان إن عليهم أن يبتسموا ويتحملوا القمع لأن البديل سيكون أسوأ، لقد تجرأ خاشقجي وقال ذات يوم إن مواطني بلاده يستحقون أفضل من عمليات القمع التي يشنها بن سلمان، فكان ثمن ذلك حياته.